السغروشني تؤكد على أهمية الأمن السيبراني كبنية تحتية أساسية لبناء الثقة وضمان السيادة الرقمية

أكدت أمل الفلاح السغروشني وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، في كلمة لها في افتتاح أسبوع الأمن السيبراني الإقليمي، الذي ينظم من 15 إلى 19 شتنبر 2025، بمبادرة من المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، أن الانتقال الرقمي أصبح يمس مختلف جوانب حياتنا اليومية، من الاقتصاد والإدارة إلى التعليم والصحة والأمن.
وأوضحت الوزيرة، خلال الملتقى الذي ينظم تحت شعار: “مستقبل الأمن السيبراني: السيادة الرقمية من أجل تنمية اقتصادية مستدامة” أنه في ظل تزايد الهجمات السيبرانية وتعقيدها، تبرز أهمية الأمن السيبراني كبنية تحتية أساسية لبناء الثقة وضمان السيادة الرقمية، واستمرارية الخدمات العمومية وجودتها، مما يجعله شرطا لا غنى عنه لإنجاح التحول الرقمي.
بالمناسبة وجه موقع “برلمان.كوم” ثلاثة أسئلة للوزيرة أمل الفلاح السغروشني:
1– ما هي التحديات الكبرى للأمن السيبراني وأبعاده المجتمعية والاقتصادية؟
يتعلق الأمر بمنتدى إقليمي هام تنظمه المديرية لأمن نظم المعلومات، على مدى أسبوع. في الواقع، يواجه مجال الأمن السيبراني اليوم تحديات متنامية ومعقدة ترتبط بتطور التكنولوجيا وتوسع فضاء الاستعمالات الرقمية، فمن أبرز هذه التحديات تزايد الهجمات الإلكترونية، كما أن الاعتماد المتزايد على الحوسبة السحابية والأجهزة المتصلة بالإنترنت يوسع من أشكال الهجوم ويجعل البنية التحتية أكثر عرضة للاختراق.
هذه التحديات لا تقتصر على الجانب التقني فقط، بل تشمل كذلك صعوبة توفير الكفاءات البشرية المؤهلة، وارتفاع الكلفة الاقتصادية الناجمة عن الاختراقات.

على المستوى المجتمعي، يشكل الأمن السيبراني حجر الأساس لبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات. فالمواطن لا يقبل التعامل مع خدمات رقمية إذا لم يكن مطمئنا إلى أن بياناته محمية، وهويته مصونة، ومعاملاته محاطة بالسرية والشفافية.
ومن هنا يتحول الأمن السيبراني إلى ما يشبه “الجهاز المناعي” للمجتمع الرقمي، حيث يضمن استمرارية الخدمات العامة ويصون الحقوق الأساسية للأفراد. وفي غياب هذه الضمانات، يفقد المواطن ثقته في المنظومة الرقمية، ما يعيق نجاح مشاريع التحول الرقمي.
أما البعد الاقتصادي، فالأمن السيبراني أصبح عاملا حاسما في تعزيز تنافسية الدول وجذب الاستثمارات، بيئة رقمية آمنة تعني أن الشركات والمستثمرين يمكنهم العمل في مناخ يحمي الملكية الفكرية ويصون سرية المعاملات. ومن دون ذلك، فإن كلفة الاختراقات ترتفع بشكل مهول وتضعف الإنتاجية. وفي المقابل، الاستثمار في الأمن السيبراني يخلق فرص عمل جديدة ويعزز منظومات الابتكار، مما يحول الأمن من مجرد أداة للحماية إلى رافعة للتنمية الاقتصادية.
2-ما هي أهمية الإدارة X.0 ودورها في خدمة المواطن؟
طبقا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، تولي بلادنا أهمية خاصة لتبسيط المساطر الإدارية. فالجيل الجديد من خدمات الإدارة العمومية، يتجاوز مجرد رقمنة تقليدية للمساطر التقليدية إلى بناء منظومة متكاملة من المنصات الذكية.
هذه الإدارة تستند إلى سحب سيادية، وبيانات مترابطة، وواجهات برمجة مفتوحة، ما يجعلها أكثر قدرة على تقديم خدمات متصلة وسلسة.

الجيل الجديد من خدمات الإدارة العمومية، ليس مجرد “إدارة رقمية”، بل هي مفهوم شامل يضع المواطن في قلب السياسات العامة، عبر توفير خدمات بسيطة، سريعة، وآمنة، تلبي حاجاته أينما كان، وباللغة والقناة التي يفضلها، سواء على الويب أو الهاتف المحمول أو حتى عبر الرسائل القصيرة.
أهمية الجيل الجديد من خدمات الإدارة العمومية تكمن أيضا في تعزيز العدالة الرقمية وضمان الشمولية. فهي ليست موجهة فقط للفئات المتمكنة تكنولوجيا، بل صممت لتصل حتى إلى المواطنين الذين يعيشون في مناطق نائية أو يواجهون صعوبات في الولوج إلى التكنولوجيا، تماسيا مع التوجيهات الملكية.
فمن خلال تعدد اللغات والقنوات، تفتح هذه الإدارة المجال أمام جميع فئات المجتمع للتمتع بخدمات عمومية عصرية، وهو ما يرسخ مبدأ المساواة في الاستفادة من الحقوق والخدمات.
كما أن هذا النهج يسهم في تقليص الفوارق الرقمية بين المدن والقرى، وبين مختلف الشرائح الاجتماعية.
ثم إن الإدارة X.0 تعكس فلسفة جديدة للحكامة تقوم على الشفافية، حماية المواطن، وصون معطياته الشخصية، وتقديم الخدمات في كل جيت ومكان، فهي توفر إطارا تنظيميا واضحاً لحوكمة البيانات وضمان أمنها، بما يتيح للمواطن التفاعل مع الإدارة بثقة واطمئنان.
إضافة إلى ذلك، فإن بساطة وسلاسة المساطر الإدارية في إطار الجيل الجديد من خدمات الإدارة العمومية تعني تسريع وتيرة الإنجاز، مما يعزز ثقة المواطن في المرفق العام، ويدعم التحول الرقمي كأداة لتحسين جودة الحياة اليومية.
3– إلى أي مدى يساهم التحول نحو السيادة الرقمية عنصر تنافسيا يعزز مكانة الدول على الصعيد العالمي؟
السيادة الرقمية لم تعد خيارا، بل أصبحت شرطا أساسيا لتعزيز تنافسية الدول. وبلادنا تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، تمتلك بنية تحتية رقمية جيدة، من سحابة سيادية، وقواعد بيانات محمية، وأنظمة سيبرانية قوية، مما يضمن التحرر من التبعية التكنولوجية وتضمن استقلالية القرارات، كما أن السيادة الرقمية تعني ثقة الشركاء الدوليين.
فالمستثمر الأجنبي، والشركات الكبرى، وحتى المؤسسات متعددة الجنسيات، يبحثون عن بيئة رقمية آمنة ومستقرة. ووجود سيادة رقمية يبعث إشارة قوية أن البلد قادر على حماية الابتكار وعلى صون المعطيات، وعلى توفير مناخ تنافسي جاذب للاستثمارات.
على الصعيد العالمي، فالدول التي تملك سيادة رقمية متينة تصبح أكثر قدرة على فرض موقعها في سلاسل القيمة الجديدة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بالبيانات الضخمة، وبالخدمات الرقمية.
وهذا يعزز مكانتها ليس فقط كمتلقية للتكنولوجيا، بل كفاعل مؤثر في صياغة قواعد اللعبة الدولية في الاقتصاد الرقمي، ومع العلم أن العامل البشري يلعب دورا مهما، نعمل على تكوين الأطر في هذا المجال وإحداث فرص شغل جديدة.






