اخبار المغربمجتمعمستجدات

ممثلة عن الـ”CNDP” : تبسيط الإجراءات رهين بهوية رقمية آمنة واحترام خصوصية المواطن (صور)

الخط :
إستمع للمقال

شاركت فردوس متقال، ممثلة اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP)، في ندوة علمية نظمت ضمن فعاليات الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني بمدينة الجديدة، حيث قدمت عرضا حول “الطرف الثالث الموثوق الوطني” من زاوية حماية المعطيات الشخصية، مبرزة الأبعاد القانونية، التقنية، والمؤسساتية لهذا الورش الوطني الحيوي.

وفي هذا السياق، استهلت متقال مداخلتها بالتأكيد على أن حماية المعطيات الشخصية تُعدّ حقا إنسانيا أساسيا، ورافعة للتنمية الاقتصادية في سياق اقتصاد المعرفة، لما لها من دور في خلق مهن جديدة، ودعم التجارة الدولية، وجذب الاستثمار، ورقمنة الإدارة. وأشارت إلى أن الإشكال الجوهري يتمثل اليوم في تحقيق توازن بين التزامات المسؤولين عن المعالجة، خاصة الإدارات العمومية، وضمان حقوق المواطنين كأشخاص معنيين بالمعطيات.

في هذا الصدد، استعرضت متقال الإطار القانوني المنظم لحماية المعطيات الشخصية، انطلاقا من المواثيق الدولية التي انخرط فيها المغرب، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية 108 المتخصصة، مرورا بالمادة 24 من الدستور، وصولا إلى القانون 09.08، ومراسيمه التطبيقية، والنظام الداخلي، واجتهادات اللجنة في شكل مداولات، أبرزها تلك المتعلقة بهندسة المعرفات الرقمية.

كما قدمت المتحدثة شرحا مفاهيميا حول أهم المصطلحات الأساسية، كالمعالجة، التي تعني استخدام المعطيات من طرف المسؤول لتقديم خدمة معينة، والشخص المعني، وهو المواطن، وحقوقه في الولوج، والتصحيح، والمعارضة، كما عددت التزامات المسؤولين عن المعالجة، مثل احترام مبدأ التناسب، ومعالجة المعطيات بطريقة قانونية وآمنة وشفافة، وتحديد مدة الاحتفاظ بها.

وفي سياق التحول الرقمي، اعتبرت متقال أن الرقمنة أضحت ضرورة لا غنى عنها، لما توفره من فرص لتخصيص الخدمات وتحسين فعاليتها، لكنها تطرح في المقابل تحديات تقنية وتنظيمية، مثل الهجمات الإلكترونية، وسوء تدبير الصلاحيات. وشددت على أن الثقة تُعدّ شرطا أساسيا لنجاح الرقمنة، ما يستدعي حماية قوية للمعطيات الشخصية لطمأنة المواطنين.

هنا، أكدت أن حماية الحياة الخاصة تبدأ من مبدأ جوهري يتمثل في فصل المعطيات التعريفية عن معطيات الاستخدام والمصادقة، واعتبرت الطرف الثالث الموثوق الوطني أحد اللبنات الأساسية لبناء هذه الثقة، مشيرة إلى أن اللجنة أصدرت في 2020 مداولة تؤطر هذا التصور. فيما قد أوصت هذه المداولة بهندسة معرفات تراعي الاعتبارات الدستورية، والاقتصادية، والمجتمعية، والتقنية، وتمنع تخزين المعطيات البيومترية في قواعد بيانات متعددة من طرف مزودين مختلفين، لما يشكله ذلك من خطر أمني.

واعتبرت متقال أن تعدد الجهات المسؤولة عن معالجة معطيات الهوية يؤدي إلى مضاعفة قواعد البيانات، ما يرفع من احتمالية الاختراقات والتهديدات السيبرانية. وعليه، يمثل الطرف الثالث الموثوق الوطني، كجهة سيادية، أداة قانونية قوية وقاعدة ثقة رقمية تحصّن خدمات الهوية وتقلل من المخاطر.

كما تطرقت إلى فوائد فصل المعطيات، من بينها مكافحة الاحتيال وانتحال الهوية، وتقليص الأضرار عند حصول خرق أمني، وتطبيق مبدأ “الحد الأدنى من الصلاحيات”، بحيث يحصل كل مزود خدمة على ما يحتاجه فقط من بيانات، دون الاطلاع على كافة المعطيات، كما هو الحال في النموذج المعتمد من طرف المديرية العامة للأمن الوطني.

وسلّطت المتحدثة الضوء على عدد من المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها هذا التصور، كشرعية المعالجة، ودقة المعطيات، وتحديد الغاية، والتناسب، والمدة المحددة للاحتفاظ، وأخيرا مبدأ “الخصوصية منذ التصميم” أو privacy by design، الذي يستند عليه الطرف الثالث الموثوق لتكريس الثقة في المعمارية الرقمية الوطنية.

وأبرزت متقال أن بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية تسمح بالتحقق من الهوية على أساس معطيات محلية غير مركزية، ما يُجنّب اللجوء إلى قواعد بيانات مركزية قد تكون عرضة للاختراق. مشيرة إلى عدد من الاتفاقيات الموقعة بين اللجنة والمديرية العامة للأمن الوطني وعدد من المؤسسات، مثل بنك المغرب، فدرالية التأمين، الوزارة المكلفة بقطاع الصحة، وجمعية مؤسسات الأداء، ووزارة الانتقال الرقمي، بهدف تعميم الطرف الثالث الموثوق في قطاعات مختلفة.

أوضحت المتحدثة أن هذه الاتفاقيات تهدف إلى التحقق من الهوية بشكل آمن أثناء الولوج إلى خدمات التأمين، أو الخدمات البنكية، أو الخدمات الصحية، أو خدمات موجهة للشباب مثل “باس الشباب”، دون الحاجة إلى وسطاء أو جهات خارجية، ما يُكرس السيادة الرقمية.

كما أبرزت أن اللجنة الوطنية ليست الفاعل الوحيد، بل تعمل في إطار تكاملي مع وزارة الانتقال الرقمي من أجل اعتماد منصة “إدارتي” كواجهة موحدة للخدمات العمومية، مع الحرص على أن تتم المصادقة على الهوية عبر الطرف الثالث الموثوق، بما ينسجم مع مقتضيات القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات.

في ختام مداخلتها، أكدت فردوس متقال أن اللجنة توصي بتطبيق مبدأ فصل المعطيات في كافة الخدمات الرقمية، باعتباره وسيلة لتقليص المخاطر، وتفادي الاستعانة بوسطاء، وتوحيد منهجية تقديم الخدمات، مما سيساهم في تحسين تجربة المواطن وتقليص الكلفة العامة. كما شددت على أهمية وضع المواطن في صلب السياسات العمومية، واعتماد حلول رقمية بسيطة، موحدة وآمنة، مبنية على بنية وطنية موثوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى