الأخبارسياسةمستجدات

الإنتهازية تقتل الأحزاب وتدفعها للتهافت على الأعيان ذوي السوابق العدلية لكسب المقاعد البرلمانية

الخط :
إستمع للمقال

الانفتاح السياسي المهم الذي عرفه المغرب في السنوات الأخيرة، والذي توج بدستور متقدم، وارتفاع نسبة الوعي السياسي لدى المغاربة، لم تستطع خلاله الأحزاب السياسية أثناء خوض الاستحقاقات الانتخابية استيعاب التحول، وظلت خاضعة لتأثير الأعيان، ومسارعة الخطى لاستقطاب أكبر عدد ممكن بهدف الظفر بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية، بدل الاعتماد على برامج انتخابية، قادرة على الاستجابة إلى مطالب المواطنين.

ظاهرة الاعتماد على الأعيان ذوي النفوذ والمال، مست كل الأحزاب المغربية، وخاصة منها تلك التي تصف نفسها ب”الأحزاب الوطنية”، حيث ابتعدت عن النضال والإيديولوجيا كأساس للتنافس الحزبي إلى تعميم هذه الثقافة والتطبيع معها.

فكل الأحزاب سواء ذات المرجعية اليسارية أو الدينية، والتي كانت تنتقد في السابق هذا السلوك الذي يرمز إلى ثقافة الولاءات الشخصية والقبلية، غضت الطرف وتركت عملية هجرة الأعيان تسير على طريقتها المألوفة، بغض النظر عن سوابقهم العدلية، وتاريخهم السياسي الفاسد، وهو ما يكشف الانتهازية القاتلة للالتزام السياسي.

لم يسلم حزب العدالة والتنمية من موجة التهافت على الأعيان ذوي المال والنفود، لحصد المقاعد البرلمانية، بعدما فطن لاستراتيجية حزب الاصالة والمعاصرة، الذي فهم مبكرا أن نتائج الانتخابات يفصل فيها الأعيان، لذلك سعى هو الآخر إلى استقطاب الأعيان، حتى ولو كانت ملفاتهم القضائية غير مشرفة.

ونذكر هنا مثال؛ جلب “البيجيدي” لأحد أعيان مدينة سيدي قاسم، عبد الرحمان الحرفي وتزكيته وكيلا للائحته بذات المدينة، رغم أن هذا الأخير سبق وأن أدانته استئنافية طنجة بستة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ، وغرامة مالية من أجل جنح السرقة واستعمال محرر بنكي مزور والنصب والاحتيال.

حزب ابن كيران الذي كان يركز أنظاره على وزارة الداخلية تخوفا من تدخلها لصالح غريمه، استفاق متأخرا من خطة إلياس العماري، وبدأ انفتاحه على الأعيان وكل من يراه قادرًا على انتزاع مقعد، حتى ولو كانت معتقداته الإيديولوجية تختلف جذريا مع التصور السياسي الذي يقول الحزب إنه يدافع عنه.

وتظهر هذه الميولات السياسية “السادية” للحزب الإسلامي الأغلبي، أن طعم السلطة حطم كل القيود الأخلاقية، ونكث كل الوعود وأقبر كل الخطابات الرنانة التي ردحت بها حناجر إخوان ابن كيران بأصقاع البلاد.

دور الأعيان في ترجيح كفة حزب على آخر، يجعل حزب الاستقلال يتقدم كذلك في هذا المجال كونه اعتمد منذ إنشائه على الأعيان والعائلات سواء في البوادي أو المدن، الأمر الذي قد يفجر مفاجأة مدوية يوم سابع أكتوبر، خاصة مع تقوية حضوره في الساحة السياسية منذ انسحابه من الحكومة، الأمر الذي سيسقط القطبية المصطنعة وحسم النتائج الانتخابية بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية.

لذا ستكون البرامج الانتخابية الغائب الأكبر خلال الحملة الانتخابية التي ستنطلق في الأسابيع القليلة المقبلة، بعدما غاصت كل الأحزاب في البحث عن الولاء الانتخابوي لأشخاص شاخوا وهرموا وغرقوا في الفساد، عوض البحث عن دماء جديدة للمساهمة في إفراز النخب ونبذ سيادة النزاعات الشخصية.

إن هذا التهافت على الأعيان يؤكد عجز الأحزاب عن تحديث بنياتها على أساس التنافس والاستحقاق والكفاءة والمحاسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى