الأخبارمجتمعمستجدات

لأول مرة في المغرب.. جريدة “خائنة” تجرد الصحراء من مغربيتها

الخط :
إستمع للمقال

بجرأة كبيرة وتحدٍّ غير مسبوق، نشر موقع “هسبريس” الإلكتروني يوم أمس الأربعاء تقريرا حول عمليات نهب الرمال في السواحل المغربية، وضمنه إشارة واضحة إلى أن “الصحراء غير مغربية وأنها منطقة متنازع عليها فقط من طرف جبهة البوليساريو”. وهو أسلوب سبق أن وجهنا بخصوصه انتقادات شديدة اللهجة، لكل من الإمارات والسعودية، منذ أن عمدتا في وسائلهما الإعلامية إلى الجهر به.

ورغم أن الزلة كبيرة، وتستوجب التدخل السريع من أجل تعديل هذا التقرير، فإن الموقع “المدسوس داخل الجسم المغربي”، تعمد استفزاز المشاعر المغربية، وجرح كرامة المواطن المغربي، سيرا على نهج أسياده في الخليج، وإمعانا في تأكيد أن مثل هذه الكتابات تنشر عند الطلب، وذلك بإدخال تصحيحات سطحية عن الموضوع الرئيسي، وحذف لفظة “الغربية” واستبدالها بكلمة “الصحراء” مجردة من مغربيتها. علما أن المغاربة اعتادوا الحديث عن الصحراء المغربية، لتمييزها عن الصحراء الجزائرية أو عن غيرها من صحاري الشمال الإفريقي.

والأدهى من كل هذا، فإن الموقع المعروف بانتسابه وميولاته إلى دولة “الإمارات العربية”، وتبنيه لخط تحريري خليجي، يجرده من أغلى شيء يملكه المغاربة، وهو “الوطنية” و”الكرامة”، تمادى في غيه، واحتفظ أثناء إدخاله لبعض التعديلات، بكون الصحراء مجرد منطقة “متنازع عليها” في الجنوب المغربي. أي أن موقع هسبريس الذي اتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقرا له، محا بجرة قلم غير مسؤولة، تاريخا كبيرا من النضال المغربي، وجفف رمال الصحراء، باستخفاف وسخرية واستهتار، من دماء الشهداء المغاربة. وأراد، بأسلوبه البخيس، الدوس على قلوب الأمهات والآباء واليتامى، الذين فقدوا أبناءهم وآباءهم في حرب العزة والإباء بالصحراء المغربية.

ورغم أن كتابة ونشر هذا المقال يهدف إلى زرع أسلوب جديد في الكتابة الصحفية الإلكترونية بالمغرب، بتعمد اختيار مقالات مكتوبة في وكالات أجنبية، معروفة بمعاداتها للمصالح المغربية، وترجمتها مع الاحتفاظ بمضمونها الأصلي، تغليطا وتمويها لما اعتادته المهنية المغربية، فإن هذا النهج يؤكد إمعان هذا الموقع في استفزاز المشاعر المغربية، ومسايرة السياسة الجديدة التي تعمدتها بعض القنوات السعودية والإماراتية في حملتها الأخيرة التي شنتها ضد المصالح المغربية، وسببت في أزمة غير مسبوقة بين المغرب وهذين الدولتين، انتهت بتسجيل تراجعات بسيطة لدى الجانب السعودي فقط.

والمقال المدسوس الذي نشره الموقع المغربي ذو التمويل الخليجي، تمت ترجمته إلى العربية بكل ما ينم عنه من حقد دفين لدى الوكالة الفرنسية التي عملت على توزيعه. وهذه الوكالة سعت من خلال هذا التقرير إلى بتر منطقة الصحراء من التراب المغربي، والادعاء بأن المغاربة يستغلون الرمال الصحراوية، رغم أن المنطقة “متنازع حولها”.

وكما سبق للمغرب أن وجه تحذيرات واضحة للدولتين المذكورتين حول السيادة المغربية، فقد سبق أيضا لعدد من وسائل الإعلام في المغرب أن نبهت هذا الموقع “المدسوس”، بضرورة عدم الانجراف وراء دولارات النفط الخليجي الذي أعمى عينيه، وجعله يتنكر للثوابت المغربية.

وإذا كانت هذه الجريدة المغربية قد تزوجت بأثرياء خليجيين زواجا لا نعرف شيئا عن شرعيته، سوى أنها أصبحت تتبنى كتاباتهم وعاداتهم وتسكن داخل جغرافيتهم، فإن الحكمة تقتضي أن لا تجردها هذه العملية من مشاعر الكرامة وحق الانتماء للوطن الأصلي.

والغريب في الأمر، أن نشر هذا المقال تم على بعد يوم واحد من توجيه موقع “برلمان.كوم” لتحذير شديد اللهجة إلى موقع “هسبريس”، بأن طالبه بالتزام حدود الممارسة المهنية، وبعدم لعب دور الفضولي خدمة لأجندات أجنبية. كما تزامن مع إصدار مقرر الأمم المتحدة لتقرير يدين صراحة تورط ولي عهد السعودية محمد بن سلمان في اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي تمت تصفيته وتقطيع جثته بمنشار داخل مبنى قنصلية سعودية بتركيا. فهل يشكل مقال هسبريس حول الصحراء المغربية (نعم المغربية) رسالة تنبيه سعودية إلى الرباط وإلى الصحافة المغربية كي لا يخوضوا في الموضوع؟ جميع مكونات الشعب المغربي مطالبة اليوم قبل الأمس باليقظة والتحرك قبل فوات الأوان لوضع حد للتدخل الخليجي في الشؤون الداخلية للمغرب وفي سيادته عبر شراء مواقع إلكترونية يغريها الطمع وتتستر وراء حرية التعبير


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى