الأخبارخارج الحدودمستجدات

هشام جيراندو.. ضحية “مصطنعة” في حرب إعلامية يقودها شنقريحة الرئيس الفعلي للجزائر

الخط :
إستمع للمقال

يواصل الهارب سيئ السمعة، المدعو هشام جيراندو، ترويج نفسه كضحية، في حوار موجه أجراه مع فرانسيسكو كاريون، على الموقع الإسباني “El Independiente”، حيث يتقمص دور الضحية عبر مزيج من الاتهامات الواهية والمشاهد المصطنعة، في محاولة لتعزيز الدعاية الجزائرية.

ويظهر اختفاؤه المفاجئ من كندا وعودته عبر منصات إعلامية موالية لأجندة الجزائر، كجزء من استراتيجية مألوفة، استقطاب شخصيات مثيرة للجدل، على خلاف مع بلدانها الأصلية، خاصة المغرب، وتوظيفها في الحرب الإعلامية.

وفي هذا الصدد، ينتهج الجنرال سعيد شنقريحة، الحاكم الفعلي للجزائر، هذه الاستراتيجية منذ سنوات، معتمدا على شخصيات منبوذة تبحث عن اعتراف، ليجعل منها أدوات في حملته الدعائية ضد المغرب، مستغلا تناقضاتها لتحقيق أهدافه الإعلامية.

وبهذا، ينضم جيراندو إلى قائمة تضم علي المرابط، دنيا فيلالي وزوجها، وآخرين وقعوا في قبضة شنقريحة خلال السنوات الأخيرة، والغريب أن أسماء مثل المعطي منجيب، فؤاد عبد المومني، وسليمان الريسوني اختاروا جميعا نفس القناة الإعلامية التي يديرها فرانسيسكو كاريون لتقديم أنفسهم كضحايا، محولين أنفسهم إلى منفيين سياسيين أو نشطاء مضطهدين، رغم أن مصداقيتهم تآكلت بسبب تناقضاتهم ورغبتهم في الانتقام.

ولم يجد هشام جيراندو منبرا أفضل من صحيفة “El Independiente”، المعروفة بكونها قابلة للاختراق من قبل الدوائر العسكرية الجزائرية، حيث ينضم هذا الشخص، الذي يقدم نفسه كمناهض للسلطات المغربية، إلى مجموعة من الأشخاص التي استثمرتها الدعاية الجزائرية لدعم خطابها العدائي تجاه الرباط.

ومن الواضح أنه لو كانت رواية جيراندو مبنية على حقائق موثوقة، ولو كانت اتهاماته أكثر من مجرد خليط من التهويل والخلط، لكانت وسائل الإعلام الغربية الجادة تناولتها. في حين، وبدلا من ذلك، وجدت هذه الحكاية صداها في أعمدة فرانسيسكو كاريون، الذي لا يعدو كونه مجرد كاتب دعائي، مما يجعل مقابلته أشبه بمنبر دعائي مجاني لرجل تائه، يسعى إلى حبك رواية مصممة خصيصا لقنوات الدعاية التي تستقبله.

وتظهر قضية جيراندو نهجا بات معروفا، أو ممكن أن نقول “مفضوحا”، يعتمد عليه النظام الجزائري في حربه الرقمية ضد المغرب، حيث يسعى لمنح هجماته مظهر الشرعية عبر استقطاب شخصيات مغربية منبوذة وتقديمها في صورة “معارضين”، مما يضفي على دعايته طابعا من المصداقية الظاهرية، حيث يتكرر هذا النمط دائما مع شخصيات هامشية، والتي غالبا ما تكون محاطة بفضائح شخصية أو قضائية، والتي تجد في دور “المنفي المضطهد” وسيلة لاستعادة مكانتها. إذ تمر هذه العملية بثلاث مراحل: أولا، بناء صورة “ضحية القمع”، ثم تضخيم هذا الخطاب عبر وسائل إعلام متعاطفة موجهة، وأخيرا إدماج هذه الشخصيات في شبكة أوسع لتصبح أدوات في استراتيجية تتجاوزهم.


وبذلك، يكون جيراندو قد حقق كل هذه المعايير، فبعدما استغل وجوده في كندا لنشر خطابات مليئة بالإساءات والاتهامات غير المدعمة ضد المؤسسات المغربية، تغيّر خطابه عندما بدأ يواجه متاعب قانونية، مقدِّمًا نفسه كضحية لمخطط قمعي، حيث سمحت له هذه النقلة باكتساب زخم داخل دوائر ترى فيه صوتا مفيدا.

وفي سياق متصل، يعكس دور صحيفة “El Independiente” في هذه القضية ظاهرة أوسع لصحافة تلعب دورا رئيسيا في صناعة هذه السرديات الموجهة، فبدلا من إخضاع جيراندو لمقابلة نقدية، اكتفى مقال كاريون بإعادة تدوير ادعاءاته دون مساءلتها أو مقارنتها بالحقائق أو بالواقع المؤسسي للمغرب، وهذا يحيلنا على سؤال بات مطروحا: ماذا يُنتظر من صحيفة موالية للجزائر؟.

ويُظهر غياب المعايير الصحفية في بعض وسائل الإعلام الإسبانية، التي أصبحت منصات لخطاب معاد للمغرب، استجابة لمصالح جيوسياسية تربطها بالدوائر الجزائرية. فالجزائر تستخدم هذه المنابر لنشر روايات مشوهة، مستعينة بمنبوذين وأقلام مأجورة مثل فرانسيسكو كاريون، حيث تندرج مقابلة جيراندو ضمن هذا السياق، وصُمم خطابه لتشويه المؤسسات المغربية وتصوير نفسه كضحية للقمع، مع تشبيه قضيته باغتيال جمال خاشقجي لإضفاء طابع درامي عليها.

فيما تكمن المشكلة في هذه الروايات المبالغ فيها في أنها تفقد تأثيرها مع تكرارها، حيث أضعف تعدد الشخصيات المقدمة كـ “منشقين” خطاب الدعاية الجزائرية بدلا من أن يعززه. ومع مرور الوقت، تكشف مسارات هؤلاء الأفراد عن نمط متكرر يتضمن اتهامات متطرفة، منابر إعلامية محددة تتلقفها دون تمحيص، وانضمام تدريجي إلى شبكة تستخدمهم كأدوات في حرب إعلامية أكبر.

إذ إن النهج أصبح مكشوفا، معارضة انتهازية، خطاب مصمم لجذب جمهور معين، وهروب بلا أفق. وفي النهاية، هشام جيراندو ليس سوى ترس جديد في آلة دعاية تستنفد نفسها، وأداة عابرة في حرب إعلامية باتت مكشوفة أكثر من اللازم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى