اخبار المغربرأي في قضيةمستجدات

من مقرات الأحزاب إلى الفضاء الأزرق.. تحوّلات النقاش العمومي في زمن جيل Z

الخط :
إستمع للمقال

لقد انتقل النقاش العمومي في السنوات الأخيرة من مقرات الأحزاب والإعلام العمومي إلى الفضاء الأزرق، وذلك لأسباب متعددة… أولها فشل الأحزاب السياسية في أداء أدوارها الأساسية وفي مواكبة التحولات الرقمية، وعدم قدرتها على إنشاء فضاءات إلكترونية قادرة على استقطاب رواد الشبكات الاجتماعية. ولعل آخرها سهولة الولوج إلى هذا الفضاء الحر، الذي لا تحده رقابة ولا بيروقراطية، إذ يكفي ضغط زر واحد لتتواصل مع العالم بأسره.

اليوم، يتصدر المشهد جيل “Z”، هذه الفئة التي تمثل أكثر من 25% من ساكنة البلاد. جيل تربى في زمن الانفتاح، يمتلك رؤى واهتمامات تختلف جذريًا عن الأجيال السابقة. قد تتفق معها أو تختلف، لكن لا يمكن بأي حال تجاهله أو مصادرة حقه في التعبير. بل من الواجب الإصغاء إليه والاستفادة من طاقاته الإبداعية وقدرته على التجديد.

غير أن الإشكال الحقيقي يكمن في فجوة التواصل بين الأجيال. فالكثير ممن تربوا في سياقات مغايرة لا يدركون لغة هذا الجيل ولا أساليبه في التعبير، وهو ما يتجلى في طريقة تفاعل عدد من المؤثرين في المحتوى السياسي، الذين يدافعون بدافع شخصي أو بتوجيه عن مواقف الدولة بأسلوب استفزازي، يجعلهم يثيرون الجدل بدل أن يفتحوا بابا لنقاش هادئ وبناء. وهكذا تتحول صفحاتهم من فضاءات للحوار إلى ساحات تغذي الانقسام وتؤجج الخلاف بين المواطنين.

لقد أصبحت تقنيات التواصل القائمة على الاستفزاز لجلب التفاعل، وسياسة الهروب إلى الأمام عبر خلق أعداء وهميين أو التلويح بفزاعة “التمويل الخارجي”، أدوات متجاوزة فقدت مصداقيتها وأثرها.

وعوض أن توجه الانتقادات والغضب الشعبي نحو مقترحات عملية تُسهم في الإصلاح، نجد البعض يختار طريق السخرية أو التخوين لمجرّد اختلاف الرأي. وربما يتفق الجميع على جوهر الحكم ومؤسساته، لكن الاختلاف في الشكل والأسلوب يظل أمرا طبيعيا وصحيا، متى توفرت النية الصادقة والإرادة الحقيقية للإصغاء والتفاعل الإيجابي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى