الأخبارسياسةمستجدات

هل ستفتح النيابة العامة تحقيقا حول حيثيات الحكم الابتدائي في قضية اغتصاب فتاة تيفلت؟ وماهو دور وهبي في ما يقع؟

الخط :
إستمع للمقال

قبل حوالي 17 يوما وبالضبط يوم 29 مارس المنصرم، نشر موقع “برلمان.كوم” مقالا تساءل في عنوانه عما يقع في بلدنا، استحضارا لما قضته محكمة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، بخصوص جريمة الاغتصاب الشنيعة التي تعرضت لها صبية تبلغ من العمر  11 سنة حين تناوب على جسدها الصغير ثلاثة وحوش آدمية، وكان “برلمان.كوم” أول من أثار القضية، ولفت الانتباه إلى خطورة مثل هذه الأحكام، على مستقبل العلاقات الاجتماعية في المغرب. ومن تم طفت  القضية على سطح الرأي العام، لتصبح قضية رأي عام.

ولم تتوقف المجموعة الإعلامية لبرلمان.كوم عند هذه المقالات المكتوبة، بل خصصت حلقة كاملة لبرنامج” نخرجو ليها ديركيت” الذي يبثه كل يو سبت “برلمان راديو” بحضور أحد محاميي الضحية، الأستاذ عبد الفتاح زهراش، والمحامية مريم جمال الدين الإدريسي، حيث كان الوضوح سيد الكلمة، وتم تناول القضية من جوانب اجتماعية وقانونية وانسانية بل وسياسية ايضا، مادام وزير العدل عبد اللطيف وهبي يغرد خارج سرب المجتمع الذي نشأ وترعرع فيه.

وبالأمس فقط، صحّحت محكمة الجنايات الاستئنافية الحكم، وقضت في حق المتهمين ب40 سنة نافذة موزعة بينهم، نال فيها المتهم الرئيسي الجزاء الأكبر بعشرين سنة نافذة.

واليوم، وبعد أن أعاد القضاء الأمور إلى نصابها عدلا للفتاة ووالديها، وانصافا لكل قريناتها التواقات إلى العيش بأمان في مجتمع متوازن، تحت حماية القانون والقضاء المغربيين، فقد حان الوقت لطرح عدة أسئلة مشروعة، ومنها: ألا يجب على النيابة العامة فتح تحقيق عاجل و شفاف، حول حيثيات ودوافع الأحكام الابتدائية المخففة التي صدرت بخصوص هذه القضية؟ وعلى أي أساس استندت الهيئة القضائية المكلفة بالنظر في الملف ابتدائيا، حتى تكتفي بمعاقبة الجناة بتلك العقوبة الهينة ؟ وكيف تحولت الأحكام بقدرة قادر من سنتين لكل متهم، إلى عشرين سنة للمتهم الرئيسي، ومعها عشرون أخرى لباقي المتهمين؟ أين يكمن الخطأ؟ وكيف يجب الإسراع بمعالجته؟ كيف السبيل إلى تدارك الأخطاء، ولملمة الجراحات، ومعالجة صورة المغرب التي تم خدشها في الداخل  قبل الخارج؟

إن الأحكام التي صدرت استئنافيا هي نفسها التي كان من المفروض أن تصدر ابتدائيا “ومريضنا ما عندو باس”. كون التهم التي توبع بها المتهمون تدخل في نطاق الجنايات، وتتراوح عقوبتها بحسب المادة 486 و488 من القانون الجنائي، من 10 سنوات إلى 30 سنة. ونحن نعلم  أن القضاء يصدر أحكامه بناء على النصوص إذا توفرت، وأن القاعدة القانونية والفقهية تقول إن لا اجتهاد مع توفر النص.

هذه الأسئلة وأخرى، مما يطرحه الرأي العام تستدعي  التحقيق المستعجل من طرف الجهات المختصة، وفي مقدمتها النيابة العامة المطالبة بالتحقيق في هذه الفضيحة التي خدشت صورة المغرب داخليا وخارجيا، وأعطت للمتربصين ببلادنا وبمؤسساتنا الفرصة لمواصلة استهدافها، حتى يكشف سر النطق بالأحكام الابتدائية الاي صدرت باسم جلالة الملك، وتشويه صورة المغرب والمغاربة، وكأننا نعيش في مجتمع بدائي، او بالأحرى همجي، يحرض على اغتصاب الفتيات، مهما كان سنهن فبالأحرى فتيات السن والبراءة، وهتك الأعراض، والتدرع بالعلاقات الرضائية، لقضاء مآرب تؤخر تقدم مجتمعنا بل وتلطخ سمعته عربيا واسلاميا ودوليا، وتشريع الخيانة الزوجية عبر الالتواء في منعرجات سياسية وكلامية مرفوضة، كالتي يشهرها في وجه المجتمع المغربي الوزير عبد اللطيف وهبي.

ولعله من نافلة الصدف أن تتزامن قضية الأحكام المخففة في واقعة الصبية المغتصبة، مع الخرجات المتكررة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، وحديثه أمام وسائل الإعلام عن العلاقات الرضائية بشكل كبير، وكأن المشاكل التي تواجه المغاربة مع هذه الحكومة انتهت، وأصبح همّها هو هذا النوع من العلاقات. ليسعى وهبي إلى استباحة عرض وشرف المغاربة، وتوفير الحماية القانونية للمغتصبين، والمتورطين في الجرائم الجنسية.

ولعلّ إصرار وهبي على إيجاد مخرج او غطاء للخيانة الزوجية والعلاقات الرضائية بطريقة او بأخرى، ضمن التعديلات التي تستعد وزارته لاقتراحها في مدونة القانون الجنائي، يندرج ضمن هذا المسار، وإن من شأنه أن يثير بلابل وفتن اجتماعية، نحن في غنى عنها، وها نحن نكررها جهرا من باب مسؤوليتنا الاعلامية: إننا في غنى عنها، وإن الاحتماء بالخطاب السياسي لا ينفع في مثل هذه الامور، بل هو مرفوض بتاتا. ثم إن المداراة السياسية في قضايا تشبه لهيب النار مرفوضة ايضا، كأن يغض الحزب الاول الطرف عما يتورط فيه حزب شريك في الأغلبية، من باب “عين ميكة” أو من باب: “خليه يغرق باش يعرف جزاء خفة الرجل”. والخلاصة أنه لا يمكن القبول بهذه الممارسات ابدا في مجال تدبير الشأن الاجتماعي والقانوني للمغاربة. وبالتالي، فإن رئيس الحكومة يعتبر شريكا ما لم يسارع إلى التدخل بسرعة لكبح جماح اللسان الفوضوي لوزيره في العدل، خاصة أننا، كمغاربة، مللنا هذا القرف.

ولعله من واجب التذكير أيضا، أن نميط اللثام عن خلفية التصريحات الأخيرة لوزير العدل (الفيديو رفقته) التي تمس بنفسية وكرامة المواطن المغربي، لأنها تتعلق ببيته وأسرته، ولا مجال لأي مراوغات سياسية فيها. ذلك أنها تحيلنا مباشرة على الفضيحة الأخلاقية التي سبق ان تورط فيها النائب الأول لعبد اللطيف وهبي بالمجلس الجماعي بتارودانت، أو بالأحرى رئيس الجماعة بالنيابة، وهو الشخص نفسه الذي ألحقه وهبي مؤخرا من وزارة التربية الوطنية لوزارة العدل كموظف بالمحكمة الابتدائية بتارودانت، بعدما كان معلما بمؤسسة ابتدائية. هذا الأخير، سبق أن أثيرت حوله فضيحة، تزكم الأنوف، حول تورطه في علاقة مع سيدة متزوجة ولها أبناء، كانت تشتغل كعاملة عرضية في “الإنعاش”، قبل أن تتدخل المظلة الرئيسية لصاحب الفعلة، لإجبار زوج السيدة على التنازل مقابل ترضية تلاها الطلاق، وتشتيت اسرة بكاملها وهي  تتألف من خمسة أشخاص.

إن التصريحات المنحرفة لعبد اللطيف وهبي قد توقع المجتمع في الزبى وليس في الزنى فقط، وان الأولى في مثل هذه الحالات، أن لا يستند المجتمع المغربي في بناءه على الزواج وعلى المكون الأسري، كما يريد له عبد اللطيف وهبي. والغريب أن ما ينادي إليه وهبي من  شرخ واعوجاج، يتم وسط صمت رئيس الحكومة وشريكه الثالث في الحكومة حزب الاستقلال، وتحت أعين جهات وحركات أخرى ذات مرجعيات متعددة، تتربص للانقضاض على الفرصة، حينما ينتقل الوزير من المقدمة الكلامية إلى التطبيق التشريعي وحينها لن ينفعنا القول: “جنت على نفسها براقش”. وأخيرا نقول للثلاثة الذين “وحدهم يملكون الحقيقة” كما جاء على لسان بهلواني الحقل السياسي عبد اللطيف وهبي، إنكم لن تستطيعوا صرف أنظار المواطن المغربي عما يؤرقه: غلاء المعيشة، الفساد، فشل الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى