الوزيرة السغروشني تؤكد على أن التحول الرقمي في المغرب مشروع مجتمعي يفتح آفاقا جديدة أمام الأجيال الصاعدة

أكدت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، في حديث لبرنامج «L’Info en Face» الذي تم بثه على موقع يومية لوماتان، على أن مستقبل الاقتصاد المغربي سيتحدد بقدرته على إدماج الشباب في المنظومة الرقمية الوطنية، وتحويل طاقاتهم الإبداعية إلى قيمة مضافة حقيقية تساهم في تحقيق النمو الشامل وخلق فرص الشغل، مبرزة أن التحول الرقمي الذي يعرفه المغرب اليوم ليس مجرد تحديث تكنولوجي، بل مشروع مجتمعي متكامل يروم تعزيز العدالة المجالية، وتقليص الفوارق، وفتح آفاق جديدة أمام الأجيال الصاعدة.
وتابعت الوزيرة أن استراتيجية “المغرب الرقمي 2030” تشكل الإطار المرجعي لهذا التوجه، إذ تهدف إلى خلق 230 ألف فرصة عمل رقمية في أفق سنة 2030، بمعدل يقارب 70 ألف فرصة سنويا، مع إمكانية بلوغ سقف مليون فرصة عمل رقمية إذا تم تسريع وتيرة تكوين الكفاءات وتوسيع قاعدة المهارات الرقمية على المستويين الوطني والإفريقي. مسجلة أن هذه الرؤية تقوم على مبدأ أساسي مفاده أن رأس المال البشري هو المحرك الأول للتحول الرقمي، وأن الاستثمار في تكوين الشباب وتمكينهم من أدوات العصر الرقمي لا يقل أهمية عن الاستثمار في البنيات التحتية أو التقنيات الحديثة.
وفي سياق متصل، أوضحت الوزيرة السغروشني أن الحكومة أطلقت عددا من البرامج الطموحة التي تضع الشباب المغربي في صلب السياسات العمومية، من بينها مدارس «YouCode» التي فتحت أبوابها أمام الشباب دون اشتراط شهادة البكالوريا، مما يمنحهم فرصة مباشرة لاكتساب مهارات البرمجة والولوج إلى سوق الشغل الرقمي. كما أحدثت برامج “الماستر جونيور” الموجهة للفئة العمرية ما بين 14 و18 سنة، والتي تهدف إلى تنمية الحس الابتكاري لدى التلاميذ مبكرا، وإعدادهم للتعامل الذكي مع التحول التكنولوجي المتسارع.
وفي نفس السياق، شددت الوزيرة على أن تمكين النساء في العالم القروي رقميا يشكل بدوره رافعة أساسية للعدالة الرقمية، مبرزة أن الوزارة تعمل على تطوير برامج خاصة تستهدف الفتيات والنساء في الوسط القروي، لتزويدهن بالمهارات الرقمية الضرورية لممارسة أنشطة اقتصادية مستدامة وتعزيز استقلاليتهن المالية. مردفة أن التحول الرقمي لا يمكن أن يكون ناجحا دون أن يشمل جميع الفئات، خصوصا في المناطق البعيدة التي تحتاج إلى فرص جديدة للتنمية.
وعلى مستوى تعزيز الشراكات الوطنية، ذكرت الوزيرة السغروشني بالاتفاقية التي تم توقيعها مع الجامعة الملكية لكرة القدم، والتي تهدف إلى تكوين 200 ألف شاب في مجالات الذكاء الاصطناعي والبرمجة، مستفيدة من انتشار الأندية الرياضية في مختلف الجهات، بما يجعل من الرياضة جسراً نحو التأهيل الرقمي والإدماج الاقتصادي. مشيرة إلى أن المغرب يحتضن حالياً 550 طالب دكتوراه يتابعون أبحاثهم في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، في أفق تكوين نواة بحثية وطنية قادرة على الابتكار العلمي والمساهمة في تطوير المنظومة الرقمية للمملكة.
وأضافت الوزيرة أن هذه الجهود لا تقتصر على خلق فرص عمل فحسب، بل تهدف إلى بناء جيل رقمي واثق من نفسه، قادر على الابتكار والمنافسة إقليميا ودوليا، وقالت في هذا السياق: “شبابنا لامع ومبدع بطبعه، وما يحتاجه فقط هو الثقة والفرص ليخلق القيمة عبر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا” مبرزة أن ربط الابتكار بالبحث العلمي يمثل إحدى ركائز “المغرب الرقمي 2030″، حيث تعمل الوزارة على تعزيز التكامل بين الجامعات والمقاولات الناشئة، لتمكين الشباب من تحويل أفكارهم إلى مشاريع حقيقية تحدث الأثر الاقتصادي والاجتماعي المنشود.
وفي الختام، أكدت على أن نجاح التحول الرقمي رهين بقدرة المغرب على تأهيل شبابه، وتحفيزهم على الابتكار، وتوفير بيئة رقمية عادلة وشاملة تسمح لهم بالمساهمة في بناء اقتصاد المعرفة، وجعل التكنولوجيا في خدمة الإنسان والمجتمع.