مركز تفكير بريطاني: المغرب “شريك استراتيجي” للأمن والازدهار في منطقة الساحل

أبرز المعهد الملكي للخدمات المتحدة (روسي)، وهو من أبرز مراكز التفيكر في المملكة المتحدة، في تقرير نشره أمس الخميس، يتضمن تحليلا أعدته كل من بياتريس دي ليون كوبو، ونيكولاس هوبتون، وبورجو أوزجيليك، وهم ثلاثة خبراء بارزين في القضايا العسكرية والأمنية، أن “الدور الاستراتيجي للمغرب في تعزيز الاستقرار في منطقة الساحل يكتسي أهمية مركزية لمواجهة التهديدات العابرة للحدود”.
وسجل معهد (روسي)، المتواجد في لندن، أن هذا الدور الدينامي والاستباقي للمغرب تعزز من خلال العديد من المبادرات، من بينها المبادرة الأطلسية، التي تهدف، على وجه الخصوص، إلى تعزيز التعاون الأمني الإقليمي. مبرزا أن المغرب فرض نفسه خلال السنوات الأخيرة كـ”فاعل رئيسي في دعم الاستقرار في منطقة الساحل”، مستفيدا من موقعه الاستراتيجي، وعلاقاته التاريخية الراسخة مع المنطقة، فضلا عن شراكات التنمية الاستراتيجية التي تربطه بها.
وفي هذا الصدد، استذكر معهد (روسي) اللقاء الهام الذي نظمه في دجنبر الماضي بمقره في لندن حول موضوع “الجيوسياسيات لمنطقة الساحل: التهديدات العابرة للحدود والأمن والاستقرار”، والذي عرف مشاركة العديد من الخبراء البريطانيين والأوروبيين والأفارقة، الذين ناقشوا بالتفصيل الدور الاستراتيجي الذي يضطلع به المغرب في استقرار المنطقة.
وأردف أن المغرب، بصفته “جسرا تاريخيا بين شمال وغرب إفريقيا”، يتمتع بموقع فريد يسمح له بأن يكون قوة استقرار، حيث يستخدم مزيجا من الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية لدعم التنمية المستدامة والأمن في منطقة الساحل، مبرزا أن المغرب اتخذ مجموعة من الإجراءات الاستراتيجية التي مكنته من أن يصبح شريكا رئيسيا في مجال الأمن لكل من المملكة المتحدة وأوروبا. مسجلا، بأن المبادرة الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى تمكين دول الساحل غير الساحلية من الوصول إلى الطرق التجارية البحرية عبر البنية التحتية للموانئ الأطلسية في المغرب، تعد واحدة من “أكثر الإجراءات طموحا” التي تبنتها المملكة.
فيما أبرز المعهد أن هذا المخطط يسعى إلى تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، وتقليل الاعتماد على الممرات التجارية غير المستقرة، بالإضافة إلى تعزيز روابط المغرب مع جيرانه الجنوبيين، مما سيساهم على المدى الطويل في محاربة عدم الاستقرار، والإرهاب، والاتجار غير المشروع في المنطقة، مضيفا أن هذا التكامل الاقتصادي والاستقرار الإقليمي ينسجمان تماما مع مصالح المملكة المتحدة، التي تسعى إلى دعم الأمن والتنمية في المنطقة.
علاة على ذلك، أكد مركز التفكير على أن التزام المغرب تجاه دول الساحل يدخل أيضا ضمن شراكات جيو-اقتصادية أوسع نطاقا تهدف إلى تعزيز التكامل الإقليمي، مثل مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يسعى إلى ربط الموارد الطاقية لغرب إفريقيا بشمال إفريقيا وأوروبا. مشددا على أنه “رغم التحديات الأمنية والسياسية والدبلوماسية التي تواجه المنطقة، فإن استثمارات المغرب في البنية التحتية والقطاع البنكي والاتصالات، تعكس التزامه بتعزيز الترابط الاقتصادي كوسيلة لمكافحة التطرف وتعزيز شراكات دائمة”.
وفي سياق متصل، أبرزت الخبيرة بياتريس دي ليون كوبو بأن الولوج إلى الموانئ المغربية يمنح دول الساحل “ممرا أساسيا” نحو الأسواق العالمية، مما يقلل من اعتمادها على دول الجوار الأخرى. وبعد أن توقفت دي ليون كوبو عند التهديدات التي تواجه المنطقة، أشارت إلى أهمية انخراط المغرب في دعم الساحل، وهو انخراط يُترجم على أرض الواقع من خلال تقديم المساعدات التنموية والاستثمارات في البنية التحتية، ما جعل المملكة “شريكا موثوقا” لدول المنطقة.
فيما أشارت بأن الوصول إلى البنية التحتية لموانئ المغرب يتيح للبلدان غير الساحلية في المنطقة إمكانية “حاسمة” للولوج إلى الأسواق العالمية، مشيرة إلى بعض المشاريع الاستثمارية التي تم إطلاقها بدعم من المغرب، بما في ذلك مشروع في قطاع الطاقة بالنيجر. وشددت الخبيرة على أن “دعم المغرب ساعد النيجر على تعزيز سيادته الطاقية”.
ومن جانبه، أكد مركز التفكير البريطاني على أن تعزيز الأمن في منطقة الساحل، التي تعتبر بالغة الأهمية من الناحية الاستراتيجية، يستوجب تعاونا قويا في تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنفيذ عمليات مشتركة، والاستثمار في مشاريع تنموية واجتماعية لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار. فيما خلص المعهد إلى أن نجاح جهود إرساء السلام وتعزيز الازدهار في منطقة الساحل، وفي إفريقيا الغربية بشكل عام، يعتمد على تعاون منسق ومتعدد الأطراف يتجاوز الحدود الوطنية.