الأخبارسياسةمجتمعمستجدات

إلى من يحاولون تسييس قضية علي بيدار وأيت أقديم..

الخط :
إستمع للمقال

تم توقيف ومتابعة علي بيدار المكلف بالتواصل الرقمي في حزب التجمع الوطني للأحرار بسبب شكاية وضعتها مواطنة فرنسية من أصل بولندي تعمل صحفية في المغرب.

وإلى حدود كتابة هذه الأسطر فالقضية تبقى مرتبطة بشكاية، تتهم فيها صحفية علي بيدار بالاغتصاب عن طريق التعنيف، مما نتج عنه جروح وتداعيات جسدية بررتها الخبرة الطبية التي خضعت لها المشتكية.

والخطير في الأمر أن علي بيدار، المتابع حاليا في حالة اعتقال، كتب تدوينات يبرئ فيها نفسه، ويتهم جهات اخرى بأنها كانت تترصده من أجل الإيقاع به، بسبب عمله الحزبي، بالرغم من أنه لا ينتمي إلى أي حزب.

هذا التوجه الذي اختارته الجهات المدافعة عن علي بيدار، ذهبت الى حد نشر مقالات تتساءل فيها لماذا تم اعتقال هذا الصحفي وإطلاق سراح مواطن كويتي، سبق اتهامه بالاغتصاب وهتك عرض فتاة صغيرة.وإذا ما تأملنا في تدوينات علي بيدار وكتابات المناصرين له، فسنلاحظ منذ الوهلة الأولى أنها تسعى الى تسييس القضية، وأنها لم تنتبه الى كونها تحتوي على اعترافات ضمنية، وبأنها تتضمن انحرافات متعددة في صياغتها ومضامينها.

فأن تتم مقارنة قضية بيدار بقضية أخرى هو في حد ذاته اعتراف بارتكاب الجرم، علما ان مثل هذه المقارنات غير منضبطة، وينقصها حس المسؤولية، وتتسم بقصور الرؤيا، مادام تكييف القضايا ليس بيد الصحافة أو وسائط الاتصال الاجتماعي، بل بيد القضاء وحده، وهو العارف بحجم الجرم وأثره. أما أن يطلق المرء العنان للسانه والمداد لقلمه، كي يتحجج بالمقارنة والتشبيه غير المستندين، فهذا سلوك مشين ومهين، لأن خلفياته القانونية والاجتماعية خطيرة جدا، إذ مهما كان تشابه القضايا والأحكام فليست مدعاة للزج بالمجتمع الى ارتكاب الرذيلة والجرائم، مهما صغر او كبر حجمها.

و”برلمان.كوم”، إذ يطرح تساؤلات لا غبار عليها بخصوص حيثيات فرار الكويتي، بل ويشجب ايضا  إخفاء الحقيقة على المواطن، يؤكد على أهمية احترام استقلالية القضاء، وعدم الخوض في أمور لا تتوفر حولها معطيات واضحة وكافية.

ومن الجوانب الخطيرة أيضا في قضية الاغتصاب التي اتهم بها علي بيدار، واستنطق بخصوصها الصحفي يوسف أيت أقديم كونه على علم بوقوع الجريمة، ما تقوم به بعض الجهات المدافعة عن المتهم، من محاولات  لربط سلوكه الفردي، بممارسات سياسية وانتماءات حزبية. الفعل الذي اعتقل بسببه الصحفي، يعود الى شهر شتنبر، ومنذ هذه الفترة، والصحفية المشتكية تتعرض حسب تصريحاتها إلى العديد من أنواع الضغوطات والإغراءات، وهو ما حدا بالشرطة القضائية الى استدعاء يوسف أقديم، الذي يعمل بدوره صحفيا بحزب التجمع الوطني للأحرار، للتحقيق معه في مدى صحة الاتهامات الموجهة اليه من طرف الضحية بمحاولات التستر على الجريمة وتحويل مسارها القانوني. وهذا يعني أن القضية تعرف تطورات سريعة ستكشف عنها الأيام القادمة.

حقيقة أن القضية سلكت مسارها القانوني العادي، ولم يتم استغلالها بشكل فادح من طرف وسائل الإعلام الخارجية، وخاصة الصحافة المناوئة في اسبانيا وفرنسا. ولكن محاولات تسييسها او تحويلها عن مسارها القانوني قد يحمل في طياته أمورا غير محمودة.

إن انتماء يوسف أيت أقديم وعلي بيدار إلى الطاقم العامل بحزب للتجمع الوطني للأحرار، لا يعني أبدا أنهما مستهدفان من طرف جهة معادية، لأنهما لا يتوفران على الصفة السياسية أولا، ولأن حزبا من هذا الحجم لا يمكنه أن يشجع على ممارسات تمس القيم الحميدة في مجتمعنا المغربي، وتسئ لصورته السياسية في ظل السباق والتنافس الذي يخوضه من أجل الاستحقاقات المقبلة.

وبالمقابل، فإن انتماء هذين الصحفيين للفريق المساعد لعزيز أخنوش، لن يحميهما أبدا من القوانين المعمول بها في المغرب، مهما كبر شأنهما أو صغر. كما أن حزب التجمع الوطني للأحرار يجب أن يكون قد تلقى الدرس واستوعبه جيدا فيما يخص عمليات انتقاء الأطر التي تعمل بالقرب من رئيسه أو بديوانه الوزاري. فالمروءة والأخلاق تعتبر شرطين لا محيد عنهما في مثل هذه المراكز، بل إنها تسبق الخبرة والكفاءة في هذا الصدد. ومهما كان، فالكفاءة يمكن اكتسابها مع الزمن، بينما ترتبط المروءة بعدة عوامل من بينها التربية والأخلاق، ولا يمكن صقلها بين ليلة ضحاها، وفيها يصح المثل القائل: “من شب على شئ شاب عليه”. ولعله لا يخفى على الوزير أخنوش المعروف بأصوله العائلية وأخلاقه الإنسانية، بعيدا عن الممارسة السياسية والتجارية، بأن المغرب في حاجة ماسة اليوم لمن ننعثهم ب”ولاد الناس”، ولذلك سارع الملك الراحل الحسن الثاني الى تأكيد شرط المروءة في الظهير المنظم للدواوين الوزارية الصادر سنة 1975 .

نحن في موقع “برلمان.كوم” كنا سباقين لنقل الخبر بكل تجرد وموضوعية، وتعاملنا معه بمهنية تأخذ بعين الاعتبار احترام قدسية الخبر وحرية التعليق، وهي نفس المعايير التي نقلنا بها فضائح أخلاقية وسلوكية تبعق على التقزز، ومنها تلك التي وقعت فيها قيادات بارزة في أحزاب كثيرة وخاصة حزب العدالة والتنمية الذي يدعي المرجعية الدينية، وحزب الأصالة والمعاصرة الذي انحرف عن مساره الحقيقي.

إن حزب التجمع الوطني للأحرار أضاع الكثير من الفرص في ظرف وجيز جدا، ويجب ان يكون أكثر يقظة في المرحلة المقبلة، وأكثر إنصاتا لذاته ولنبض المجتمع الذي يشتغل فيه. فمأساة أغلب الأحزاب تكمن أساسا في سوء التواصل وضعف العلاقات العامة، وما وقع فيه الإطاران العاملان داخل حزب التجمع الوطني للأحرار يؤكد الى حد كبير صدق المثل الدارجي الشهير: “لفقيه اللي نترجاو براكتو ادخل للجامع ببلغتو”. والحمد لله أن المثل اقتصر على البلغة والمسجد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى