

أفاد كلود بوتين النائب السابق لرئيس محكمة روان القضائية في مداخلة على قناة فرنسية أن القضاء الفرنسي خاضع لتعليمات الحكومة قائلا: “القضاة بفرنسا ليسوا مستقلين لا يمكن للمرء أن يثق في عدالة بلده”.
وأكد المتحدث أن هناك ضغوطًا في الداخل والخارج تمارس على القضاة لاتخاذ القرارات، مبرزا أن القوى السياسية هي التي تحدد مجرى العدالة. “حيث يتم دائما إخضاع العدالة للسلطة”.
وأضاف القاضي بأن استقلالية قضاة التحقيق ليست سوى خدعة يرميها المرء تحت أنوف المغفلين الذين يثقون في عدالة بلدهم. مضيفا: “يتم سحب الملفات من القضاء في كل مرة تكون التهم موجهة لأحد المنتخبين”.
“في إحدى القضايا التي اتهم فيها نائب، انتظر المدعي تلقي التعليمات بالفاكس من الوزارة لمعرفة ما إذا كان سيقاضيه أم لا، وانتظر يومين لتلقي الضوء الأخضر من الوزارة وقام بتوجيه تهمة للمنتخب السالف الذكر” . يقول ذات القاضي.
وأكد القاضي أن قاضي التحقيق بفرنسا يخضع بشكل خاص لضغوط تراتبية من المدعي العام الذي سماه “بالجندي الصغير للوزير”. مضيفا: “أنا كقاض لا أثق بالعدالة ببلدي ولا يمكن لأي محام جدير بهذا الاسم بفرنسا أن يقول ما إذا كان يمكنه الفوز بقضيته.
ويشير استطلاع للرأي، أجراه المعهد الفرنسي لدراسات الرأي والتسويق بفرنسا والعالم (IFOP)، سنة 2022، أن 73 في المائة من الفرنسيين يعتبرون نظامهم القضائي يعمل بطريقة سيئة، وهي نسبة جد مرتفعة تعد سابقة في تاريخ البلد، ولم تسجل منذ ستينيات القرن الماضي.
في نفس السياق، كشفت دراسة حديثة لنفس المعهد، أن 53 في المائة من الفرنسيين لا يثقون في نظامهم القضائي، وهو ما أكدته تصريحات سابقة أدلى بها نائب رئيس المحكمة القضائية لمدينة روان الفرنسية.
والمفارقة الغريبة، هي التصرفات الصادرة عن هذا البلد، التي تشير جميع الإحصائيات والدرسات الى قصور نظامه القضائي، حيث لا يفوت أي فرصة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان ذات سيادة، بل ولا يجد حرجا في لعب دور دركي العالم، لينطبق عليه المثل القائل أن الجمل لا يرى إعوجاج رقبته، ولو رأى حدبته لوقع وكسر رقبته.
ويشار إلى أن القاضي كلود بوتين قد أصدر مؤلفا يحمل اسم “Ne faites jamais confiance à la justice de votre pays”، يكشف فيه أسرار العدالة الفرنسية وتحكم السياسة في القرارات القضائية للمحاكم الفرنسية.