وضع شاذ.. أكاديمية سوس ماسة بلا قائد.. هل أصبحت إدارة لا تُغري الحالمين بالمسؤولية؟

مرّ أسبوع على تنقيل مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة إلى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ولا يزال منصبها شاغرًا. هذا الفراغ غير المعتاد، بل والشاذ، يضع الأكاديمية في موقف محرج، لكنه في نفس الوقت يكشف واقعًا أكثر قتامة ويطرح سؤال لماذا يتجنب المسؤولون قيادة هذه المؤسسة؟
المهدي الرحيوي يرفض التكليف.. هل هي رسالة سياسية؟
بعد إعلان شغور منصب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة، بعد تعيين المديرة السابقة بأكاديمية جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، كان من المفترض أن تُسند مهمة تسيير الأكاديمية مؤقتًا إلى المهدي الرحيوي، المدير الإقليمي للتربية الوطنية والرياضة والتعليم الأولي بتزنيت، لكن المفاجأة أنه رفض التكليف. هذا الرفض ليس مجرد موقف شخصي، بل قد يكون رسالة واضحة تعكس حجم الاختلالات داخل أكاديمية سوس ماسة، إلى درجة أن حتى التسيير المؤقت أصبح مخاطرة لا يريد أحد تحملها.
في العادة، عندما يصبح منصب مدير أكاديمية شاغرًا، يتم تعيين مسؤول بالنيابة فورًا، لكن هنا، الأكاديمية الوحيدة التي لم تجد من يديرها، ما يطرح تساؤلات ملحة من قبيل، هل وصل الفساد والتخبط بهذه المؤسسة إلى مستويات جعلت أي مسؤول يفكر ألف مرة قبل قبول مهمة تدبيرها مؤقتا؟ أم أن الوزارة لم تجد كفاءة قادرة على تحمل هذا العبء، ولو مؤقتًا؟ وهل أصبحت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة، أول أكاديمية يتهرب المسؤولون من قيادتها؟
مديرة لم تكمل ولايتها.. مؤشر آخر على الأزمة
الغريب في الأمر أن المديرة السابقة، التي لم تكمل سوى نصف ولايتها في أكاديمية سوس ماسة، تم نقلها لتولي نفس المنصب بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة. فهل هو اعتراف ضمني بفشلها في تدبير أكاديمية سوس؟ أم أن الأمر مجرد حركة إدارية لا تحمل أي دلالات سياسية أو تدبيرية؟
الحقيقة أن تعيين مسؤول لم يستطع إتمام ولايته في جهة أخرى يطرح تساؤلات حول المعايير التي تعتمدها الوزارة في اختياراتها، هل يتم التقييم بناءً على الأداء، أم أن المسألة مجرد تدوير للمناصب دون حساب؟
هل أصبحت أكاديمية سوس ماسة “عقوبة” وليست امتيازًا؟
إذا كان التنقيل إلى جهة أخرى يُفترض أن يكون ترقية أو فرصة جديدة، فمغادرة أكاديمية سوس ماسة تحديدًا لها دلالات مختلفة، هذه الأكاديمية غارقة في المشاكل، بنية تحتية مهترئة، خصاص في الموارد البشرية، صراعات داخلية بين المصالح، وملفات شائكة لم تجد طريقها للحل.
أمام هذا الوضع، ليس غريبًا أن المديرة السابقة غادرت قبل إتمام ولايتها، وليس غريبًا أيضًا أن المهدي الرحيوي رفض حتى التكليف المؤقت. المشهد واضح، أكاديمية سوس ماسة تحولت إلى منصب لا يرغب فيه أحد، فهل ستتحرك الوزارة لإصلاحها، أم ستتركها تتخبط في أزماتها إلى أن تجد من يقبل بها مضطرًا؟
ماذا بعد؟
اليوم، أكاديمية سوس ماسة بدون قيادة، في وقت تعاني فيه المنظومة التربوية بالجهة من مشاكل معقدة، من نقص الموارد البشرية إلى ضعف البنيات التحتية، مرورًا بملفات شائكة تتطلب إدارة قوية وقرارات جريئة. لكن عندما يكون المنصب نفسه “ملغّمًا”، فمن سيجرؤ على تحمّل المسؤولية؟
ففي ظل هذا الوضع الشاذ، وإذا لم تبادر الوزارة بسرعة إلى تعيين مدير جديد قادر على مواجهة هذه التحديات، فإن الوضع لن يكون مجرد فراغ إداري، بل سيتحول إلى أزمة تعكس إفلاس التدبير في قطاع حساس مثل التعليم.