سياسة

الوزير بوريطة يستبلد المغاربة من خلال تغطيات إعلامية مبالغ فيها

الخط :
إستمع للمقال

انتهت الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة في نيويورك، وانتهى معها وابل القصاصات والبلاغات وعشرات الصور لناصر بوريطة، التي كانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي تقذف بها الصحافيين يوميا خلال الفترة الممتدة ما بين 24 شتنبر والفاتح من أكتوبر الجاري.

ويتضح من خلال هذه الحمى التواصلية، أن الوزارة كانت حريصة جدا على تلميع صورة وزيرها أكثر مما كانت حريصة على تنوير الرأي العام الوطني حول أشغال ونشاط البعثة المغربية خلال الدورة 73 للأمم المتحدة. فها هو ناصر بوريطة يلتقي بفلان في أروقة مقر الأمم المتحدة، وها هو يسلم على علان في إحدى الممرات، ثم إنه هنا يوزع ابتساماته التي تلتقطها عدسة مصور تم توظيفه ليتبع ظل الوزير ويبعث بصوره إلى الوزارة التي تقدمها بدورها للمغاربة، ليبدو السيد الوزير “مسيكين” منهمكا في شغله وكأنه لا يعرف للراحة سبيلا، ولا يخلد للنوم ولو قليلا. في حين أن المعتادين على مثل هذه المهام يعرفون جيدا أن هذه اللقاءات لا تتعدى بضعة دقائق، وتعتبر بروتوكولية، بل وشكلية، لأنها منجزة لفائدة التلفزيون المغربي وللاستهلاك الداخلي. وإلا فليدلنا السيد بوريطة والوفد الذي رافقه على قرار واحد هام نتج عن هذه اللقاءات، اللهم إذا استثنينا إقامة علاقات دبلوماسية مع… غينيا الجديدة.

لكن ناصر بوريطة ووزارته وطاقمه تعدوا الحدود حيث حاولوا استبلاد 34 مليون مغربي، بحديثهم عن “لقاء” وزيرنا في الخارجية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامپ، وبثت وزارة الخارجية صورة لناصر بوريطة رفقة الرئيس ترامپ وزوجته، ونشروا خبرا يوحي بأن بوريطة استقبل من طرف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، مع ما صاحب ذلك من مباحثات. والواقع أن الرئيس ترامپ نظم حفلا على شرف كل رؤساء الوفود المشاركة في دورة الأمم المتحدة، وكان واقفا رفقة زوجته يستقبل الضيوف الذين يلتقطون معهما صورا تذكارية فقط. وبالتالي فقد تم التقاط صور للرئيس ترامپ مع رؤساء جل الوفود كالجزائري عبد القادر مسهل، ورؤساء وفود إسرائيل والدانمارك وبوليفيا والموزمبيق والسوازيلاند وغيرهم، ولا أحد من هؤلاء كذب على مواطنيه، وادعى أن السلام على ترامپ كان “لقاء” وجب توثيقه بالنص والصورة.

ليبقى السؤوال المطروح هو، لماذا لم يحضر رئيس حكومتنا سعد الدين العثماني هذا الحفل وهل تم إخباره به مسبقا أم لا؟

وبمجرد انتهاء الدورة الأممية، سارعت وزارة الخارجية إلى إعداد فيديو عممته على الصحافة، يتضمن عشرات الصور لناصر بوريطة في نيويورك، وهو أمر غير مسيوق وتجاوز لحدود التواصل والتغطيات الإعلامية، بل إنها فاقت من حيث الحجم والضغط التغطيات الإعلامية التي تخصص لملك البلاد، في حين لم يحض سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والرئيس الفعلي للوفد المغربي إلا بثلاث أو أربع صور.

وهنا سنكون مضطرين لمخاطبة وزير الخارجية. فيا ناصر بوريطة، إن العمل الجاد الذي عينك من أجله الملك محمد السادس ليس “التبوريدة” و”البرزة” أمام عدسات الكاميرات، بل العمل في تناغم كامل مع أُطر وزارتك، وعدم احتكار المعلومة واقتسامها معهم، ومع المؤسسات الوطنية المعنية بالأمر، والوفاء والالتزام بوعودك أمام شركاء المغرب في الخارج، والرد على الهاتف حين يتعلق الأمر بالصالح العام، وعدم الانتقام من مرؤوسيك، والكف من سياسة “أنا وحدي نضوي البلاد”. لأن هذه السياسة نهجها قبلك عبد الإله بن كيران، و ها هو اليوم يؤدي ثمنها، حيث تنخره العزلة واللامبالاة.

واعلم يا بوريطة أن من أبجديات الدروس التي يتلقاها طللبة الإعلام والاتصال، أن المبالغة في تلميع الصورة تشوهها بل وتقتلها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سٍِؤال للسي بوريطة، كم عدد لمواقع التي تعاقد معها لتلميع صورته، و كم المبالغ سنويا المخصصة من أموال دافعي الضرائب التي يصرفها على تغطية نشاطاته
    نرجو ان يطرح السؤال احد البرلمانيين على السيد الوزير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى