الأخباررأي في قضيةمستجدات

لماذا تقحمون اسم الملك في صراعاتكم الحزبية الذاتية ونزعاتكم الداخلية وجلالته بريء منها؟..

الخط :
إستمع للمقال

في خطاب 20 غشت 2013 شدد جلالة الملك على القول إن «خديمك الأول، لا ينتمي لأي حزب ولا يشارك في أي انتخاب. والحزب الوحيد الذي أنتمي إليه، بكل اعتزاز، ولله الحمد، هو المغرب، كما أن المغاربة كلهم عندي سواسية دون تمييز، رغم اختلاف أوضاعهم وانتماءاتهم».

لا تهمنا الشؤون الداخلية للأحزاب، حتى وإن كانت أمورها من صميم الثقافة السياسية السليمة، اللهم إذا كانت هاته الشؤون من النوع الذي يتجاوز الأعراف والتقاليد المرعية في التداول. ومن ذلك ما يحدث في حزب الأصالة والمعاصرة، ووسط قيادته الثلاثية حاليا.

ونكررها بوضوح تام، هذا شأن داخلي ونحترمه ونقبل بما يتفق عليه قادة الحزب وقواعده. وما يحدث خصوصا بين صلاح الدين أبو الغالي عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة وزميلته فاطمة الزهراء المنصوري، وكان من الممكن أن يبقى في هذا الإطار ولا يتعداه لولا إقحام اسم جلالة الملك في الموضوع، بطريقة تنم عن بعض التسرع وعدم تقدير الأمور بمقدار العقل! كما أنه يهمنا من كون هذا السلوك يتكرر في الحياة السياسية المغربية وفي العمل الحزبي بشكل ضمني حينا وبشكل صريح أحيانا أخرى..

في مثال اليوم، نشير إلى ما ورد في رسالة الرد من طرف صلاح الدين أبو الغالي، المستثمر المعروف. ورجل الإعلام الحاضر والمسؤول الترابي في الدار البيضاء من إحالات عديدة على اسم جلالته في رسالة الاحتجاج التي عممها ضد القرار الذي تم اتخاذه في حقه من طرف رفاقه في قيادة حزب البام.

وقد بلغت الإحالة المشار إليها أعلاه أربع مرات لتزكية حجته في المناقشات والخلافات التي تدور في وسط الحزب بخصوص النازلة الراهنة. ومن ذلك قوله بالقيم «التي شدّد عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، في برقية التهنئة باختتام المؤتمر الوطني الخامس للحزب»، أو إشارته إلى «الاحتكام إلى الحكامة الحزبية، كما جاءت في برقية ملك البلاد نصره الله»، أو تنصيص رسالته على «تأكيد قائد الأمة رئيس الدولة نصره الله»، على «النهوض بما ندعو إليه من ضرورة توطيد الثقة ومصداقية الهيئات السياسية» أو الوفاء للتعهدات الحزبية «أمام صاحب الجلالة..».

وإذا كان الشعور الوطني العام يستحضر دوما إرادة جلالة الملك في تكريس قيم الديموقراطية والنجاعة الأخلاقية وإثراء التعددية، فإن الذي لم يعد مفهوما هو إقحام اسم جلالته في الصراعات ذات الطابع التنظيمي المحض أو الذاتي، والتي يكون المنطقي فيها هو الاحتكام إلى الثقافة السياسية السليمة والقوانين المنظمة للسير الحزبي ولمنظومة القيم الدستورية السامية..

وفي الواقع فإن هاته الحادثة هي مجرد غيض من فيض، ولا نعيب فيها على من يسلكها تعلقه بالقيم الملكية والروح التي يسعي جلالته إلى ضخها في حياتنا الحزبية، بل أن يكون هذا النهج إقحاما لملك البلاد في شؤون داخلية محضة، هي من صميم «مختلفات» الأحزاب وليست من باب التدبير الاستراتيجي ذي العلاقة بشؤون الأمة أو الحياة الديموقراطية وضمان سير المؤسسات!

ولطالما اشتكت حياتنا الحزبية من التلويح «بالفوق» في الشؤون الداخلية، وهي تدخلات لا يمكن لأحد أن يثبتها أو ينفيها بخصوص «الفوق» الذي صار سيفا يوضع فوق رؤوس المنتمين والعاملين في المنظمات الحزبية والحقوقية.

وستتاح لنا الفرصة في المستقبل القريب للعودة إلى هاته «الآفة» الحزبية التي يتم فيها التلويح باسم جلالة الملك أو باسم «الفوق» أو باسم «الدولة»، للانتصار الداخلي أو لحسم صراعات هي من صميم الحياة الروتينية للأحزاب، بل أحيانا للاستقواء بها في قضايا تصل إلى العدالة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى