الأخبارخارج الحدودمستجدات

كيف تقوم إيران بإنشاء شبكة إرهابية عالمية ضد إسرائيل؟

الخط :
إستمع للمقال

كشفت صحيفت “دي فيلت” الألمانية في تحقيق لها نشرته أمس الخميس، أن إسرائيل لا تتعرض للهجوم من جيرانها فحسب، بل من العديد من البلدان، مشيرة إلى أن حصلت على معلومات استخباراتية تقود أثارها إلى منطقة الصحراء، هناك تتشكل ميليشيا ضد إسرائيل وقادتها يناقشون على الهاتف خطط مثيرة للقلق.

كريستين كنش

وأوضحت الصحيفة في مستهل تحقيقها أنه ومنذ بداية حرب غزة وأعداء إسرائيل يتباهون على بعضهم البعض بأوهام الفناء – وبعضهم انتقل إلى العمل بتقديم الدعم لحماس. نيران منظمة حزب الله الإرهابية تطلق الصواريخ على إسرائيل، فيما الإرهابيون يحاولون يوميا التسلل إلى البلاد عبر الشمال. وقد تم إجلاء السكان القاطنين من الحدود اللبنانية.

وبحسب تقارير صحفية أعلن مسلحون من سوريا دعم القتال ضد إسرائيل. الحوثيون في اليمن أعلنوا رسميا الحرب ضد إسرائيل بإطلاق صواريخ بعيدة المدى وطائرات بدون طيار على جنوب إسرائيل. غير أنه تم استهدافها مباشرة من طرف سفينة عسكرية أمريكية. وفي العراق تهاجم الميليشيات الشيعية القواعد العسكرية الأمريكية. والبرلمان الجزائري صوت بالإجماع على الحرب ضد إسرائيل. وحتى في آخر مناطق إفريقيا تهلل الميليشيات لهذه الهجمات على الدولة اليهودية وتقدم الدعم لأعداء إسرائيل. كل هذه الأنشطة تقف وراءها إيران.

وأوضحت الصحيفة الألمانية، أن النظام الإيراني الشيعي كان قد نسج شبكة عالمية من الميليشيات داعما إياها بالسلاح والمال والتدريب مقابل تنفيذ استراتيجيتها الإرهابية ضد الغرب ككل والولايات المتحدة وإسرائيل على نحو خاص، مشيرة إلى أن تقارير أجهزة استخباراتية غربية ومحققون ماليون أفادوا من خلال معلومات حصرية حصلت عليها صحيفة فيلت، قيام طهران بتوسيع شبكتها على مدار سنين، بحيث لم تعد هذه الأخيرة تروج لتحرك التنظيمات الشيعية والسنية فقط، بل حتى أولئك الذين لا تربطهم بإسرائيل والاسلام الراديكالي أية علاقة.

الطريق يقود إلى الصحراء

وتحدث الصحيفة الألمانية من خلال استحضارها لأمثلة حية تجسد دعم إيران للميليشات عبر العالم، عن ارتباط طهران، بجبهة البوليساريو، وهي ميليشيا اشتراكية، تتواجد فيما يسمى بمخيمات تندوف للاجئين وتتمركز في معسكرات بجنوب الجزائر. هذه الحركة الانفصالية المدعومة من الجزائر، تعتبر نفسها الممثل الحقيقي للسكان الأصليين للصحراء (المغربية) – الشريط الممتد على طول ساحل المحيط الأطلسي. ففي عام 1991 رضخت جبهة البوليساريو لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة بعدما بسط المغرب يديه. ولكن في عام 2020 استأنفت الحرب ضد المغرب.

وتستقر هذه الجماعة المسلحة في الجزائر بمخيمات تيندوف، حيث يعيش فيها حوالي 150 ألف نسمة. فبسبب دعم طهران جبهة البوليساريو، قطع المغرب علاقاته مع إيران في عام 2018. بعدما ارسل حزب الله، أقوى ميليشيات إيران ممثلين عسكريين للبوليساريو وزود الجبهة بالسلاح ودربهم على حرب المدن، بحسب ما قاله وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة آنذاك، والذي صرّح كذلك أن أعضاء البوليساريو زودتهم طهران بصواريخ أرض ـ جو أرض وطائرات بدون طيار. وقام حزب الله، حليف إيران بإنشاء معسكرات في الجزائر لتدريب مقاتلي البوليساريو.

وأوضح المغرب آنذاك وفق الصحيفة الألمانية أن لديه ملفات كثيرة وتقارير مفصلة وصور أقمار اصطناعية لاجتماعات بين حزب الله وممثلي البوليساريو في الجزائر، مؤكدا إن إيران عن طريق سفارتها في الجزائر ساعدت على ترتيب اللقاء بين جبهة البوليساريو وحزب الله. كما قال ممثل عن جبهة البوليساريو السنة الماضية إن إيران سلّمت للجبهة الانفصالية العام الماضي عبر وساطة جزائرية، طائرات بدون طيار “كاميكاز” لاستخدامها ضد المغرب.

وأوضحت الصحيفة أنها تمكنت من الاطلاع على تقارير استخباراتية جديدة، تؤكد اتهامات المغرب. وكذا اطلعت على تسجيلات ومحادثات هاتفية مكتوبة بين ممثلي البوليساريو وعميل عرّف عن نفسه بأنه عميل لحزب الله من ساحل العاج. يتعلق الأمر بمصطفى محمد لمين الكتاب، مبعوث البوليساريو إلى سوريا والشرق الأوسط.

العميل يستوضح وفق ذات الصحيفة، الوضع في محادثة مسجلة يوم 23 أكتوبر الماضي، بعد حوالي أسبوعين من القيام بما يسمى عملية طوفان الأقصى ضد إسرائيل، سأل هذا العميل لمين الكتاب عن الوضع. ويرد عضو البوليساريو: “تبارك الله. الأولاد متحمسون من خلال نصر المقاومة والعمليات ضد اليهود والنصر عليهم في كل مكان”. ويضيف “أرى أن المقاومة ملتهبة في كل مكان. أشعلت في غزة، تستطيع أن تندلع في الجولان (…) وفي الجنوب (من لبنان) وفي مزارع شبعة، ويمكن أن تندلع أيضًا في الصحراء (المغربية). وستكون هناك مقاومة موحدة. كل واحد سيطلق النار من موقع آخر (على إسرائيل)”.

وفي محادثة إضافية يناقش ممثل حزب الله المفترض ومبعوث البوليساريو مقترحات هجومات مشتركة محتملة ضد إسرائيل بالتعاون مع حماس، حزب الله والجزائر وإيران. لمين الكتاب يعرض دعما لجبهة البوليساريو لكنه يؤكد أن مواردهم ليست كافية، على سبيل المثال، للهجوم على مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب. وفي محادثة أخرى يطلب المزيد من الدعم من حزب الله وإيران.

وأشارت صحيفة “دي فيلت” أنها كانت قد كشفت في بداية العام شبكة حوالة تعمل في إسبانيا ومخيمات تندوف ولها صلات وثيقة مع البوليساريو وإيران ولبنان وحزب الله. الحوالة هي طريقة قديمة لتحويل الأموال دون اللجوء إلى البنوك القانونية. إذ يقوم شخص على سبيل المثال بدفع مبلغ في دار للحوالة ببيروت. يقوم هذا الشخص بتبليغ رجل الاتصال في الجزائر الذي يدفع المبلغ للمرسل إليه، دون أن يتنقل هذا المال. المخزون النقدي “لدار الحوالات” في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط يقوم بتحقيق التوازن بين بعضها البعض – أو تلجأ عند الحاجة إلى تهريب الأموال، والمجوهرات أو الساعات باهظة الثمن.

إيران تخفي مساعداتها المالية لحزب الله، وحماس وربما أيضا لجبهة البوليساريو بمساعدة من شبكات حوالة، والتي يصعب التحكم في تدفقاتها النقدية. إنها أكثر فائدة منذ اتفاقيات أبراهام.

لقد استخدمت إيران دائمًا وكلاءها… لمهاجمة الدول العربية التي هي من وجهة نظر الأصوليين أنها “غربية للغاية” وتقارب أكثر من إسرائيل. الميليشيا الاشتراكية التي تحارب ضد المغرب أصبحت أكثر فائدة لطهران خاصة بعد عودة العلاقات بين إسرائيل والمغرب، وفي المقابل اعترفت الولايات المتحدة بمغربية الصحراء. وهو ما جعل المغرب هدفا لمحور إيران وحزب الله والجزائر لزعزعة استقراره واستقرار منطقة شمال إفريقيا.

ويبدو وفق ذات الصحيفة، أن جبهة البوليساريو تسلح نفسها في حربها ضد المغرب: فقبل أسبوعين أطلقت صواريخ على مناطق سكنية في مدينة السمارة في المنطقة الخاضعة للسيطرة المغربية، ما أدى لقتل رجل وإصابة ثلاثة آخرين، مشيرة إلى أن أصابع الاتهام تشير إلى البوليساريو. فحماس التي بدأت أيضاً “صغيرة” من خلال صواريخ قصيرة المدى على جنوب إسرائيل. في هذه الأثناء تصل قذائفهم إلى قلب إسرائيل. وتمكنت فرقهم الإرهابية من خداع المخابرات الإسرائيلية. مصطفى محمد لمين الكتاب، مبعوث البوليساريو إلى الشرق الأوسط على أية حال، فقد تم بالفعل استيعاب حديث حماس: “هذه الحرب هي حرب جهاد والمقاومة ضد الاحتلال وتجاه المشروع الصهيوني”. هذا ما قاله في تسجيل المحادثة الهاتفية ليوم 23 أكتوبر. و“المقاومة لها ثمن على شكل خسائر. ونحن نعلم أن الحرية ستكلفنا ثمناً باهظاً سيكون لنا تضحيات وشهداء، ولكننا سنفوز في النهاية”. على حد تعبيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى