

قال الأكاديمي والمحلل السياسي محمد بودن، إن المباحثات التي أجراها الملك محمد السادس يوم أمس بالرباط، مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، ”حققت الأهداف المرسومة للزيارة التي قام بها هذا الأخير للمملكة، وكانت لها نتائج مثمرة عكسها الاسقبال الملكي الرسمي الذي حظي به المسؤول الإسباني، والأجواء الدافئة والودية التي عكست عمق وتجذر العلاقات المغربية الإسبانية”.
خارطة طريق جديدة
يعتبر بودن في تصريح لـ ”برلمان.كوم”، أن هذه المباحثات جسدت الأهمية التي يوليها البلدان للعلاقات الثنائية مما يشير الى الأسس والمحددات الجديدة التي تمثل أرضية صلبة لترسيخ الثقة واستثمار التوقعات الكبيرة للعلاقات الثنائية المستقبلية.
كما أن العلاقات المغربية الإسبانية ترسم لخارطة طريق الجديدة، بحسب بودن، إذ تنشد تفاهما وتعاونا أكثر جدوى وبناء غد أفضل انطلاقا من الإرادة المشتركة المعبر عنها في البيان المشترك المعتمد في ختام مباحثات الملك محمد السادس وسانشيز.
ترسيخ الموقف الإسباني من الحكم الذاتي
وإلى جانب ذلك، أكد محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن المحادثات المذكورة رسخت الموقف الإسباني الجديد بخصوص مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، والذي يمثل مقاربة غير مسبوقة في منطق إسبانيا بخصوص قضية وحدتنا الترابية.
ثم إن هذه الزيارة لرئيس الحكومة الإسبانية للمغرب، يضيف بودن، كانت مناسبة بالغة الأهمية لاغتنام فرص المرحلة الجديدة للعمل والتشاور بين البلدين، ومن الواضح أن دور الملك محمد السادس كان مفصليا في تطور واقع العلاقات بين البلدين وإطلاق فصل جديد ومرحلة هادفة وطموحة للعلاقات المغربية الإسبانية.
وأوضح المحلل السياسي، في تصريحه للموقع، أن محددات ومرتكزات تنمية العوامل البناءة للعلاقات الثنائية، تقوم على منطق عقلاني وشامل وصريح ومعزز للتفاهم المتبادل، بحيث أن الواقع الجديد للعلاقات المغربية الإسبانية أصبح موسوما بالأهمية الإستراتيجية التي يمثلها البلدان لبعضهما، وهو الأمر الذي أبرز، وفقا لتعبير المتحدث، بجلاء في دفاع رئيس الحكومةَ الإسبانية عن خياره الواقعي بخصوص وجاهة مبادرة الحكم الذاتي أمام البرلمان الإسباني وكذا في الندوة الصحفية التي أعقبت زيارته للمملكة المغربية.
آفاق جديدة
لقد فتحت المباحاثات بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية، آفاق جديدة بخصوص العلاقات بين المغرب وإسبانيا، كما مكنت، وفقا لبودن، من اتخاذ منعطفا هاما ليس فقط على مستوى شمولية الشراكة ولكن أيضا على مستوى طبيعة وأسس هذه الشراكة، كما مهدت، فضلا عن ذلك، الطريق لاستعراض توقعات إيجابية، بشأن العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية بما يعزز الأدوار المؤثرة التي يلعبها البلدان في الفضاء المتوسطي والأطلسي، يردف المتحدث.
فاليوم، يقول بودن، ثمة قناعة مشتركة لدى البلدين بأن لديهما ظروف مواتية لمضاعفة التعاون الثنائي بحيث سيتم إحداث لجنة تنفيذ البيان المشترك في أجل 3 أشهر وآليات عديدة وفرق عمل لمتابعة نتائج المباحثات وتحيين معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون لسنة 1991 على أساس المحددات الجوهرية الجديدة.
والجدير بالذكر، أن هذه المباحثات، أكدت على مضاعفة الشراكة الجديدة بخطوات الاستئناف الكامل لحركة الأفراد والبضائع بريا وبحريا بين المغرب وإسبانيا، مع إطلاق الاستعدادات لعملية العبور ”مرحبا”، فضلا عن التباحث والحوار بخصوص تدبير المجال البحري الأطلسي والمجالات الجوية.
وكان الملك محمد السادس، قد أجرى يوم أمس مباحثات معمقة، مع رئيس الحكومة الإسبانية، كما أقام مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد بالإقامة الملكية بسلا، مأدبة إفطار على شرف بيدرو سانشيز.
وحضر لذلك، عن الجانب الإسباني وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون خوصي مانويل ألباريس، وسفير إسبانيا بالرباط ريكاردو دييز-هوشليتنر، وعن الجانب المغربي رئيس الحكومة عزيز أخنوش ومستشار الملك فؤاد عالي الهمة، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة.