الأخبارمجتمعمستجدات

نقطة نظام.. حول قرار البرلمان الأوروبي

الخط :
إستمع للمقال

هي نقطة نظام لا مندوحة منها، وبعدها يتعين أن يعود الجميع إلى السطر، أو بالأحرى يعود إلى الرشد.

فمن يتوهم أن قرار البرلمان الأوروبي هو صك براءة لعمر الراضي وتوفيق بوعشرين وسليمان الريسوني من التهم الجنائية المنسوبة إليهم، فهو إما واهم أو مكابر أو ساذج.

واهم، وهذا الوصف ينصرف أساسا للراضي الأب، الذي تخيل وهو في غمرة غبطته “اللاوطنية” أن البرلمان الأوروبي ربما “أدان المغرب انتصارا لفحولة ابنه على مضجع زميلته الصحافية، وكذا تحليلا (من الحلال) لتواطئه مع الأجنبي ضد مصالح بلده”.

وواهم أيضا، لأنه اعتقد، وهو منتشي بهذا القرار السياسي، بأن نجله سيغادر السجن على “هودج قرار البرلمان الأوروبي”، ناسيا أو متناسيا بأن هذا البرلمان هو في الأساس هيئة سياسية تخدم مصالح محيطها الأوروبي ولا تكترث لجرائم عمر وسليمان وغيرهما.

ومدعاة الوهم تبرز أكثر عندما نعلم بأن البرلمان الأوروبي هو هيئة سياسية لا تبث في قضايا الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، وليس من صلاحياتها التعقيب على أحكام ومقررات قضاء أجنبي، وأن استخدامها لقضايا عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين وغيرهم هو بمثابة “طُعم” يراد به اصطياد مغانم سياسية واقتصادية في بحر المغرب.

وللأسف الشديد، فهناك من انساق مهللا ومطبلا لهذا القرار السياسي الأوروبي، ولعدد المصوتين عليه، مدفوعا إما بسذاجته أو بخيانته، مثل علي لمرابط وسعيد العمراني وغيرهما.

فمعظم الذين صوتوا لفائدة هذا القرار لا يعرفون عن عمر الراضي سوى أنه مجرد اسم في مناورة سياسية بين أوروبا وضفتها الجنوبية ممثلة في المغرب، كما أنهم لم يطلعوا نهائيا على قضيته الجنائية ولا يعرفون حتى ضحيته، وبالتالي فإن تصويتهم هذا هو قرار سياسي بامتياز.

كما أن الذين صوتوا على هذا القرار، أو بالأحرى غالبيتهم، كانوا يحاولون في العمق تبرئة أنفسهم من تهمة الفساد المالي التي تنخر البرلمان الأوروبي، وذلك عبر التلاعب بقضية عمر الراضي ومن معه.

فكأنما لسان حالهم يقول، لئن صوتنا ضد المغرب وقطر وغيرهما من الدول.. فكأنما ندفع بشهادة براءة ظاهرية من تهمة الفساد المالي والرشوة التي تلاحق العديد من البرلمانيين الأوروبيين، والتي كشفت كيف أضحى البرلمان الأوروبي بمثابة “بؤرة فاسدة” تصنع قرارتها الاستراتيجية عن طريق الابتزاز والفساد.

هذه هي حقيقة قرار البرلمان الأوروبي، الذي انتفخت أوداج علي لمرابط وسعيد العمراني والحسين محجوبي وغيرهم، وهم يهللون له في الفضاء الرقمي معتقدين أنه هزيمة للمغرب، بينما هو في الحقيقة إلتفاف حول مدى جدية الفاعل السياسي الأوروبي، المنخور بالفساد من أخمص قدمه حتى جوفه الذي لا يملؤه إلا التراب.

ومن باب التصويب والتوضيح معا، فالبرلمان الأوروبي في قضية عمر الراضي هو خصم وطرف في آن واحد، وهي مسألة تنفي عنه الحيادية والموضوعية، وتدفع بالتجريح والمخاصمة في قراراته! كيف ذلك؟

فمن بين التهم المنسوبة لعمر الراضي، كانت هي التخابر مع الأجنبي بغرض الإضرار بالمصالح الدبلوماسية والاقتصادية للمملكة! وهذا الأجنبي كان في الأصل أوروبيا وكان وكيله هولنديا. وعندما يصوت البرلمان الأوروبي ضد المغرب في قضية عمر الراضي، فإنما يسقط عن أوروبا وعن نفسه تهمة التخابر والتواطؤ ضد مصالح المغرب.

وفي المحصلة، فإن من يهلل لقرار البرلمان الأوروبي ضد المغرب عليه أن يدرك جيدا بأن أوروبا لا تنتصر لحقوق الإنسان، ولا تهتم بالمغتصبين وهاتكي العرض بالعنف والمتاجرين بالبشر، فرصيدها وتاريخها في هذا المجال غير مشرف نهائيا. فهي تبحث في الأصل عن مصالحها، وتحاول طمس فضيحة رشاوي برلمانييها، خاصة بعدما ظهر جليا للعالم بأن البرلماني الأوروبي هو شخص مشبوه فيه إلى أن يثبت العكس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى