واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا

أصدرت إيران في الأيام الأولى من الحرب بين إسرائيل وحماس تهديدا غريبا أربك المراقبين، “إذا لم تتراجع إسرائيل في غزة، فستقوم طهران بإغلاق مضيق جبل طارق، وهو الممر البحري الضيق الذي يفصل أفريقيا عن أوروبا ويربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي”، حيث بدا هذا التهديد وقتها فارغا، إذ لم يكن لإيران أو وكلائها المعروفين وجود عسكري قريب من المضيق يمكنهم من تنفيذه، حسبما جاء في تقرير نشرته منظمة الدفاع عن الديمقراطيات.
وحسب ذات المصدر، تكشف التطورات الحديثة منطق ذلك التهديد، حيث أظهر تقرير جديد لصحيفة “واشنطن بوست” عن حزب الله تفصيلا حاسما، مفاده أن إيران درّبت مقاتلين من جبهة البوليساريو، وهي جماعة مسلّحة تنشط في الجزائر وتطالب بانفصال الصحراء المغربية عن المغرب، وقد جرى احتجاز المئات منهم على يد قوات النظام السوري الجديدة. إذ تُعرف إيران باعتمادها على حزب الله لتدريب وكلائها، وأكد وجود مقاتلي البوليساريو في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد الموالي لطهران أن هذه الجبهة باتت تمثل ذراعا إيرانية في شمال أفريقيا.
وأضاف التقرير، أن إيران تربطها بجبهة البوليساريو علاقة قديمة. ففي عام 2018، اتهم المغرب طهران بتقديم دعم مالي ولوجستي للجبهة عبر حزب الله اللبناني، حيث أعلن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة حينها أن حزب الله أرسل صواريخ أرض-جو من طراز SAM-9 وSAM-11 وStrela إلى البوليساريو، وذلك بالتعاون مع السفارة الإيرانية في الجزائر، ما دفع المغرب إلى قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران.
واستمرت هذه العلاقة في التطور، حيث في عام 2022، صرح ممثل عن البوليساريو بأن إيران ستزود الجبهة بطائرات انتحارية مسيرة، وبعدها بأسابيع قليلة، عرض المندوب المغربي في الأمم المتحدة صورا تؤكد أن إيران وحزب الله قد زوّدا البوليساريو بأسلحة متطورة، من بينها طائرات مسيّرة إيرانية الصنع. وفي يناير من هذا العام، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُحاكي هجوما بالطائرات المسيّرة على المغرب من قبل الجبهة.
وبهذا، يؤكد المقال على أن الجزائر تدعم جبهة البوليساريو بشكل مباشر. تموّلها، وتسلّحها، وتمنح عناصرها جوازات سفر، وتستضيف قيادتها في مخيمات تندوف قرب الحدود المغربية، كما تستخدم الحكومة الجزائرية الجبهة كورقة ضغط دائمة على المغرب في النزاع حول الصحراء المغربية.
ففي نونبر 2024، نفّذت جبهة البوليساريو هجوما صاروخيا على مهرجان مغربي كان يحيي ذكرى “المسيرة الخضراء” التي جرت عام 1975 عندما سار 350,000 مغربي إلى الصحراء لطرد القوات الإسبانية، وسقطت القذائف بالقرب من الحدود الجزائرية، وقالت وسائل إعلام مغربية إن الهجوم نُفذ من داخل الأراضي الجزائرية، وفقا للتقرير.
فيما ترتبط الجبهة كذلك بعلاقات قوية مع جماعات متطرفة. عدنان أبو الوليد الصحراوي، الجهادي الشهير وأمير تنظيم الدولة الإسلامية السابق في الساحل، شغل سابقا منصبا رفيعا في البوليساريو، وقتل على يد القوات الفرنسية في مالي عام 2021، حيث تُظهر قصته كيف أصبحت مخيمات تندوف مركزا لتجنيد المتطرفين، ومجالا خصبا لنشاط الجماعات الجهادية العابرة للحدود مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم الدولة.
وفي سياق متصل، يتحمّل الأطفال في المخيمات جزءا كبيرا من هذه التكلفة، إذ أبلغت منظمة غير حكومية مقرها جنيف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن قادة البوليساريو يمنعون الأطفال من مواصلة تعليمهم ويجبرونهم على الخضوع لتدريبات عسكرية والمشاركة في القتال، كما اتهم التقرير الجبهة باستغلال آلاف القُصّر لأغراض سياسية وعسكرية.
علاوة على ذلك، دعا التقرير إلى أن تسرع الإدارة الأميركية في افتتاح القنصلية التي وُعد بها في مدينة الداخلة، دعما لاعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، كما دعا إلى دراسة تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية، بالنظر إلى الدعم الذي تتلقاه من إيران، وقيامها بأعمال ضد المدنيين والقوات المغربية، وهو ما يُعد استهدافا مباشرا لحليف استراتيجي للولايات المتحدة. مسجلا أن الجبهة تحتفظ بعلاقات وثيقة مع شبكات جهادية في أفريقيا تهدد الأمن الإقليمي والمصالح الأميركية.