قمة جدة ولم الشمل.. عودة لما قاله الملك محمد السادس بكل جرأة في قمة الرياض 2016 ونبّه إليه العرب – برلمان.كوم

استمعوا لبرلمان راديو

17:02 - 24 مايو 2023

قمة جدة ولم الشمل.. عودة لما قاله الملك محمد السادس بكل جرأة في قمة الرياض 2016 ونبّه إليه العرب

برلمان.كوم - خالد أنبيري

تّوجت القمة العربية التي احتضنتها مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، بعودة سوريا لمقعدها بجامعة الدول العربية بعد غياب دام 11 عاما، على خلفية الاحتجاجات التي تحولت إلى نزاع دام، خلال فترة ما بات يعرف لدى الرأي العام بالربيع العربي، إضافة إلى مضمون إعلان جدة الذي يوحي بإمكانية التفعيل الحقيقي لشعار لم شمل العرب، بعد المواقف الإيجابية للدول العربية مؤخرًا، والتي ستساهم بدون أدنى شك، في زيادة التعاون بين دول المنطقة وتوفير مناخ سياسي إقليمي يمكن البناء عليه لتجاوز المطبات التي تقف عائقا أمام تكتل عربي قوي لمواجهة التحديات العالمية المشتركة.

الحديث عن قمة جدة ومخرجاتها يجرّنا لاستحضار الخطاب التاريخي غير المسبوق الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام القمة المغربية الخليجية يوم 20 أبريل 2016، والذي تحدث فيه بكل صدق وقال فيه ما لم يجرأ أحد على قوله في ذلك الوقت، بعدما شخّص فيه الوضع الذي تتخبط فيه المنطقة العربية من قتل وتشريد وتهجير لأبناء الوطن العربي تحت ذريعة الثورة، ونبّه فيه الأنظمة العربية التي لم تشملها زوبعة ما سمي بالربيع العربي إلى المؤمرات التي تحاك ضدها وتستهدفها لوضع اليد على خيرات بلدانها.

خطاب تاريخ وصريح سمى الأشياء بمسمياتها وتنبأ بما وقع طيلة الفترة الماضية..

لقد تنبأ الملك محمد السادس خلال القمة المغربية الخليجية، بفضل البصيرة والشعور الطويل الأمد والقراءة المتبصرة للدولة المغربية للأحداث التي تشهدها الساحة، بما ستؤول إليه الأوضاع في العديد من الدول العربية، ووجه رسالة تحذيرية قوية إلى أعضاء القمة آنذاك منبها إياهم للمناورات والمؤامرات التي تتخذ مظاهر وأشكالا مختلفة، هدفها واحد هو تغيير ما بقي من الأنظمة العربية بعد الإطاحة بالبعض منها في وقت سابق تحت غطاء الحداثة والديمقراطية وزعزعة الأمن والاستقرار للتجارب الناجحة في المنطقة.

وقد استهل الملك خطابه آنذاك أمام الحاضرين بالتساؤل، “لماذا هذه القمة الأولى من نوعها ولماذا اليوم؟” قبل أن يجيب عنه ويؤكد أنها قمة لإعطاء دفعة قوية للشراكة المغربية الخليجية التي ليست وليدة تلك الفترة، والتي بلغت أيضا درجة من النضج وأصبحت تفرض تطوير إطارها المؤسسي، وآلياتها العملية.

وإذا كان الملك محمد السادس يغيب منذ مدة عن القمم العربية التي تنظمها جامعة الدول العربية ويكتفي بإرسال وفود لتمثيله، فلأنه يؤمن كما أكد على ذلك في خطابه أمام القمة المغربية الخليجية أن العمل العربي المشترك، لا يتم بالاجتماعات والخطابات ولا بالقمم الدورية الشكلية، أو بالقرارات الجاهزة، غير القابلة للتطبيق، وإنما يتطلب العمل الجاد، والتعاون الملموس، وتعزيز التجارب الناجحة، والاستفادة منها، وفي مقدمتها التجربة الرائدة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي.

وإذا كان العرب اليوم بعد قمة جدة يتحدثون عن لم الشمل والتوافق وبدء صفحة جديدة تقوم على العمل المشترك، فإن الملك محمد السادس كان سباقا للدعوة لذلك، ونادى بذلك مرارا وتكرار قبل أن تصل بلدان عربية للحالة التي عليها اليوم، حيث كانت القمة المغربية الخليجية فرصة لتجديد ندائه ودعواته للاتفاف والاتحاد والتكتل، مؤكدا على أن التعاون العربي “رسالة أمل لأنفسنا، وإشارة قوية لشعوبنا، على قدرتنا على بلورة مشاريع تعبوية مشتركة”.

الملك محمد السادس ينبّه لمحاولات جهات معينة تقسيم دول عربية وتغيير أنظمتها

لقد تحدث الملك محمد السادس أمام القمة العربية الخليجية بشكل صريح وبكل جرأة، ونبّه مجموعة من الدول اليوم وصلت لحالات من الانقسام والتشردم وتعيش أوضاعا سياسية صعبة، كالسودان واليمن وتونس إضافة إلى سوريا والعراق وليبيا التي كانت من الدول التي عاشت الانقسام من قبل، مشيرا حينها إلى أن القمة المغربية الخليجية تأتي في ظروف صعبة، تعيش خلالها المنطقة العربية على وقع محاولات تغيير الأنظمة وتقسيم الدول، كما هو الشأن في سوريا والعراق وليبيا، مع ما يواكب ذلك من قتل وتشريد وتهجير لأبناء الوطن العربي.

وقال الملك محمد السادس في خطابه حينها: “فبعدما تم تقديمه كربيع عربي، خلف خرابا ودمارا ومآسي إنسانية، ها نحن اليوم نعيش خريفا كارثيا، يستهدف وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية، ومحاولة ضرب التجارب الناجحة لدول أخرى كالمغرب، من خلال المس بنموذجه الوطني المتميز”، مؤكد آنذاك أن المغرب يحترم سيادة الدول، ويحترم توجهاتها، في إقامة وتطوير علاقاتها، مع من تريد من الشركاء و “لسنا هنا لكي نحاسب بعضنا على اختياراتنا السياسية والاقتصادية” يقول الملك محمد السادس.

ونبّه الملك في خطابه الدول الخليجية وعبرهم باقي الدول العربية أن هناك تحالفات جديدة، قد تؤدي إلى التفرقة، وإلى إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، مؤكدا أنها في الحقيقة، محاولات لإشعال الفتنة، وخلق فوضى جديدة، لن تستثني أي بلد. وستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة، بل وعلى الوضع العالمي.

حينما أجاب الملك محمد السادس أمام القمة العربية الخليجية على سؤال “ماذا يريدون منا؟”

فخلال جوابه على سؤال ماذا يريدون منا؟، نبّه الملك محمد السادس الحاضرين للقمة العربية الخليجية إلى أن دول الخليج العربي والمغرب والأردن تواجه مؤامرات تستهدف المس بأمنهم الجماعي، وأن الأمر واضح ولا يحتاج إلى تحليل، مؤكدا أنهم يريدون المس بما تبقى من البلدان العربية، التي استطاعت الحفاظ على أمنها واستقرارها، وعلى استمرار أنظمتها السياسية، وأقصد هنا يضيف الملك محمد السادس في خطابه “دول الخليج  العربي والمغرب والأردن، التي تشكل واحة أمن وسلام لمواطنيها، وعنصر استقرار في محيطها”.

وأكد الملك محمد السادس أن هذه الدول تواجه نفس الأخطار، ونفس التهديدات، على اختلاف مصادرها ومظاهرها، مشدّدا على أن دفاع هذه البلدان عن أمنها نا ليس فقط واجبا مشتركا، بل هو واحد لا يتجزأ، مشيرا آنذاك إلى أن المغرب يعتبر دائما أمن واستقرار دول الخليج العربي، من أمن المغرب، قائلا: “ما يضركم يضرنا وما يمسنا يمسكم”.

لقد كانت رسائل الملك محمد السادس للدول العربية الخليجية واضحة وبلغة سلسة، ظهر مع مرور الوقت أن الدولة المغربية بقيادته كانت لها رؤية متبصرة للأوضاع، وكشفت أن من كانوا يستهدفون الدول العربية هدفهم هو تقسيمها والإطاحة بأنظمتها لجعلها في خدمتهم، وها نحن اليوم نرى وبعد سنوات من الاقتتال والدمار في سوريا، كيف أنها عادت لمقعدها بالجامعة العربية بعد غياب لأزيد من عقد من الزمن دون أن تنتفي الأسباب الذي أدت لطرد النظام السوري من الجامعة آنذاك. هذه العودة التي تزامنت مع استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، وهو ما يفسر أن هذه الأخيرة التي تضمر الشر للدول الخليجية وبعض الدول العربية لعبت دورا كبيرا في تأجيج الأوضاع في مجموعة من هذه البلدان كسوريا ولبنان واليمن، وسعت للمس بأمن دول الخليج والمغرب واستهداف سيادتهم على أراضيهم من خلال دعم جماعات انفصالية مسلحة، من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها عبر الابتزاز.

اترك تعليقا :
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *