مسؤول بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية يُشيد بدور المغرب في دعم العدالة الإبداعية

شهدت العاصمة الرباط، اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، افتتاح فعاليات المؤتمر الإفريقي حول حق التتبع في الفنون التشكيلية، بمشاركة خبراء دوليين ومسؤولين من منظمات ثقافية وحقوقية، ناقشوا سبل تطوير أنظمة وطنية عادلة ومنسقة لحماية الفنانين.
وخلال كلمته بالمؤتمر، أكد سام ريكيتسون، مؤلف صك المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) المتعلق بحق التتبع للفنانين، أن حق التتبع يمثل ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية للفنانين التشكيليين، مشيرا إلى أن المغرب يُعد من بين الدول الإفريقية الرائدة في هذا المجال بفضل مبادراته التشريعية والمؤسساتية الأخيرة.
وأوضح سام أن حق التتبع، الذي يمنح الفنان نسبة من عائدات إعادة بيع أعماله بعد البيع الأول، يجب أن يكون حقا غير قابل للتصرف أو التنازل، باعتباره وسيلة لضمان دخل مستدام للفنانين حتى بعد مغادرتهم الساحة الفنية، مضيفا أن اتفاقية برن، في مادتها 14(2)، تُتيح للدول حرية تحديد تفاصيل هذا الحق، بما في ذلك نسب العائدات وآليات التنفيذ والإدارة، وهو ما يمنح لكل دولة إمكانية تصميم نظام يتناسب مع واقعها الثقافي والاقتصادي.
وفي ذات السياق، أشار ريكيتسون إلى أن غياب نصوص دقيقة في الاتفاقية الدولية جعل التجارب الوطنية تختلف من بلد إلى آخر، حيث أدرجت بعض الدول هذا الحق في قانون حقوق المؤلف، بينما فضلت أخرى تخصيص تشريع مستقل له، وأكد أن من الأفضل ترك التفاصيل التقنية والإجرائية للوائح التنفيذية حتى يسهل تعديلها لاحقا وفق تطورات السوق الفنية.
واستعرض المتحدث مساهمته في إعداد الدليل العملي (Toolkit) الذي تعمل عليه المنظمة العالمية للملكية الفكرية الويبو (WIPO)، والذي يهدف إلى مساعدة الحكومات والمشرعين في بناء أنظمة وطنية فعالة لحق التتبع.
ويتكون هذا الدليل من جزأين؛ الجزء الأول مخصص للإطار التشريعي، ويتناول القوانين النموذجية والإرشادات المستمدة من اتفاقية برن؛ والجزء الثاني يعالج الجوانب التطبيقية والإدارية، خاصة ما يتعلق بإدارة الحقوق جماعيا عبر جمعيات الفنانين (CMOs).
وشدد المتدخل على أن إدارة هذا الحق بشكل فردي شبه مستحيل، ما يجعل الإدارة الجماعية خيارا ضروريا لضمان الشفافية والمساءلة، مع إمكانية خضوع هذه الهيئات لرقابة مستقلة.
وتحدث ريكيتسون أيضا عن القضايا الدقيقة التي يجب مراعاتها عند تصميم النظام، مثل: تحديد الأعمال المشمولة (خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي والأعمال الرقمية)، وتعريف سعر إعادة البيع وهل يشمل الضريبة وعمولات المزادات، نسبة الاستحقاق وكيفية احتسابها، والطرف المسؤول عن الدفع: البائع أم المشتري أم الوسيط.
كما أشار إلى أهمية مبدأ المعاملة بالمثل (Reciprocity) في ضمان استفادة الفنانين الأجانب، مبرزا أن نجاح أي نظام وطني يعتمد على إبرام اتفاقيات تبادل بين جمعيات الفنانين في مختلف الدول.
وتوقف سام عند التجربة الفرنسية التي استغرقت 14 سنة قبل توقيع أول اتفاقيات تبادل مع دول الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن مثل هذه الخطوات تتطلب وقتا وبنية مؤسساتية قوية.
وخلص ريكيتسون في مداخلته بالتأكيد على أن حق التتبع ليس مجرد آلية مالية، بل مؤسسة قانونية تهدف إلى تحقيق العدالة للفنانين التشكيليين، مشيدا بالرؤية التي أطلقتها سيلفي فوربان، نائبة المدير العام للويبو، الداعية إلى التوجه نحو معاهدة دولية موحدة لتنظيم هذا الحق.





