الأخبارمجتمعمستجدات

كذبة حامضة: الحياة تتوقف في المغرب أثناء بث الكاميرا الخفية في القناة الثانية!!

الخط :
إستمع للمقال

حموضة لا تضاهيها إلا حموضة وسفاهة بعض برامج رمضان التي حولتها القناة الثانية إلى وسيلة لاستغباء المغاربة عبر الإعلان عن أرقام مبالغ فيها حول حجم الإقبال والمشاهدة في لحظة بث فقرة الكاميرا الخفية التي تعمل على الاستخفاف بذكاء المغاربة أجمعين.

فقد روجت الجهات المسؤولة عن هذه القناة بأن حجم الإقبال على مشاهدة  طبخة الكاميرا الخفية “المخدومة” يفوق 11 مليون ونصف المليون في كل حلقة، وهذا ما يفرض وقفة واعية حول منهجية إنجاز هذه الإحصائيات والتأكد من مصداقيتها.

فإذا كان سليم الشيخ مدير هذه القناة يطبخ الأكلة بيديه، ويغدق عليها الكثير من المديح والإطراء المبالغ فيهما، فعليه أن يراجع أوراقه واحصائياته قبل ان يواجهه المغاربة بردود أفعال قوية حول حقيقة بعض إنتاجاته التلفزية وتفاهة مضامينها، ومنها أنه لا يتعب طيلة العام من استجلاب المسلسلات التركية المدبلجة التي تحتقر ذكاء المشاهد المغربي، وتضرب عرض الحائط بثقافته وبحضارته وبذوقه.

لقد كشفت جهات سبق أن شاركت في كاميرا سليم الشيخ “غير” الخفية لموقع برلمان.كوم بأن الضحية المفترض في هذا النوع من البرامج يتم إخباره مسبقا بسيناريو الفقرة، ويتقاضى “كاشي” (تعويض) عن الدور الذي يؤديه و “مريضنا ما عندو باس”. شركات الإنتاج، الصحافة وحتى إدارة دوزيم تعلم أنه ليس هنالك كاميرا خفية ولا هم يحزنون، وكل ما في الأمر أن قناة سليم الشيخ تخدع مشاهديها خلال شهر رمضان الكريم لتحصد حصة الأسد من الإشهار. وحتى إذا حاولنا التعامل مع أرقام دوزيم بافتراض كونها صحيحة، سنكتشف مدى التفاهة والغباء في عملية نشر مثل هذه المعطيات.

إن الجميع يعلم ان عدد المشاهدين في المغرب يتوزعون على عدد كبير من القنوات الوطنية والدولية إضافة الى الإذاعات وباقي وسائل التواصل الاجتماعي ، ولنفترض أن عدد المشاهدين، المؤهلين، في ساعة الفطور، للجلوس أمام هذه الوسائل كاملة هو 16 مليون شخص من نسمة المغرب، وأن اغلبية هذا العدد تكون حينها ملتفة حول طاولة الإفطار، بالموازاة مع بث الكاميرا الخفية. ليتقلص العدد بالضرورة إلى ما يقرب من النصف، فيصبح حوالي 8 مليون مشاهد، موزعين على كل القنوات الدولية والإذاعات ووسائل التواصل الاجتماعي كاليوتوب والفايسبوك والانستغرام وغيرها ، علما أن هذه الأخيرة تأخذ لدى فئات الشباب حيزا من الاهتمام أكبر بكثير من التلفزة، أراد من أراد وكره من كره.

وانطلاقا من هذه الاستنتاجات الجلية، نتوجه الى القناة الثانية لنسائلها بوضوح: هل يترك المولعون بكرة القدم، علما أنهم بالملايين، مقابلات البطولة الاوروبية التي تشد انظار المغاربة، بل أنظار العالم في كل القارات، ليفضلوا  كاميرا سليم الشيخ المخدومة في تلك الأوقات؟،هل تتوقف حياة المغاربة جميعا أثناء بث الكاميرا الخفية في قناتكم الثانية، فيهاجر المغاربة اعمالهم وصلواتهم وهواياتهم وأهاليهم ليتخندقوا حول التفاهة والإسفاف؟، هل تقفل المطاعم والفنادق أبوابها أمام الراغبين في تناول الفطور بها في تلك الاوقات، ام أنها تضع امامهم شاشات تلفزية ليتفرجوا من خلالها على القناة الثانية، واعينهم مشدودة الى الكاميرا الخفية عوض الاكل والشرب والخدمات التي تقدمها هذه المطاعم في تلك اللحظة ؟، هل يشترط عشرات الآلاف من الفقراء والمساكين وابناء السبيل على أهل الخير من المتصدقين والجمعيات والمنظمات التي تتكفل بإفطارهم إحضار التلفزة بالموازاة مع وجبات الفطور؟، هل تتوقف حركة السير والنقل في مختلف طرق وسكك المغرب، بكل سياراتها وشاحناتها وحافلاتها وقطاراتها، إلى ان تعرض أمامهم القناة الثانية انتاجاتها في لحظة الفطور ثم يتابعون طرقهم؟، اليس هناك من يؤدي صلاة المغرب حينها في المساجد؟، أليس هناك من يئن حينها مرضا أومن يعمل على إنقاذ حياة مريض بإحدى المستشفيات او يسهر على ضمان الأمن  في الشوارع والطرقات؟، هل كل المواطنين في البوادي والمدن والجبال والأودية يحدقون في تلك اللحظة أمام التلفزيون؟، اليس هناك عشرات الآلاف من الجنود المغاربة الذين يرابطون للدفاع عن أمن المغاربة بالحدود بعيدين عن قناة عين الشق وما تخفيه؟،هل تقفل المطارات والموانئ ومحطات القطارات، والمحطات الطرقية إلى ان تنتهي كاميرا سليم الشيخ؟، أين حظوظ القنوات الإخبارية الأخرى، والقنوات العربية والدولية، والإم بي سي5 التي تقول أن الإقبال عليها بملايين المغاربة، وأنها تنال استحسان واهتمام الكثير من المشاهدين؟.

وأخيرا، فإذا كنتم لا تستحيون من الأرقام المستحيلة التي تروجون لها، خاصة وأنها تعطي الانطباع، لدى القارئ الأجنبي، بأن عدد سكان المغرب يفوق 100 مليون نسمة،لكي تتحقق تلك الاحجام والنسب المبالغ فيها، وإذا كانت هذه الممارسات والانتاجات الهزيلة لا تخجلكم، فنتمنى أن تحتموا بالصمت الحكيم على الأقل، فهو خير لكم كي لا تتحولوا الى مسخرة بين العباد.    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى