

نواصل رفقتكم متابعينا وقراءنا الأعزاء بموقع “برلمان.كوم” حلقات سلسلة “قضيتنا الوطنية” طيلة هذا الشهر المبارك، حيث نصل اليوم للحلقة السابعة التي سنحاول خلالها الحديث عن نجاح الدبلوماسية المغربية وفشل خطط الجزائر في حشد الدعم لمخططها الانفصالي الساعي للمس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، بل ونجاح الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس في كشف حقيقة نظام العسكر بالجارة الشرقية للعالم الشيء الذي تسبب في عزله عربيا وإقليميا.
لقد تبنى المغرب في تعاطيه مع قضية الصحراء المغربية سياسة العمل والتقدم للأمام دون الالتفات إلى الخلف وكذا تبني سياسة الآذان الصماء تجاه كل ما يصدر عن حكام وإعلام الجارة الشرقية من ترهات وحماقات، فالمغرب بقيادة الملك محمد السادس الذي ظل حتى الأمس القريب يتبنى سياسة اليد الممدوة للجزائر وحكامها للعمل سويا على خلق تكثل قوي يعود على شعوب منطقة المغرب الكبير بالنفع، كثف من عمله الدبلوماسي وجعل كابرانات الجزائر يعيشون على أعصابهم ويكتفون من حملاتهم العدائية تجاه المغرب، دون أن يحققوا مساعيهم، بل اكتشف الجميع نواياهم وأهدافهم الانفصالية والإرهابية في المنطقة.
ففي الوقت الذي رفع نظام العسكر من وثيرة حملاته العدائية تجاه المملكة منذ الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، واجه المغرب هذه الحملات بزيادة وثيرة عمله دبلوماسيا وحشد الدعم لملف قضية الصحراء المغربية، محققا نجاحات تلو الأخرى، وإلى جانب ذلك تلقى حكام الجزائر ضربات موجعة متتالية، كشفت أن هذا البلد الذي يدعي حكامه العسكريون بأنه لا تربطهم أية صلة بملف الصحراء المغربية وأنهم ليسوا طرفا رئيسيا فيه، في وقت يدرك الجميع أنهم هم المحرك الرئيسي لهذا النزاع المفتعل وهم الداعم لعصابة البوليساريو الانفصالية.
القرار الأممي 2602 انتصر لمغربية الصحراء وألزم الجزائر بالجلوس على طاولات المفاوضات كطرف رئيسي في هذا النزاع المفتعل
شكل القرار الأممي 2602 الذي تبناه مجلس الأمن بتاريخ 31 أكتوبر 2021 والمتعلق بملف الصحراء المغربية، والذي أقر تمديد ولاية بعثة المينورسو بالصحراء المغربية لعام إضافي بعدما سعت الجزائر ودميتها عصابة البوليساريو نحو عدم تمديد ولاية البعثة، ناهيك أيضا على دعوة القرار الأممي أطراف هذا النزاع المفتعل بالجلوس لطاولة المفاوضات واستئناف الحوار السياسي الذي توقف بعد استقالة المبعوث الأممي السابق هورست كوهلر، وألزم الجزائر بالجلوس للحوار باعتبارها طرفا رئيسيا في النزاع، في الوقت الذي ظلت تدعي بأنها ليست كذلك، (شكل) ضربة أخرى تتلقاها الدبلوماسية الجزائرية على أيدي نظيرتها المغربية.
لم يكن القرار الأممي 2602 في حد ذاته ضربة لأعداء الوحدة الترابية، بل الضربة الموجعة كانت في تفاصيل هذا القرار وما رافقه من أحداث كشفت الحالة التي توجد عليها الدبلوماسية الجزائرية وما تتعرض له من نظيرتها المغربية، فلقد صوت لصالح هذا القرار 13 دولة من أصل 15 المكونة لمجلس الأمن، بينها أربع دول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة مشروع القانون وبريطانيا وفرنسا والصين، فيما امتنعت تونس وروسيا التي تعتبر حليفا أساسيا للجزائر عن التصويت والتزمت الحياد، مما شكل ضربة قوية لنظام العسكر الجزائري الذي كان يعول على روسيا لإشهار حق الفيتو أمام هذا القرار وبالتالي التصدي له.
الدبلوماسية المغربية تنجح في عزل الجزائر عربيا وإقليميا
لقد نجحت الدبلوماسية المغربية في عزل الجزائر عربيا وإقليميا، حيث تجلى ذلك في عدم نجاح الجارة الشرقية في إقناع الدول العربية لتنظيم القمة العربية التي كان من المنتظر أن تحتضنها الجزائر منذ مدة، بيد أن الموقف العدائي والهجمات المتكررة لنظام العسكر على المغرب جعلت الدول العربية تتريث لإعطاء الموافقة للجزائر للمشاركة في هذه القمة، رغم أن شرف تنظيمها منح لها منذ مدة.
لقد تجلت العزلة العربية التي باتت تعيشها الجزائر في المواقف الداعمة للدول العربية لمغربية الصحراء، حيث أكد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على مواقفه وقراراته الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء والحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها، في بيانه الختامي للقمة ال42 لمجلس التعاون الخليجي التي انعقدت في الرياض يوم 14 دجنبر المنصرم برئاسة المملكة العربية السعودية.
فإلى جانب العزلة العربية التي أصبحت تعيشها الجزائر، أصبح نظام العسكر منبوذا بالمنطقة وأصبح رمزا لـ”اللاسلم” واللاأمن بمنطقة الساحل والصحراء، خصوصا وأنه يحتضن عصابة انفصالية على أراضيه ووضع يده في أيدي حزب الله الإرهابي وإيران ومنح لهم فرصة التواجد بالمنطقة، مما جعل معظم الدول الأفريقية تعيش حالة من اللااستقرار.
إن التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري الصوري عبد المجيد تبون أمام وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكن خلال زيارته للجزائر كشفت بالملموس العزلة الإقليمية التي تعيشها بلاده، حيث توجه إليه بالقول بلغة الشكوى بعدما استفاض في كلام كله تهجم على المغرب: “هذه هي بيئتنا، نحن محاطون بدول لا تشبهنا كثيراً باستثناء تونس. لهذا السبب لدينا علاقات وثيقة للغاية معها لأن لدينا أوجه تشابه في العديد من المجالات. وإلا فإن كل حدودنا مشتعلة: ليبيا المزعزعة؛ وبعدها هناك منطقة الساحل بأسرها مثل تشاد وبوركينا فاسو ومالي والنيجر. وحتى موريتانيا ليست بتلك القوة. وفي الجوار لدينا المملكة المغربية حيث شهدت علاقاتنا دائمًا تقلبات منذ استقلالنا. إنها ليست حديثة. ليس بسبب قضية الصحراء المغربية”.
إن الدبلوماسية المغربية رفعت في الآونة الأخيرة من حدة عملها وحشدت المزيد من الدعم لقضيتنا الوطنية، ملحقة بذلك هزائم متوالية بنظام العسكر الجزائري، الذي ظل ولازال يحاول المساس بالوحدة الترابية للمغرب وسيادته على أراضيه بالصحراء المغربية، من خلال دعم عصابة البوليساريو واحتضانها لعقود طويلة، دون أن ينجح في ذلك. فخلال هذه الحلقة تطرقنا لبعض هذه الهزائم بحكم أن الوقت لا يسعفنا للحديث عنها كلها، حيث لن تكفينا حلقات وحلقات لبسطها لمتابعينا، وقد تأتي فرص أخرى مسقبلا للحديث عنها، على أن نلتقي في الحلقة المقبلة من هذه السلسلة لمقارنة الأوضاع في المغرب مع نظيرتها في الجزائر وكيف تسببت قضية وحدتنا الترابية في إنهاك خزينة الجارة الشرقية.