الأخبارسياسةمستجدات

“أمير المؤمنين الملكية والنخبة السياسية” (18).. كيف أثرت المعتقدات الشعبية على السلوك السياسي؟

الخط :
إستمع للمقال

خلال هذه السلسلة الرمضانية سنحاول فهم السياق التاريخي المغربي وتطور الحياة السياسية، كما رصدها الكاتب الأمريكي الجنسية جون واتربوري، في كتابه “أمير المؤمنين الملكية والنخبة السياسية المغربية”، والذي يعد وفق العديد من المؤرخين من أهم الكتب التي سلطت الأضواء على الحياة السياسية المغربية، وتناول بالدراسة المغرب منذ عهد الإدارة البدائية (المخزن) وحكم ما قبل الحماية إلى حدود نهاية سنوات السبعينيات.

تأثيرالمعتقدات الشعبية في السلوك السياسي

ركزالكاتب في نهاية الفصل الرابع “السلوك السياسي للنخبة”، على تأثير المعتقدات الشعبية في السلوك السياسي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن كل الأزمات والكوارث الطبيعية يتم إرجاعها إلى مساوئ السلطة: “إلى شفتي الدنيا فيها القحط، عرف راه قوى الشر والضغط”، وهكذا يتم عزل الأمغار من منصبه إذا ما انخفض المحصول الزراعي، أو أصيبت القبيلة بمصائب خلال مدة مزاولته لمهمته.

وكمثال لتأثير السلوك اللاعقلاني في السياسة، كتب واتربوري، “في يوم 29 فبراير من سنة 1960، حطم زلزال عنيف مدينة أكاديرعن آخرها، وكان عبد الله إبراهيم آنذاك وزيرا أولا، (…) وشاع في بعض الأحياء أن كارثة أكادير تشكل عقابا نتج عن خيانة عبد الله إبراهيم للعرش، وعلامة واضحة تثبث أن حزب الاتحاد الوطني للقوت الشعبية المنتمي له ضاعت بركته، ولما أذن الملك للحكومة في الشهر التالي بالانصراف لأسباب لا علاقة لها بالزلزال، اعتبر كثير من المغاربة أن الفاجعة تخول له الحق في ذلك”.

لا تعتبر ردود الفعل هاته عادية، ولابد أن يأخذها الساسة بعين الاعتبار، إن الذين يصرون على رفض أنواع السلوك اللاعقلانية يرغمون- طال الزمن أوقصر-على الاعتراف بوجودها، وكان المهدي بن بركة بمهارته السياسية ولو أنه كان ينفي ذلك، يولي لهذه الظاهرة كل ما تستحق من الاهتمام.

سيطرت النخبة على الحياة السياسية

وخلص الكاتب إلى أن النخبة السياسية سيطرت على الحياة السياسية المغربية أكثر من عشر سنوات، وتشكلت من جماعة قليلة، ينتمي أعضاؤها إلى أصل اجتماعي متجانس، ولها تكوين عصري، وأسلوب سياسي ذو طابع غربي سطحي وتستعمل عن قصد أنماطا تقليدية وشعبية من السلوك، ويظهر أعضاؤها للأجانب واجهة من الحداثة، غير أنهم لا ينفصلوا في الواقع عن المغرب التقليدي، إلا القدر الذي يجعل اتصالهم بالجيل القديم مستحيلا، إنهم يستعملون السلطة تلقائيا بشكل دفاعي، ويجدون في ربط علاقات التزامية وإقامة شبكات الأتباع، ولا يشعرون بالاطمئنان إلا عندما تكون موازين القوى متكافئة.

تدل كل هذه العناصر على أن انفصالهم عن الماضي مايزال غامضا، ولعل ما يحدد أسلوب النخبة في الدرجة الأولى يتجلى في ضآلة عدد أعضائها الذي يجعل منها أسرة كبيرة، والمسألة هنا مسألة وقت لكي تتجاوز النخبة هذا الأسلوب العائلي، وهذا مرتبط بالمرحلة التي ستوسع فيها صفوفها، الشيء الذي لم يحن بعد.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى