مطالب بتطهير منصات التواصل الاجتماعي من مروجي التفاهة والتصدي لمظاهر “الميوعة والانحلال الأخلاقي”

شهد قرار النيابة العامة إيداع اليوتيوبر المعروف بـ”رضا ولد الشينوية” سجن عكاشة، تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر رواد المنصات الرقمية عن تأييدهم للقرار ومشيدين بخطوة النيابة العامة، كما دعوا إلى توسيع نطاق المحاسبة ليشمل كافة الشخصيات التي تسيء لصورة المغرب والمغاربة من خلال نشر محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي لا يحترم الحد الأدنى من الأخلاق المعروفة على المغاربة.
وفي هذا السياق قال مهدي الودي، محامي بهيئة الرباط، في تصريحه لموقع “برلمان.كوم” إن قضية اليوتيوبر المعروف بـ”ولد الشينوية” قد أخذت أبعادا متعددة بعد تقديمه أمام وكيل الملك بالمحكمة الزجرية في الدار البيضاء يوم الأربعاء الماضي. موضحا أن تقديم “ولد الشينوية” جاء بناء على شكاية تقدمت بها إحدى الأطراف، ولم يكن بمبادرة من النيابة العامة، فيما أشار إلى أن التهم الموجهة إليه تتعلق بالتشهير، والسب والقذف، والإساءة إلى سمعة الغير عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف المحامي أن القضية مرتبطة بتبادل الاتهامات بين “ولد الشينوية” وامرأة تُعرف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم “فاطمة بنت العساس”، حيث قام كل طرف بتقديم شكاية في مواجهة الآخر، وقررت النيابة العامة إيداع المتهم وأفراد من عائلته السجن على خلفية هذه الشكايات.
وفيما يتعلق بما يُتداول حول اتهام “ولد الشينوية” بجريمة الاتجار بالبشر، أوضح الودي في تتمة تصريحه أن هذه التهمة لم تُوجه إليه رسميا حتى الآن، مشيرا إلى أن الأمر مرتبط بشكايات قدمتها الضحايا المزعومات، إضافة إلى تسريبات صوتية قد توحي بوجود شبهة لهذه الجريمة، فيما أكد أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تواصل التحقيق في هذه المعطيات للتأكد من صحتها.
وشدد الودي على أن قضية “ولد الشينوية” تسلط الضوء على حاجة المغرب إلى قوانين أكثر صرامة تضبط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر أن التصدي لمظاهر “الميوعة والانحلال الأخلاقي” التي تنتشر على هذه المنصات يستوجب تشريعات واضحة، لا تقيّد حرية التعبير، لكنها تضع ضوابط صارمة لحماية النظام العام والحياء العام.
وختم المحامي تصريحه بالتأكيد على ضرورة تدخل عاجل وحاسم لتطهير المشهد الرقمي من “المؤثرين السلبيين”، الذين يسيئون لصورة وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب.
ومن جانبه، حذر الأخصائي والمعالج النفسي عبد الغني حاميدين، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، من الانتشار المتزايد لمظاهر التفاهة داخل المجتمع المغربي وتأثيراتها السلبية على الأفراد، خصوصا على فئة الشباب والأطفال، حيث أوضح أن هذه الظاهرة تعزز سلوكيات الإحباط وتضعف الثقة بالنفس، مما يدفع الشباب إلى الانغماس في تصرفات غير بناءة مثل السب والشتم.
وأشار الأخصائي والمعالج النفسي إلى أن الأطفال هم الفئة الأكثر استهدافا من قبل هذا المحتوى التافه، الأمر الذي يسهم في بناء مجتمع يبتعد تدريجيا عن القيم الأساسية. مردفا أن”تلك السلوكيات تزرع الإدمان على محتوى غير مفيد، مما يسبب ضغطا نفسيا حادًا، خاصة في الأوساط ذات الدخل المحدود، حيث تروج مقارنات وهمية تخلق شعورا بالعجز لدى الأطفال الذين يتابعون هذا النوع من المحتوى”.
ورغم التحديات التي تفرضها هذه الظاهرة، أكد حاميدين على وجود حلول عملية للحد من تأثيرها السلبي، مبرزا أهمية التوجيه الفعال داخل المؤسسات التربوية، سواء العامة أو الخاصة، ودعم الإبداع الحقيقي من خلال دور الشباب، كما شدد على ضرورة تعزيز الفكر النقدي لدى الشباب ليتمكنوا من اختيار المحتوى المفيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بدلا من الوقوع في فخ ما يدمر بناءهم العقلي والنفسي.
وفيما يتعلق بتأثير التفاهة على القيم المجتمعية، نبه الأخصائي والمعالج النفسي إلى خطورة الرسائل السامة والمضرة التي تصل إلى الأطفال، خاصة تلك التي تروج للعنف اللفظي وتشوه القيم الأساسية. مؤكدا أن هذه الممارسات تؤثر بشكل مباشر على السلامة النفسية للأطفال، مما يستدعي تحركا عاجلا لمعالجة الظاهرة.
وختم حاميدين تصريحه بالتأكيد على ضرورة تكثيف الجهود لتوعية الشباب والأطفال بمخاطر التفاهة، مع توفير فضاءات تحفز على الإبداع وتعزز القيم الإيجابية، من أجل بناء جيل قادر على مواجهة التحديات الاجتماعية والنفسية.