
يعتبر معبر باب المندب من أهم النقط التجارية والمعابر البحرية عبر العالم. وذلك بفضل موقعه الحاسم بخصوص مسار السفن التجارية، كونه البوابة الجنوبية للبحر الأحمر والتي تصله بخليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي، ما يجعله حلقة وصل مهمة بين شرق آسيا و أوروبا عبر طريق تجاري هو الأقصر والأقل تكلفة.

ونظرا لهذه العوامل وهذا الموقع الفريد الذي يتموقع فيه بات باب المندب يكتسي أهمية استراتيجية واقتصادية وعسكرية بالغة. أهمية جعلت منه ورقة سياسية رابحة في الحروب والنزاعات الإقليمية والدولية. فبمجرد إغلاقه؛ تتعطل كافة المصالح التجارية- خاصة في القارات الأوروبية والإفريقية والآسيوية- فتصبح القوى أمام اختيارين لا ثالث لهما، الرضوخ للتفاوض مع المتحكم بالمعبر، أو تكبد الخسائر الوخيمة التي سترخي بظلالها- بشكل أكيد- على الاقتصاد العالمي ككل.
وهو الحال الذي بتنا نعيشه اليوم عندما بسطت جماعة الحوثي اليمنية سيطرتها على المضيق واستهدفت السفن الإسرائيلية العابرة له كرد على المذبحة التي يعيشها قطاع غزة منذ شهرين ونصف ونصرة للفلسطينيين. سيطرة سرعان ما أثَّرت على حركة الملاحة البحرية عبر المعبر وبعثرت نسقها، حتى أن عشرات شركات النقل البحري غيَّرت مسارها من القناة إلى رأس الرجاء الصالح، حسب ما كشف رئيس هيئة قناة السويس.

وبدوره؛ ليس المغرب ببعيد عن تداعيات هذا التأزم القائم. فمن جهة؛ قد يضعه هذا الاحتقان أمام استفادة وانعكاس إيجابي، إذ ستضطر خطوط الملاحية البحرية بين أوروبا وآسيا إلى تغيير مسارها- إلى حين حل الأزمة- لتصير عبر المحيط الأطلسي مرورا بالمحيط الهندي. ما يعني أن المسار الجديد المحتمل سيمر أساسا عبر مضيق جبل طارق المغربي (نقطة التقاء بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط).
ومن جهة أخرى؛ لا يشكل المغرب محطة عبور للسفن التجارية فقط، فهو أيضا له معاملات تجارية عبر الواجهة المتوسطية. أي أنه هو الآخر سيضطر لاعتماد المسار الجديد، وهو مسار أطول بكثير من نظيره العابر لباب المندب، ما يعني تطلبه وقتا أطول وكلفة أكبر لوصول السلع التجارية.

وارتباطا بذلك؛ أبرز يوسف كراوي الفيلالي، المحلل الاقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، في حديث لـ”برلمان.كوم”، أن “التوثرات الجيوعسكرية في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر ستؤثر سلبا على المغرب”.
وأرجع كراوي ذلك إلى أن “عددا من المواد الطاقية والمواد الأولية التي يستعملها المغرب هي مستوردة من منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي؛ إذا انخفض العرض وبقي الطلب مرتفعا سترتفع أثمنة هذه المواد. ما سيفاقم عجز الميزان التجاري، وبالتالي حتى احتياطي العملة الصعبة سينخفض، لأن كل هذه المعاملات تكون باليورو أو الدولار”.
وشدّد ذات المحلل على أن “هذه التوثرات الحاصلة بمعبر باب المندب ليست في صالح المغرب. ونتمنى أن تأخذ الملاحة البحرية مجراها الطبيعي رغم التوثرات الحاصلة في قطاع غزة بين إسرائيل والشعب الفلسطيني الشقيق”.