الأخبارسياسةمستجدات

“أمير المؤمنين الملكية والنخبة السياسية” (15).. الصراع حول المصالح بالمجتمع

الخط :
إستمع للمقال

خلال هذه السلسلة الرمضانية سنحاول فهم السياق التاريخي المغربي وتطور الحياة السياسية، كما رصدها الكاتب الأمريكي الجنسية جون واتربوري، في كتابه “أمير المؤمنين الملكية والنخبة السياسية المغربية”، والذي يعد وفق العديد من المؤرخين من أهم الكتب التي سلطت الأضواء على الحياة السياسية المغربية، وتناول بالدراسة المغرب منذ عهد الإدارة البدائية (المخزن) وحكم ما قبل الحماية إلى حدود نهاية سنوات السبعينيات.

الصراع حول المصالح بين مكونات المجتمع

من بين الفئات المغربية التي سلط عليها جون واتربوري الضوء والتي كان لها تأثير في الحياة الساسية المغربية، ما أسماه بـ “ائتلافات المصالح”، وتضم هذه الفئة كلا من الأحزاب والنقابات والضباط والجماعات والاقتصادية، وتتكون في الغالب من فئات الأتباع التي ظهرت تحت تأثير الثقافة الاجنبية التي أخذ المغاربة نماذجها لمقاومتها بسلاحها، وتتصارع هذه الفئات منذ الاستقلال للسيطرة على الحكم ويتحدد سلوكها بطبيعة المنافسة الانقسامية، وبمعطيات الثقافة السياسية المغربية التقليدية.

ودرس الكاتب مواقف المغاربة السياسية لإبراز ما يتخللها من تأثير صادر عن التقاليد المخزنية وعن الحياة القبلية. وفي هذا الصدد ذكر أنه وعندما يختل التوازن داخل حزب أو ائتلاف بسبب الأطماع الذاتية لفرد أو جماعة يوضع “الصغار” الممزقون بين مختلف الأطراف أمام اختيارات ثلاثة : التحالف مع أحد الطرفين وقطع كل العلاقات مع الآخر، أو الانضمام إلى أحدهما، مع إشعار الثاني بأنهم مرغمون على ذلك، أو الانسحاب من الجماعة مع الاحتفاظ بالاتصال مع الطرفين، ويعطي انقسام كل من حزب الاستقلال والحركة الشعبية نماذج غزيرة في في هذا المجال.

المغرب نموذج للأنساق السياسية الانقسامية

وتحتد داخل هذه الائتلافات العداوة والصراعات أكثر فأكثر، لأن المعركة الحاسمة من أجل السيطرة على الثرورة وإعادة توزيعها تجري هناك، وبالمقابل، تبدو العداوة إزاء الجماعات المعادية أقل حدة وضرواة، مما يؤدي إلى شلل المتحالفين وإخفاق محاولاتهم حتى عندما تكون أهدافهم سهلة المنال، وخلاصة القول إن الحوافز الضعيفة في المجتمع تدخل في اتجاه سبل جديدة، بالإضافة إلى المبادرة الفردية إذا لم يتم إحباطها، وفي حالة إذا لم تجد ما تستحقه من التشجيع.

ويمكن أن نجد في كثير من البلدان التي تشتد فيها المنافسة سلوكات شبيهة بما لاحظناه في المغرب، غير أن تواترها وأسلوبها وتأثيرها على النشاط الاجتماعي يختلف حسب المضمون الثقافي والأشكال المؤسساتية، إن ماحصل في المغرب من تعزيز متبادل بين الأرضية الثقافية والمؤسسات يجعل من هذا البلد نموذجا نادرا من نماذج الانساق السياسية الانقسامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى