
صدر حديثا كتاب “سادس المحمدين، خدن الصلاح والإصلاح خمس وعشرون سنة من العطاء” من تأليف محمد رشدي الشرايبي، بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، ويعكس هذا الكتاب رؤية شاملة لمسيرة الملك محمد السادس منذ توليه الحكم، مسلطاً الضوء على أسلوبه في إدارة البلاد، والذي يتسم بالصراحة والوضوح، والالتزام بالإصلاح والتنمية.
تطرقنا في المقال السابق، أمس الإثنين، للفصل الأول من الكتاب الذي تحدث فيه المؤلف عن الأسلوب الملكي في الحكم الذي انتهجه الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش، حيث يتميز هذا الأسلوب بمزيج من الصراحة والوضوح، حيث يعتمد خطاب الملك على الشفافية والواقعية في تناول القضايا الوطنية والدولية، وفي هذا العدد نصل إلى الفصل الثاني الذي استعرض الإنجازات المتعددة الأبعاد والإصلاحات الهيكلية التي قام بها الملك منذ اعتلائه العرش، والتي جعلت من المغرب نموذجًا للتنمية الشاملة والمتوازنة في المنطقة.
يبرز الشرايبي في هذا الفصل أن الملك محمد السادس اعتمد مقاربة شمولية في تجديد الدولة، ترتكز على البناء التراكمي لما تحقق في العهود السابقة، مع مراجعة نقدية وقطيعة عندما تقتضي الحاجة، ومن خلال وعيه العميق بالرهانات الاستراتيجية الوطنية والإقليمية والدولية، استطاع الملك أن ينقل المغرب إلى مراتب أعلى على سلم الديمقراطية والحداثة والتنمية.
يشدد الفصل على أن المسار السياسي والمؤسساتي للملك محمد السادس تميز بإصلاحات جوهرية ارتكزت على تعميق الخيار الديمقراطي كخيار استراتيجي للمملكة، ومن بين أبرز هذه الإصلاحات تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، التي شكلت نموذجا فريدا للعدالة الانتقالية في العالم العربي، بالإضافة إلى إصلاحات قانونية أخرى، مثل مدونة الأسرة، التي تعد ثورة اجتماعية في المجال القانوني، كما أُقر دستورا جديدا عزز من الحريات والحقوق، وأرسى مؤسسات الحكامة، وتبنى الجهوية المتقدمة كآلية لتدبير المجال الترابي.
ويؤكد الشرايبي على الإنجازات الاقتصادية الكبرى التي تحققت في عهد الملك محمد السادس، حيث شهد المغرب نهضة صناعية واقتصادية عبر الاستثمار في قطاعات مبتكرة مثل صناعة الطيران والطاقات البديلة. كما تم تحسين البنية التحتية بشكل ملحوظ، من خلال تطوير الطرق والموانئ والمطارات والتأهيل الحضري، وهذه الإصلاحات الاقتصادية وضعت المغرب في مصاف الدول النامية الأكثر جذبا للاستثمارات الدولية، وأكدت دوره المحوري في القارة الإفريقية.
في هذا الفصل، يستعرض الشرايبي الجهود الكبيرة التي بذلها الملك محمد السادس في تعزيز الدولة الاجتماعية، من خلال تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لجميع المواطنين، كما يسلط الضوء على السعي للنهوض بقطاع التربية والتكوين، ومكافحة الفقر والتهميش، والاهتمام بمغاربة العالم، مشيرا إلى أن سياسة الملك الاجتماعية امتدت أيضا لتشمل دعم الرياضة وتطويرها كجزء من الهوية الوطنية، كما تجسد في الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية للرياضة سنة 2008.
يؤكد هذا الفصل أن الملك محمد السادس نجح في توجيه المغرب نحو المستقبل بثقة وإصرار، مع تعزيز مكانته على الساحة الدولية، فالإنجازات التي يرويها الشرايبي في هذا الكتاب هي شهادة على قدرة المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس على تحقيق طموحات كبيرة والمضي قدما نحو مستقبل مشرق.





