
عيد الأضحى، أو كما يُعرف في المغرب بـ “العيد الكبير”، هو مناسبة دينية واجتماعية هامة يحتفل بها المغاربة بطريقة مميزة تعكس التراث الثقافي والديني.
ويواجه المغاربة تحديات كبيرة خلال عيد الأضحى، لهذه السنة، بسبب غلاء الأسعار الذي يؤثر على قدرتهم على الاحتفال بهذه المناسبة الدينية والاجتماعية بشكل يليق بها.
ومع ذلك، يبدي المجتمع المغربي مرونة وقدرة على التكيف مع هذه الظروف الصعبة بطرق متنوعة، بالإضافة إلى أنها مناسبة دينية عظيمة تتجلى فيها قيم التضحية والعطاء والتكافل، وهو العيد الذي يجتمع فيه المسلمون حول العالم ليجسدوا أسمى معاني الوفاء لله والإحسان إلى الخلق، ومع ذلك، لا يمكننا إغفال التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على المجتمع المغربي في هذه المناسبة، حيث باتت مظاهر التكلُّف والتبذير تثير تساؤلات عميقة حول سلوكياتنا الدينية والاجتماعية، وفقا لما أفاد به الخبير الاجتماعي والنفسي محمد حبيب.
وأضاف حبيب في تصريح لموقع “برلمان.كوم” أنه “في جوهر هذه الشعيرة، يتجلى البعد الروحي للأضحية كرمز للتضحية بالنفس وتقديم ما هو غالٍ ونفيس في سبيل الله. إلا أن مظاهر التفاخر والتباهي بشراء الأضاحي الباهظة، والتبذير في إعداد الولائم الفاخرة، تبتعد بنا عن هذا الجوهر النبيل. فهل أصبح العيد ساحة للتنافس الاجتماعي؟ وهل باتت القيم الاستهلاكية تطغى على معاني الإخلاص والزهد التي ينبغي أن تسود في مثل هذه المناسبات؟”.
وقال “التكلُّف في الاحتفال بعيد الأضحى لا يقتصر على الجانب المالي فقط، بل يمتد ليشمل جوانب أخرى مثل التبذير في الوقت والجهد، والابتعاد عن روح الجماعة والتكافل الاجتماعي. إن الإنفاق المفرط على الأضاحي والولائم يشكل عبئا ماليا كبيرا على العديد من الأسر المغربية، خاصة تلك التي تعاني من ضيق الحال. هذه الأسر قد تجد نفسها مضطرة للاقتراض أو التخلي عن بعض الضروريات لتلبية متطلبات اجتماعية مفروضة، مما يخلق حالة من الضغط النفسي والاقتصادي”.
وتابع متسائلا “يجدر بنا أن نتساءل: أين نحن من قيم الاعتدال والاقتصاد التي يدعو إليها الإسلام؟ إن العودة إلى القيم الأصيلة التي تُعلي من شأن التضحية الحقيقية والعطاء النابع من القلب، يمكن أن يعيد لهذه المناسبة روحها الحقيقية. فالإسلام، في جوهره، دين يدعو إلى التوازن والاعتدال في كل الأمور، ويرفض التبذير والإسراف”.
وأضاف أن “النقد البنّاء لهذه الممارسات لا يعني إلغاء الاحتفال بعيد الأضحى أو التقليل من شأنه، بل هو دعوة لإعادة النظر في كيفية احتفالنا به، والعمل على تجسيد قيمه الروحية والأخلاقية بشكل أفضل. يمكننا الاحتفال بهذه المناسبة بطريقة توازن بين الفرح والتكافل، بدون تكاليف مرهقة أو مظاهر تنافسية لا تليق بجوهر الشعيرة”.
وقال حبيب إن “عيد الأضحى يجب أن يكون فرصة لتعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية، ولتجديد العهد مع القيم الدينية والأخلاقية التي تجمعنا. فلنعمل جميعا على تحقيق هذا التوازن، ولنعيد لعيد الأضحى روح التضحية والعطاء الحقيقية التي تعكس عمق إيماننا والتزامنا بقيم الإسلام”.




