اخبار المغربرمضانياتمستجدات

مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي

الخط :
إستمع للمقال

تعتبر مقاصد الصيام في الإسلام أهدافا روحية وتربوية تهدف إلى تعزيز التقوى والصبر، وتهذيب النفس، والتقرب من الله تعالى، حيث يسهم الصيام في تنمية الوعي الاجتماعي من خلال تعزيز الشعور بالتضامن مع الفقراء والمحتاجين، ويعزز الانضباط الذاتي من خلال الامتناع عن الشهوات.

بالإضافة إلى ذلك، يساهم الصيام في تعزيز الصحة البدنية، وتصفية الروح، وتحقيق التوازن بين الجسد والروح، مما يساعد المسلم على التركيز على العبادة والارتقاء الروحي.

وفي هذا السياق، قال يوسف عرود، أستاذ التربية الاسلامية وباحث في العلوم الشرعية، في حديثه مع موقع “برلمان كوم”، إن المقاصد الدينية للصيام هي كثيرة، ويبقى المقصد الرئيسي من صيام شهر رمضان، والهدف الأسمى من هذه العبادة هو تحقيق التقوى. مستدلا بآية قرآنية كريمة من سورة البقرة تقول: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”. حيث أكد الباحث في العلوم الشرعية أن الله تعالى أمر المؤمنين بالصيام كوسيلة لتحقيق التقوى.

وأوضح عرود أن التقوى ليست مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، بل هي أعمق من ذلك بكثير، حيث أكد على أن التقوى تعني الحفاظ على الحذر من الوقوع في المعاصي، والابتعاد عن ما حرم الله سبحانه وتعالى، وأشار إلى أن العلماء فسروا التقوى بطرق متعددة، من بينها أن “التقوى هي أن تجعل بينك وبين عقاب الله وقاية”، وأنها تتمثل في أن “تعمل بطاعة الله على نور من الله، وتجنب معصيته على نور من الله”.

كما بين الباحث في العلوم الشرعية أن التقوى تشمل أيضا أن يتجنب الإنسان ما نهاه الله عنه في القرآن الكريم، مثل الزنا والسرقة والغيبة والنميمة، وأكد أن هذا يشمل الابتعاد عن هذه الأمور خصوصا في شهر رمضان، لأن في هذا الشهر الفضيل يكون الذنب مضاعف وحتى الأجر يكون مضاعف. موضحا أن : “التقوى هي أن تجد نفسك بعيدا عن المعاصي، وأن تجد نفسك حيث أمرك الله، وفي الأماكن التي يحبك فيها الله، مثل المساجد، وأثناء الصلاة، وقراءة القرآن”.

وفي هذا السياق، تطرق عرود إلى حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي سأل أحد الصحابة عن معنى التقوى، فأجاب الصحابي قائلا: “إذا كنت في أرض بها شوك وحجر، ماذا تفعل؟”، فأجاب عمر: “أتقي وأشمر”، معبرا بذلك أن التقوى “هِي تَشمـيرٌ للطَّاعة، ونظرٌ فِي الحَلال وَالحرَام، وَورعٌ مِن الزَّلل، وَمخافَة وَخشيَة مِن الكبِير المُتعالي وهِي أسَاس الدِّين وبِها يُرتقىٰ إلىٰ مَراتب اليَقين، وَزاد القُلوب وَالأرواحُ فِيها تَقتات وَبها تَقوى”.

وأكد الباحث في العلوم الشرعية، على أن رمضان هو “مدرسة ربانية”، إذ يمثل فرصة عظيمة للمؤمنين لتجديد علاقتهم بالله، حيث يتضاعف الأجر وتتضاعف أيضا الذنوب في هذا الشهر، ما يستدعي تجنب المعاصي والابتعاد عن المحرمات بشكل خاص خلاله. وأضاف أن رمضان يتيح فرصة للتوبة والاستغفار وإصلاح السلوك، مؤكدا أنه شهر التغيير إلى الأفضل.

وفي حديثه عن كيفية تحقيق التقوى، أكد عرود على ضرورة الإخلاص في العبادة، مشيرا إلى أن الأعمال يجب أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى، سواء في الصيام أو الصلاة أو قراءة القرآن أو حتى في أعمال الخير مثل الصدقات، كما أوضح أنه ينبغي أن تكون هذه الأعمال خالية من الرياء والتفاخر أمام الناس.

وشدد ذات المصدر أيضا على ضرورة “السلامة من ظلم العباد”، وأكد على أن المسلم في هذا الشهر الكريم يجب أن يتجنب ارتكاب الكبائر مثل الغيبة والنميمة والكذب والسرقة. وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”، وهو حديث يحث المسلم على أن يكون صيامه كاملا من جميع الجوانب الروحية والجسدية.

واختتم الباحث في العلوم الشرعية حديثه بتسليط الضوء على ثمار التقوى، مشيرا إلى أن التقوى تعتبر سببا رئيسيا لدخول الجنة. وقال في هذا الصدد: “التقوى تورث العبد الجنة، وهي أعظم نعمة يمكن أن يحصل عليها الإنسان في الدنيا والآخرة”. وذكر قول الله تعالى: “تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا”، (مريم – 63)، مؤكدا على أن التقوى تجمع كل خير في الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى