الأخبارسياسةمستجدات

ما مسؤولية عامل ميدلت في إفشال مشروع فلاحي ملكي بالإقليم؟

الخط :
إستمع للمقال

يواصل موقع “برلمان.كوم” تسليط الضوء على مجموعة من الملفات والقضايا التي تحوم حول المتورطين فيها الشكوك والشبهات، وتستدعي تدخل الجهات المختصة، خاصة في هذه الظرفية التي تعيش فيها بلادنا ثورة جديدة ضد الفساد والمفسدين، وضد المتورطين في عرقلة المسار التنموي الذي انطلق مع العهد الجديد، وتم تكريسه منذ أن دعا الملك محمد السادس إلى ضرورة التحلي بالجدية في تنزيل الأوراش الكبرى التي تشهدها المملكة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والقطع مع الإفلات من العقاب، والاختباء تحت جُبة الانتماءات الحزبية، أو مناصب المسؤولية.

وفي هذا الصدد، يَنْفُضُ موقع “برلمان.كوم” خلال هذا المقال الغبار عن ملف تعود أحداثه إلى بداية العشرية الثانية بعد الألفين، ويتعلق الأمر بمشروع ملكي عملاق ومهم بمدينة ميدلت، شابته مجموعة من الخروقات والتّجَاوزات، وساهَمت بشكل كبير في إقباره، رغم الاعتمادات المالية الضخمة التي خصصت له، من أجل تنمية المنطقة وتحسين دخل الفلاحين، وهو مشروع “تنمية سلسلة التّفاح”، الذي حددت أهدافه الأساسية في المساهمة في عصرنة القطاع الفلاحي بالمنطقة، والمُحَافظة على الموارد المائية بها من خلال تحسين تدبيرها وترشيد استعمالاتها.

لقد بدأتْ أطوارُ هذا الملف حينما كلّف الملكُ محمد السادس وزير الداخلية سنة 2011 بإحداث تعاونيةٍ للشباب والفلاحين، ليقوم هذا الأخير بتكليف عامل الإقليم آنذاك بهذه المهمة، والذي وقع اختياره على شباب وفلاحي دُوّار آيت إيلوسان، بالجماعة الترابية زايدة إقليم ميدلت، والذين قاموا بدورهم بإحداث تعاونية منحتها الدّولة 280 هكتاراً من الأملاك المخزنية، وبتوجيهات ملكية سامية، تكلفت الدّولة بتجهيز هذه التعاونية بميزانية تُقدر بـ4 ملايير سنتيم.

وحسبَ المُعطيات التي حصل عليها موقع “برلمان.كوم“، فإلى جانب كل ما سبق، تم تكوينُ أعضاء التعاونية، الذين بلغ عددهم آنذاك حوالي 120 عضوا، وتم الشُّروع في العمل، وزاد عدد المنخرطين والمساهمين فيها، كما حصلت أيضا على دعم مالي من جهة فاس – مكناس قُدّر بـ40 مليون سنتيم، ناهيك عن حصولها على دعم آخر من وزارة الفلاحة، إلى أن وصل المشروع لمرحلة الإنتاج.

ووفق مصادر جد مطلعة، قام وزير الفلاحة آنذاك الذي هو رئيس الحكومة حاليا، عزيز أخنوش، شهر شتنبر سنة 2019 بزيارةٍ إلى إقليم ميدلت، حيث وعد التعاونية المذكورة بمساعدتها على الحصول على محطة لتبريد وتخزين التُّفاح، إلا أن الاختلالات التي شابت تسيير هذه التعاونية، تسببت في حدوث مشاكل بين المشرفين عليها، الأمر الذي دفعهم إلى الاستشارة مع الإدراة الترابية في شخص عَامِلْ الإقليم لإيجاد حل لهذه المشاكل، هذا الأخير وافق على مقترح اكترائها لاثنين من أباطرة السياسة بالإقليم، الأول يشغل الآن منصب رئيس المجلس الإقليمي لميدلت والثاني برلماني، لتدخل هذه التعاونية مرحلة جديدة.

وحسب ذات المصادر، استطاع هاذان السياسيان اكتراء التعاونية بدون مناقصة ودون اللجوء للمسطرة القانونية التي تنظم هذه العملية، على أساس دفع 50 مليون سنتيم سنوياً، دون أي وسيط، وهي التي كان من الممكن اكتراؤها بثمن أكبر من هذا، لو تم احترام المسطرة المذكورة وكانت هناك منافسة بين الراغبين في اكترائها، ليتم بذلك توقيع عقد الكراء يوم 16 أبريل سنة 2021.

ولعلّ ما يثير الاستغراب حسب ذات المصادر، هو تقديم المُمَثل القَانوني للتعاونية المُسَمّى “إدريس إيكو”، استقالته فور توقيع عقد الكراء، واستقدام شخص آخر يُدْعى إسماعيل الطاهري ووضعه على رأس التعاونية، دون عقد أي جمع عام للتعاونية،ودون احترام القانون المنظم لهذه العملية، ليتم بعد ذلك مباشرة تَغْيير مضامين عقد الكراء، وتحويل سومة الكراء من 50 مليون سنتيم إلى 20 في المائة من الناتج الصافي للتعاونية، وهو الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام…

وأوضحت مصادر الموقع، أن هذه العملية تحوم حولها شكوك وشُبهات تتعلق بتجاوُزَاتٍ وخُروقات غير مقبولة وبادية للعيان، خاصة وأن الطريقة التي جرَت بها عملية الكراء غير قانونية ولا يمكن أن تتم، كون العقار أصلا الذي يتواجد عليه مقر هذه التعاونية مُكترى من الأملاك المخزنية، بالإضافة إلى أن المعنيين بالأمر والمتورطين في هذه القضية لم يقوموا بتسديد مستحقات الكراء أو القيام بصيانة الضيعة (التعاونية)، وهي الآن خاوية وكأَنّها لم يسبق أن غُرست فيها شجرة تُفاح من قبل.

وتساءلت ذات المصادر عن من يَتَحمّلُ مسؤولية الحالة التي وصلت إليها هذه التعاونية، مشيرة إلى أن العامل السابق بالإقليم كان يقوم بشكل دوري بزيارة الضيعة المملوكة للتعاونية، إلا أن هذا المسؤول وفق ذات المصادر، ومنذ خمس سنوات لا يكترث لهذا المشروع الملكي المهم الذي أصبح يعيش وضعية كارثية بسبب الإهمال وسوء التسيير والتدبير، رغم أن الدولة وبتوجيهات ملكية رصدت له مجموعة من الموارد والإمكانيات حتى يعود بالنفع على ساكنة دُوّار آيت إيلوسان، بالجماعة الترابية زايدة إقليم ميدلت.

وارتباطا بهذا الموضوع، تقدّم النائب البرلماني مروان شباعتو، بشكاية إلى النيابة العامة، حيث قام رئيسها، الوكيل العام حسن الداكي بإحالتها على الجهات المختصة بمدينة فاس، والتي قامت بحفظها بعد البحث في الموضوع، وهو ما أثار استغراب البرلماني شباعتو، متسائلا عن سبب حفظ هذه الشكاية بالرغم من أن القضية تهُمُّ أمرا يتعلق بالشّأن العام، وليس قضية شخصية حتى يكون مصيرها الحفظ عوض تعميق البحث فيها والتحقيق مع كل من ارتبط اسمه بها، خاصة وأنها تتعلق بمشروع ملكي تم إفشاله بعد أن صُرفت عليه مبالغ باهظة من المال العام، وهو ما يجب البحث فيه، وفقا لذات البرلماني.

ومن جهة أخرى، أوضحت مصادر موقع “برلمان.كوم” أن الرئيس الأخير للتعاونية الذي تم تعيينه في هذا المنصب، توجه إلى الدرك الملكي على خلفية شكاية للنيابة العامة، لتتم مواجهتُه بحيازته لسيارةٍ مُزورة، بدل الخوض في مضمون الشكاية المعروضة أمامهم والمتعلقة بقضية كبرى ومهمة جداً وتستدعي الاستعجالية في معالجتها.

وإلى جانب ذلك، كشفت ذات المصادر، أن بعض المتعاونين قاموا برفع دعوى قضائية لدى المحكمة التجارية، وكذا تحريك الشكاية السابقة التي تم حفظها من طرف الوكيل العام بقسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، لتأخذ مسارها الطبيعي، كون الأمر يتعلق بمشروع ملكي وجب الوصول إلى المسؤولين المتورطين في إفشاله، وتبديد كل تلك الأموال التي خُصصت له من خزينة الدولة.

وكشفت ذات المصادر أيضا أن الشخصين المكتريين للتعاونية، قاما بتوجيه مراسلة لأعضاء التعاونية، يشتكيان فيها عدم منحهما الرُّخصة من أجل حفر آبار داخل الضيعة المكتراة، ويُحمّلونهم المسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع بالضيعة، وهو ما تفاعل معه المسؤولون عن التعاونية بكون الضيعة ليست في حاجة إلى حفر آبار أخرى، على اعتبار أن عملية الري تتم بشكل جيد وليس هناك ما يستدعي حفر بئر جديد، مع العلم أن المكتريين لم يؤديا فواتير الكهرباء منذ أبريل 2022، مما تسبب في قطع التيار الكهربائي عن الضيعة، وبالتالي توقف عملية ضخ المياه.

وأوضحت ذات المصادر أنه وبعدما فشل المكتريان للضيعة (رئيس المجلس الأقليمي لميدلت وبرلماني) في مخططهما، قاما بالاستعانة بـ”المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية”، من أجل الحصول على شهادة تُفيد أن الضّيعة مُصابة بـ”جرثومة”، وهو الأمر الذي رفضته “أونسا” كون الضيعة سليمة، وأن الأمر مجرد أكذوبة، ولو كانت الضيعة فعلا مصابة بجرثومة فإن الإصابة لن تقتصر عليها فقط، بل ستنتقل إلى ضيعات أخرى مجاورة لها.

ووفق مصادر الموقع، فإن هناك أخبارا تروج عن تحويل منتوج الضيعة من التفاح إلى نشاط زراعي آخر، في محاولة من المتورطين في هذا الملف، للهروب من المحاسبة، إلا أن هناك مطالب من أعضاء بالتعاونية بتقييم الخسائر الحاصلة بعد 10 سنوات من العمل.

وفي ظل هذه المعطيات الخطيرة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هو متى يفتح تحقيق بخصوص كل ما حصل؟ خاصة ان نتيجة هذه الأفعال كانت هي إفشال مشروع ملكي بناء يهدف إلى تحقيق التنمية بالجماعة الترابية زايدة إقليم ميدلت؟، ومن تم فقد تسببت هذه الممارسات في تبذير وضياع ميزانيات ضخمة رُصدت لخلق فرص للشغل لساكنة المنطقة،وتثمين منتوج التفاح الذي تعرف به ميدلت والنواحي؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى