اخبار المغربمجتمعمستجدات

ارتفاع نسب الطلاق بالمغرب.. ما الأسباب الحقيقية وراء هذا “الانفجار الأسري” وما هي الحلول؟

الخط :
إستمع للمقال

عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في قضايا الطلاق والتطليق، وذلك حسب ما جاء في المعطيات الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي تكشف عن أرقام مقلقة تعكس حجم التحولات الاجتماعية التي تعرفها الأسرة المغربية، حيث أظهر التقرير السنوي للمجلس أن سنة 2024 سجلت أزيد من 40 ألف قضية طلاق، بمعدل يفوق 110 حالات يوميا، إلى جانب أكثر من 107 آلاف قضية تطليق، ما يؤكد أن محاكم المملكة باتت تسجل مئات الأحكام المتعلقة بانفصال الأزواج بشكل يومي.

وأوضح التقرير أن الطلاق الاتفاقي يمثل النسبة الساحقة من مجموع القضايا المسجلة، بنسبة بلغت 96 في المائة، في حين لم تتجاوز نسب الطلاق قبل البناء والطلاق الرجعي والخلع 4 في المائة مجتمعة، كما أشار إلى أن قضايا التطليق للشقاق استحوذت على النصيب الأكبر من الملفات بنسبة فاقت 97 في المائة سنة 2024، معتبرا أن هذه المعطيات تُظهر تحولا في نمط إنهاء العلاقات الزوجية، حيث بات الأزواج يفضلون التسوية الودية أو مسطرة التطليق لما توفره من مرونة قانونية وسرعة في الإجراءات.

وفي هذا السياق، أوضح عبد الغفور الكواري، المتخصص في الصحة النفسية ومدرب المهارات الاجتماعية، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، أن من أبرز الأسباب وراء هذه الظاهرة، هناك أولا، غياب ثقافة الحوار والتواصل الفعال بين الأزواج. مبرزا أن الكثير من الخلافات تبدأ بسيطة لكنها تتضخم لأن الطرفين لا يمتلكان أدوات الإصغاء ولا مهارات التعبير عن الذات أو إدارة النزاع بطريقة ناضجة.

ثانيا، يضيف الكواري، ضعف التكوين في مجال العلاقات الزوجية، إذ أصبح الزواج اليوم خطوة اجتماعية أكثر منها مشروعا إنسانيا يتطلب الوعي، الذكاء العاطفي، والقدرة على التكيف. وتابع ذات المصدر، أن الشباب لا يتم إعدادهم نفسيا وتربويا للحياة الزوجية، بينما يواجهون واقعا مليئا بالضغوط دون أدوات تمكنهم من الصمود.

وأردف مدرب المهارات النفسية والاجتماعية، أن الأزمة المادية وغلاء المعيشة، من أبرز أهم الأسباب التي تساهم في تفاقم هذه الظاهرة أيضا، حيث يتحول الضغط الاقتصادي إلى ضغط نفسي، فيتولد عنه صراع داخل البيت، ومع غياب الاستقرار المالي، يتآكل التوازن العاطفي تدريجيا.

كما أكد الكواري أن تراجع المنظومة القيمية يشكل عاملا إضافيا لتزايد حالات الطلاق، مشيرا إلى أن التأثير الإعلامي، وثقافة الاستهلاك، والسطحية في العلاقات جعلت البعض ينظر إلى الزواج كصفقة أو تجربة مؤقتة، وليس كالتزام ومسؤولية مشتركة.

وفي هذا الإطار، حذر المحلل من أن استمرار هذا “النزيف الأسري” يهدد تماسك المجتمع، لأن الأسرة هي أول مدرسة للتوازن النفسي والاجتماعي، وعندما تنهار، ينعكس ذلك على الأطفال ثم على قيم الجيل القادم.

ولذلك، يرى الكواري أن المغرب بحاجة ماسة إلى سياسة اجتماعية وأسرية شاملة، تتضمن برامج التأهيل قبل الزواج، ومراكز للاستشارة الزوجية، وتربية على مهارات الحياة والذكاء العاطفي داخل المدارس والجامعات. مشددا على أن الوقاية لا تكون بالقوانين وحدها، بل ببناء ثقافة أسرية جديدة قوامها التواصل، الاحترام، والتربية على المسؤولية العاطفية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى