الأخبارسياسةمستجدات

ماذا يريدون من المغرب؟.. فرنسا التي لم تستوعب أن قواعد التعامل تغيرت تستعمل كل الوسائل لإضعاف المغرب -2-

الخط :
إستمع للمقال

نواصل معكم قراء موقع “برلمان.كوم” الأعزاء عرض حلقات السلسلة الرمضانية “ماذا يريدون من المغرب؟” بعدما ذكّرنا في الحلقة الأولى بالتقارير الاستخباراتية الألمانية التي دعت لعرقلة المغرب وكبح جماحه، حتى لا يتكرر سيناريو تركيا بمنطقة شمال إفريقيا، واليوم سنحاول من خلال الحلقة الثانية مواصلة الحديث عن الأسباب التي دفعت بالعديد من الدول وفي مقدمتهم فرنسا، لشن حملات ممنهجة ومنظمة على المغرب باستعمال منظمات تشتغل تحت الطلب، ووسائل إعلام فقدت مصداقيتها وأظهرت حقيقتها للعالم دون مراعاة لأبجديات وأخلاقيات العمل الصحفي.

فرنسا ستستعمل كل الوسائل بهدف إضعاف المملكة المغربية

قبل أقل من سنة كشف سفير سابق لباريس في الرباط، في تصريح أدلى به لموقع “مغرب أنتلجنس”، أن فرنسا ستستعمل كل الوسائل بهدف إضعاف المملكة المغربية، وهذا فعلا ما كان ولازال إلى الآن، حيث تابع الجميع كيف أن فرنسا استعملت كل الوسائل الممكنة لابتزاز المغرب من أجل الرضوخ لمطالبها وأطماعها، شاهدنا كيف اختلقت أزمة التأشيرات وكانت تنتظر من المغرب أن يهرول للتوسل إليها للعدول عن قرارها، لكن لا شيء من ذلك حدث، بل على العكس المغرب التزم الصمت تجاه هذه القضية، وحينما سئل الوزير ناصر بوريطة عنها، أجاب بأن الأمر قرار سيادي فرنسي ولا يمكن للمغرب أن يتدخل فيه.

وليس هذا فقط، بل عمدت فرنسا بعدما أدخلت علاقاتها مع المغرب في حالة من البرود إلى إنهاء مهام سفيرتها بالرباط هيلين لوغال، وتعيينها مسؤولة عن “الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية” في الاتحاد الأوروبي، ليبقى منصب السفير فارغا منذ شتنبر 2022 إلى غاية منتصف شهر دجنبر حينما أعلن كريستوف لوكورتيي عن تعيينه سفيرا جديدا لباريس بالرباط، كل هذا دون أن يعير المغرب اهتماما لشطحات فرنسا لمعرفته مسبقا بأن تحركاتها ليست إلا مناورات لابتزازه وإجبارها على الجلوس معها لطاولة المفاوضات، بعدما خرج من تحت أجنحتها وبنى لنفسه مسارا بدأت عدة دول إفريقية تلتحق به إليه.

صعود المغرب الذي يشبه “بشكل غريب” مسار تركيا يثير قلق باريس

نقل ذات الدبلوماسي الفرنسي المتقاعد، في تصريحه لموقع “مغرب أنتلجينس” أن فرنسا تعتمد في مخطط إضعاف المغرب على وسائل مختلفة، أهمها التحقيقات الصادرة عن منظمات غير حكومية التي يُفترض أنها مستقلة (منظمات تدعي الاشتغال في مجال حقوق الإنسان) هذه التحقيقات التي تفتقد للمصداقية، وكذا تقارير يفترض أنها موضوعية في وسائل إعلام يفترض أنها محايدة، وتنظيم التجمعات على الشبكات الاجتماعية، وأخيرا اعتماد استراتيجية دبلوماسية.

وكشف السفير السابق أيضا، أنه وبالنسبة للمخابرات الفرنسية “DGSE”، التي يقودها “برنار إيمي” منذ ما يقرب من ست سنوات، فإن صعود المغرب، الذي يشبه “بشكل غريب” مسار تركيا، يثير قلق باريس الآن. ويذكره هذا بذكريات مريرة عندما كان سفيرا في أنقرة بين عامي 2007 و2011 وكان شاهدا على الصعود القوي لورثة الإمبراطورية العثمانية، مشيرا إلى أن المغرب بلد شكّل “صدمة” لفرنسا لأنه تجرأ على تحديها اقتصاديًا وثقافيًا وعسكريًا وقبل كل شيء دبلوماسيًا، ما يجعله قوة صاعدة وجب التصدي إليها وعرقلتها.

فرنسا التي تستعمل أسطوانة الحقوق والحريات لتشويه سمعة المغرب وإضعافه لم تستوعب أن قواعد التعامل تغيرت..

إن فرنسا لم تستوعب بعد أو أنها لا تريد أن تفهم بأن المغرب فطن إلى مناوراتها ومخططاتها، ويكفي فقط أن تعود للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لثورة الملك والشعب، وتعيد قراءته بتمعن وبِرَوِيّةٍ، خصوصا في الفقرات التي تحدث فيها الملك محمد السادس عن تعرض المغرب لهجمات مدروسة من طرف بعض الدول، والمنظمات المعروفة بعدائها لبلادنا والتي تستهدف المغرب لما يتمتع به من نعمة الأمن والاستقرار، التي لا تقدر بثمن، خاصة في ظل التقلبات، التي يعرفها العالم.

ونبّه الملك محمد السادس خلال ذات الخطاب إلى أن قلة قليلة من الدول، خاصة الأوروبية، التي تعد للأسف من الشركاء التقليديين، في إشارة لفرنسا تخاف على مصالحها الاقتصادية، وعلى أسواقها ومراكز نفوذها، بالمنطقة المغاربية، وأن بعض قادتها لم يستوعبوا بأن المشكل ليس في أنظمة بلدان المغرب الكبير، وإنما في أنظمتهم، التي تعيش على الماضي، ولا تستطيع أن تساير التطورات.

تحاول فرنسا أن تستعمل أسطوانة الحقوق والحريات من خلال الاعتماد على تقارير تصدرها منظمات مثل أمنستي وهيومن رايتس ووتش وهي منظمات معروفة بعرض خدماتها على الأجهزة الاستخباراتية للدول الغربية، من أجل استعمال تقاريرها كوسيلة ضغط وابتزاز الدول، وهو ما تقوم به فرنسا الآن مع المغرب، من خلال استغلال تقارير هاتين المنظمتين ومنظمات أخرى كفوربيدن ستوريز داخل البرلمان الأوروبي، من أجل استصدار قرارات ضد المغرب ومؤسساته الأمنية والقضائية، في وقت فضلت فيه هذه المنظمات التزام الصمت تجاه القمع والتعنيف والتنكيل الذي يتعرض له الفرنسيون الذين يحتجون ضد خطة ماكرون وحكومته بشأن إصلاح نظام التقاعد.

وأشار الملك محمد السادس كذلك خلال ذات الخطاب إلى أن بعض الدول التي تعتبر من الشركاء التقليديين أبانت على أنها تعرف ضعفا كبيرا في احترام مؤسسات الدولة، ومهامها التقليدية الأساسية، وأنهم يريدون من المغرب أن يصبح مثلهم، من خلال خلق مبررات لا أساس لها من الصحة، واتهام مؤسساتنا الوطنية، بعدم احترام الحقوق والحريات، لتشويه سمعتها، ومحاولة المس بما تتميز به من هيبة ووقار.

وكشف الملك في ذات الخطاب، أن هؤلاء “لا يريدون أن يفهموا، بأن قواعد التعامل تغيرت، وبأن دولنا قادرة على تدبير أمورها، واستثمار مواردها وطاقاتها، لصالح شعوبنا”، مضيفا أنه “تم تجنيد كل الوسائل الممكنة، الشرعية وغير الشرعية، وتوزيع الأدوار، واستعمال وسائل تأثير ضخمة، لتوريط المغرب، في مشاكل وخلافات مع بعض الدول”.

المغرب فطن لمناورات فرنسا منذ مدة

ما تقوم به فرنسا منذ مدة ضد المغرب سعيا منها لعرقلته والوقوف في طريقه، فطن إليه المغرب وكشف خيوطه منذ مدة، لذلك أصبح يتعامل معه بطريقة عادية، خصوصا وأن العالم أجمع فطن لهذه المخططات التي لم تعد تنفع ولن تنطلي على المغرب والمغاربة وحتى على دول العالم التي تعتبر المغرب شريكا وحليفا قويا وموثوقا به في المنطقة.

لقد أشار الملك محمد السادس خلال خطابه بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لثورة الملك والشعب، في حديثه عن التقارير التي تستهدف المغرب، أنها تجاوزت كل الحدود، موضحا أنها “بدل أن تدعو إلى دعم جهود المغرب، في توازن بين دول المنطقة، قدمت توصيات بعرقلة مسيرته التنموية، بدعوى أنها تخلق اختلالا بين البلدان المغاربية”.

وكشف حينها الملك أن هؤلاء دبروا حملة واسعة، لتشويه صورة مؤسساتنا الأمنية، ومحاولة التأثير على قوتها وفعاليتها، في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب؛ إضافة إلى الدعم والتنسيق، الذي تقوم به في محيطنا الإقليمي والدولي، باعتراف عدد من الدول نفسها، مشيرا إلى أن هذه المؤامرات لا تزيد المغاربة إلا إيمانا وإصرارا على مواصلة الدفاع عن وطنهم ومصالحه العليا، مؤكدا بأن المغرب سيواصل مساره أحب من أحب، وكره من كره، رغم انزعاج الأعداء، وحسد الحاقدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى