

أطلق المكتب الوطني المغربي للسياحة، يوم الخميس بالرباط، ما سمي بعملية “أرض الأنوار”، وهي حملة دولية لعلامة “المغرب” تروم حسب تصريحات المسؤولين عليها الترويج للسياحة المغربية على المستوى العالمي.
وقال المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة، عادل الفقير، إن هذه الحملة ستنطلق على الصعيد العالمي من خلال 20 بلدا، وهي البلدان الأوروبية برمتها، والولايات المتحدة والشرق الأوسط وإسرائيل وإفريقيا.
وبينما لم يكشف الفقير عن الغلاف المالي الذي تم تخصيصه لهذه العملية المجهولة الآفاق، والتي ستكلف ميزانية الدولة مئات الملايين من الدراهم وستضيع على احتياطي المغرب من العملة الصعبة رقما كبيرا، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن استنتاجه بوضوح هو أن حكومة أخنوش متمادية في تبذير أموال المغاربة في مشاريع مشكوك في نجاعتها.
ولعل اللقاء نفسه الذي تم تنظيمه بالكولف الملكي في جو من البذخ والاستهتار بمالية الدولة وحضره أزيد من 200 شخص تقريبا، هو في حد ذاته تبذير للأموال العمومية في ظل أزمة معلنة تعاني فيها ميزانية الدولة ومعها المواطن المغربي من جراء تضخم كبير، وجفاف فلاحي قاسي، وتداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة بسبب كورونا، وتداعيات أخرى بسبب الحرب في اوكرانيا …كل هذا والمدير عادل الفقير بل “الغني باموال الدولة” يتجرأ ويتحدى مشاعر الشعب علنا وبكامل الاستهتار.
ولعل من علامات الاستهتار أن ينضم الى عادل الفقير وجوقته صديقه المقرب سليم الشيخ مدير القناة الثانية دوزيم، ليعمق جراح المغاربة، وينقل الحفل مباشرة على شاشة القناة الثانية، وكأنه حدث سامي يستحق كل هذا الحجم، أو كأن هذه القناة تحولت الى ضيعة في ملك مديرها، كما سبق أن أشار موقع برلمان.كوم في مقالات تستند على حجج حول تحول قسم الاخبار الى “ملك للشياع والتسيب ” منذ غادرتها المديرة الحازمة سميرة سيطايل.
إن المدير الحالي الذي يجهل ربما ماتجني يداه في لحظات زهوه بالكرسي والمسؤولية، عليه ان ينتبه اولا الى أوضاع السياحة كي لا يعمق جراحها، وعليه ان يتقدم أمام المدعوين “عرسه الاستهتاري” بحصيلة ما قام به طيلة السنتين الماضيتين دون الحاجة إلى الاختباء وراء الجائحة. بل عليه ان يجيب على كل الشكايات التي يتقدم بها المهنيون وإلا فإن المتتبع لمجريات الأمور سيتأكد حتما بأن لا نية للحكومة الحالية لا في الإصلاح ولا إرادة لها في محاربة الفساد والحصيلة هي التلاعب بأموال الدولة كما شهد على ذلك العادي والبادي. المكتب الوطني للسياحة نظم حفلا باهظا ليقول للمغاربة “ها شنو غاندير” في الوقت الذي كانوا ينتظرون أن يقول لهم “ها شنو درت”، ويرد على هؤلاء المواطنين الذين أصابهم الاحباط (فيديو لرجل نقل بسيدي سليمان يعبر عن حالته المزرية )
ولعل عادل الفقير يعلم أن تقرير لجنة تقصي الحقائق حول المكتب الوطني المغربي للسياحة لم يطو بكامله وان العودة إليه ستتم قريبا ليعرف مآله عوض التكتم على حيثياته، والتي كانت عبارة عن حقائق صادمة حول الإشكالات والانزلاقات التي يتخبط فيها المكتب، والتي ترتبط بالتلاعبات وبمستويات التدبير المالي والإداري وضعف الحكامة والترشيد.
وكانت لجنة تقصي الحقائق التي أوفدها مجلس المستشارين قد أكدت في مطالبها على ضرورة إعادة النظر في هيكلة المكتب بما يتلاءم مع صلاحياته وعدم تجاوزها. كما اكدت اللجنة على ضرورة تنزيل قرارات ملائمة للحكامة والترشيد مع التعجيل بإصلاحات تهم وسائل المراقبة والتتبع وتقييم المردودية وتدبير الأزمات، كما دعت إلى إعادة النظر في تركيبة المجلس الإداري للمكتب.
وإذا كان عادل الفقير نسي ذلك، فها نحن نذكره بما ورد في تقرير اللجنة من دعوة صريحة ومستعجلة الى إحداث آليات لليقظة وخاصة فيما يتعلق بعقلنة وترشيد النفقات التي يتم صرفها وخاصة ما يتعلق بوسائل الدعاية والإشهار.
وسنعود لاحقا للتوقف عند لجنة التسيير التي دعت لجنة التقصي الى تفعيلها، وهي اللجنة التي ظلت مجمدة، عنوة، منذ إعادة تنظيم المكتب الوطني المغربي للسياحة سنة 1974.
نعم، لا نعتقد ان عادل فقير نسي هذه التوصيات الصادرة عن لجنة برلمانية للتقصي، كما لا نعتقد أنه نسي صراخ تلك
الموظفة التي كانت تعمل بمكتب أبو ظبي، والتي جهرت إعلاميا بما وصفته بـ”فضائح فساد” وممارسات واختلالات تنخر المكتب المغربي للسياحة ، متهمة بشكل مباشر المدير نفسه -عادل الفقير- بالضلوع فيها.
وكانت تلك الموظفة قد صرخت باتهامات فضائحية تتعلق بـهدر وتبذير المال العام والمشاريع الكثيرة التي تنفق عليها ملايير السنتيمات.