
تشهد الأسواق المالية العالمية موجة اضطرابات غير مسبوقة، بعدما تراجعت مؤشرات الأسهم إلى مستويات السوق الهابطة، مدفوعة بتصاعد التوترات التجارية على خلفية القرارات الجمركية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي لا تزال تداعياتها مستمرة إلى اليوم.
وهذه السياسات التي تنحو نحو الحماية الاقتصادية، باتت تُلقي بظلالها على التجارة الدولية وتُضعف دينامية الأسواق، مما يهدد بانكماش اقتصادي عالمي شبيه بما وقع خلال الأزمات الكبرى السابقة.
وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، إن الأسواق العالمية، وعلى رأسها البورصات، تأثرت بشكل مباشر بالقرارات الحمائية للولايات المتحدة، مؤكدا أن الدخول في سياسات تجارية منغلقة كان له انعكاس سلبي واضح على الاقتصاد العالمي.
وأوضح الأزرق أن البورصات مرتبطة بأداء المقاولات والشركات العالمية، التي تعتمد على السوق الحرة والمبادلات التجارية الدولية، مشيرا إلى أن السياسات الحمائية كانت من العوامل المساهمة في اندلاع الحرب العالمية الأولى، وما تبعها من كساد عالمي عميق.
وأضاف: “اليوم، نعيش سيناريو شبيها، فالولايات المتحدة، باعتبارها من أكبر المصدرين والمستوردين في العالم بحجم مبادلات يتجاوز 380 مليار دولار، تلعب دورا محوريا، وأي اضطراب في سياستها التجارية يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي برمّته”.
ولفت المتحدث إلى أن القرارات الجمركية الأمريكية قد تؤدي إلى تقويض الثقة في النظام التجاري العالمي، وهو ما قد يفتح الباب أمام موجة ركود واسعة النطاق، مشيرا في هذا الصدد إلى انخفاض أسعار الذهب والنفط، معتبرا أن هذه من بين المؤشرات الأولية التي تنذر بدخول الاقتصاد العالمي مرحلة جديدة من الكساد والركود.
وعن احتمالات التراجع عن هذه السياسات، أشار بدر الزاهر الأزرق إلى أن هناك مؤشرات على إمكانية عدول واشنطن عن هذه الإجراءات، خاصة بعدما طالبت 50 دولة بمفاوضات مباشرة لمراجعة القرارات الأمريكية المتعلقة بالتعريفات الجمركية.
لكنه حذّر من أن أي تأخير في اتخاذ خطوات تصحيحية سيكون له ثمن باهظ على الأسواق، مضيفا أن تأثير هذه السياسات بدأ يظهر بالفعل على بورصة الدار البيضاء، حيث تكبّدت الشركات المصدّرة، كقطاع الفوسفاط والسيارات، خسائر ملموسة بفعل ارتباطها الوثيق بالأسواق الدولية.
وخلص الأزرق في تصريحه بالتأكيد على أن المؤشرات الحالية، التي تجمع بين تقلبات في الأسواق المالية، وتراجع أسعار المواد الأولية، وتباطؤ في المبادلات التجارية، قد تكون بداية لأزمة اقتصادية جديدة، ما لم يتم اعتماد سياسات عقلانية تنقذ النظام التجاري العالمي من الانهيار.





