الأخباررمضانياتمستجدات

الشباكية.. حلوى مضمّخة بعبق التاريخ

الخط :
إستمع للمقال

تعتبر مهنة صناعة الشباكية بالمغرب من المهن القديمة التي عمرت مئات السنين، ويسمى محترف صناعة هذا النوع من الحلويات في المدن المغربية القديمة بالحلوي، و يقال له في المشرق الحلواني، وهناك اختلاف كبير بين المؤرخين حول أصل الشباكية فالبعض يقول بأنها ذات أصول عثمانية وأنها انتقلت إلى المغرب عبر البوابة الشرقية التي عرفت احتكاكا كبيرا بين المغاربة والعثمانيين، وحجة هذه الطائفة أن الشباكية شبيهة بالزلابية والبقلاوة رغم الاختلاف في الشكل، غير أن هناك من يقول أن الشباكية حلوى أندلسية انتقلت إلى المغرب بعد حروب الاسترداد التي أفضت إلى هجرات كبيرة من الأندلس إلى المغرب.

وقد استمرت هذه الهجرات إلى العهد السعدي، ومن غير المستبعد أن اليهود الذين انتقل عدد كبير منهم نحو اسطنبول وغيرها من العواصم المشرقية في تلك الفترة هم الذين نقلوا الشباكية إلى تلك البقاع، وعلى هذا الأساس فالشباكية انتقلت من الأندلس إلى المشرق عبر المغرب لا العكس.

ومهما يكن من شأن تاريخ هذه الحلوى فقد تحولت مع مرور الوقت إلى مكون رئيسي من مكونات المائدة المغربية في شهر رمضان المعظم، ويعود سبب تسميتها بهذا الإسم إلى شكلها المشبك، وهي في العادة تتكون من عجين مركب من الزبدة والطحين ومعطر بماء الزهر، ويتم قليها في الزيت وغطسها في العسل ثم تنثر عليها حبات الزنجلان، وقد تفنن المغاربة في صناعة ألوان من الشباكية كتلك التي تخلط باللوز المطحون، كما تفننوا في صناعة مشتقات من الشباكية ككريوش والشباكية ذات المخروطية الشكل التي تصنع بواسطة قوالب مخصوصة.

وقد اجتهد صناع الشباكية (الحلويون) في تطوير هذه الصنعة من خلال إدخال مكونات جديدة في صناعتها أو من خلال عرضها في حلل تغري المستهلكين، وجدير بالذكر أن إقبال المغاربة على هذا النوع من الحلويات يعرف ارتفاعا ملحوظا خلال شهر رمضان، حيث يفضل البعض تناولها مع الحريرة، بينما يتناولها البعض الآخر مع الشاي، ولعل حاجة الجسم إلى السكريات بعض الإفطار هي ما يجعل هذه الحلوى تحظى بأهمية خاصة خلال رمضان.

وخلاصة القول فصناعة الشباكية رغم كل التطور الذي شهده ميدان صناعة الحلويات والذي صار علمًا قائما بذاته يدرس بواسطة متخصصين، وتستخدم فيه تقنيات ووسائل حديثة ما تزال حاضرة وبقوة على موائد المغاربة، ويسع من يجوب شوارع المملكة اليوم أن يشاهد المئات من المحلات التي تعرض هذه الحلوى المضمخة بعبق تاريخ طويل يمتد إلى مئات السنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى