قرار البرلمان الأوروبي.. شطحات الديك الفرنسي المذبوح متواصلة – برلمان.كوم

استمعوا لبرلمان راديو

14:48 - 20 يناير 2023

قرار البرلمان الأوروبي.. شطحات الديك الفرنسي المذبوح متواصلة

برلمان.كوم - خالد أنبيري

تواصل فرنسا مساعيها بكل الطرق لفرملة المغرب وعرقلته بعدما أضحى قوة إقليمية صاعدة، فرضت مكانها داخل محيطها الإقليمي وأصبحت مستثمرا قويا بالعديد من الدول الإفريقية وعلى صعيد مجموعة من القطاعات، في وقت كانت فرنسا ولازالت تعتبر هذه الدول مستعمرات تنهب خيراتها وثرواتها، قبل أن تشرع شعوب هذه الدول في طردها من على أراضي بلدانهم.

ويواصل الديك الفرنسي المذبوح مؤخرا بكل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، شطحاته، من أجل أن يلملم بعضا من كرامته وكبريائه المجروح أو بالأحرى المذبوح، بعدما أصبح منبوذا في القارة الإفريقية التي ظل يقتات مما تنبت أرضها ومن خيراتها، حيث يواصل هجوماته على المغرب الذي أصبح منافسا شرسا لفرنسا بإفريقيا، بل أصبح شريكا استراتيجيا لدول كانت تظنها باريس تابعة لها.

فرنسا وعلاقتها بقرار البرلمان الأوروبي

فقرار البرلمان الأوروبي الصادر أمس الخميس، والذي تضمن مجموعة من الإملاءات عبارة عن توصيات تحاول فرنسا من خلالها إجبار المغرب على الرضوخ إليها، معتقدة بأن المغرب هو تونس أو الجزائر اللذان ينفذان كل ما تمليه عليهما، ومتناسية أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وأنها مهما حاولت ومهما أصدرت من تقارير وقرارات عبر اللوبيات التابعة لها داخل البرلمان الأوروبي وعبر المنظمات التي تدعي اشتغالها في مجال حقوق الإنسان، فلن تصل لمساعيها ولن تسطيع إيقاف الوثيرة التي يمشي بها المغرب سواء داخليا أو بمحيطيه الإفريقي والدولي.

وبالعودة إلى كواليس استصدار قرار البرلمان الأوروبي بخصوص ما أسماه وضعية الصحافيين بالمغرب، وهو في الحقيقة لم يتطرق فقط لوضعية الصحافيين وحقوق الإنسان في المغرب بل ذهب للحديث عن أحداث الحسيمة 2018 وعن ملف الصحراء المغربية، لدرجة أن من اقترحوا هذا القرار كانوا يبحثون عن أي شيء لإدانة المغرب وفقط، فإن ستيفان سيجورنيه، النائب الفرنسي بالبرلمان الأوروبي، والمستشار السابق للرئيس إيمانويل ماكرون، والأمين العام لحزب الجمهورية إلى الأمام، حزب النهضة حاليا (حزب الرئيس ماكرون)، هو من قاد الحملة لحشد الأصوات على القرار المذكور وتمريره، وهذا بطبيعة الحال لا يمكن أن يتم إلا بموافقة الرئيس ماكرون ومن أوصله لقصر الإيليزيه، الشيء الذي يكشف الخبث والحقد الفرنسي تجاه المغرب.

فرنسا ومنظماتها التي تدعي الاشتغال بمجال حقوق الإنسان وبيغاسوس

إن فرنسا مستعدة لفعل أي شيء من أجل إيقاف المغرب، فقد سبق وجيشت منظمات تستغل حقوق الإنسان لابتزاز الدول والضغط عليها، من خلال إصدار تقرير بيغاسوس، واتهمت من خلاله منظمتي فوربيدن ستوريز والعفو الدولية (أمنستي) المغرب بالتجسس على صحافيين وسياسيين وحقوقيين، وروجته بشكل كبير عبر إعلامها الرسمي والتابع للدولة العميقة بفرنسا، دون أن تصل لأهدافها، حيث نجح المغرب في إفشال مناوراتها وأظهر للعالم أن الأمر ليس سوى محاولة يائسة من فرنسا لتوريط المغرب ولاستهداف بالأساس مؤسساته الأمنية التي تظل غصة في حلق فرنسا.

لقد حاولت فرنسا عبر تقرير بيغاسوس استهداف المؤسسة الأمنية المغربية من خلال اتهامها بالتجسس، دون أن تستطيع هاته المنظمات ووسائل الإعلام التي سخرتها فرنسا لمهاجمة المغرب تقديم أدلتها عن ادعاءتهم بعدما رفع المغرب شكوى للقضاء، الشيء الذي أفشل مناورتهم، وها هي فرنسا اليوم بهذا القرار الذي استصدرته عبر لوبياتها من البرلمان الأوروبي تحاول التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب والمس بمؤسسته القضائية.

التأشيرات والأزمة الصامتة وإنهاء مهام السفيرة الفرنسية بالرباط مقابل سحب المغرب لسفيره بباريس

وبعدما أفشل المغرب محاولات فرنسا باستعمالها لمنظمات حقوقية وإعلامها، لجأت مرة أخرى وهذه المرة عبر مؤسساتها الرسمية إلى اتخاذ قرار اعتبره المغرب سياديا ولا يمكنه التدخل فيه، ويتعلق بتقليص التأشيرات الممنوحة للمغاربة، وهو الأمر الذي تعامل معه المغرب ببرودة وبشكل عادي، حيث لم يعر الأمر اهتماما، بعدما ظنت فرنسا أنها ستجبره بهذا القرار على الجلوس معها والتفاوض من أجل إلغاء القرار المذكور.

ومباشرة بعدما أحست فرنسا بأن مناورتها بخصوص موضوع التأشيرات لم تؤت أكلها، لجأت لإنهاء مهام سفيرتها في الرباط، هيلين لوغال، بعد مرور ثلاث سنوات من تواجدها على رأس البعثة الفرنسية في المغرب، وتم تعيينها في مهمة دبلوماسية جديدة من قبل قصر الإليزيه، كمسؤولة عن “الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية” في الاتحاد الأوروبي.

وبعد مرور أيام قليلة على إقدام فرنسا على إنهاء مهام سفيرتها بالرباط، قام المغرب وبطريقة ذكية بسحب سفيره في باريس، محمد بنشعبون، وتعيينه مديرا عاما لصندوق محمد السادس للاستثمار، وهي خطوة أكدت البرود الذي تعرفه العلاقات بين الرباط وباريس، وخطوة ردّ بها المغرب على فرنسا بطريقة ذكية وبدون بهرجة.

زيارة وزيرة الخارجية وتعيين سفير جديد وحل مشكل التأشيرات

بعدما تيقنت فرنسا أن كل مناوراتها تجاه المغرب باءت بالفشل، أرسلت وزيرة خارجيتها كاترين كولونا، للرباط، منتصف الشهر الماضي، لتعلن عن انتهاء أزمة التأشيرات وعودة الوضع المرتبط بمنحها لسابق عهده، وهو القرار الذي اعتبره المغرب على لسان وزير الخارجية، ناصر بوريطة قرارا أحادي الجانب يحترمه المغرب ولن يعلق عليه رسميا.

وتلا خطوة الإعلان عن حل أزمة التأشيرات بعدما لم يتحقق ما كان مرجوا منها لفرنسا، تعيين سفير جديد لباريس بالرباط، وهو كريستوف لوكورتييه الذي حل بالعاصمة الرباط يوم 27 دجنبر الماضي، وشرع في مهامه الدبلوماسية، وهي الخطوة التي لم يتفاعل معها المغرب بشكل رسمي، خصوصا وأن منصب سفير المغرب بفرنسا لازال إلى الآن شاغرا ولم يتم تعيين أي مسؤول فيه، وهي رسالة من المغرب الذي يراقب من بعيد رقصات الديك الفرنسي المذبوح.

فبعد كل هاته الشطحات والمناورات لم تستطع فرنسا النيل من المغرب وإجباره على الخضوع لإملاءاتها، وهو الذي ظل ولازال يمشي واثقا وبخطوات ثابتة في علاقاته الدولية وفق سياسة مبنية على المصالح المشتركة، مع القطع مع زمن التبعية السياسية والاقتصادية، والعمل بمبدأ “رابح رابح” و”الند للند” مع الدول التي كانت حتى الأمس القريب تعتقد بأنها وصية على دول القارة الإفريقية، قبل أن تعي أن قواعد اللعبة تغيرت، وأن عالم اليوم ليس هو عالم الأمس، وهو ما جعل بعضا من هذه الدول كإسبانيا وألمانيا اللتان فهمتا الأمور جيدا تعود إلى رشدها وتتوقف عن مثل هذه الممارسات التي لازالت فرنسا تقوم بها، معتقدة أنها ستصل عن طريقها لمساعيها وأهدافها مع المغرب.

اترك تعليقا :
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *