شؤون برلمانية

بنكيران يعترف بفشله في الوفاء بوعوده و”برلمان” ينشر النص الكامل لحصيلته الحكومية

الخط :
إستمع للمقال

فدوى جرخمان

اعترف رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران، خلال مثوله مساء أمس الثلاثاء، أمام أعضاء البرلمان بغرفتيه، من أجل تقديم حصيلة نصف ولايته الحكومية، بانه حكومته لم تتمكن من الإيفاء بكل الوعود التي التزمت بها، خصوصا فيما يتعلق بتقديم الدعم للفقراء، معتبرا في سياق آخر، أن الحكومة التي يقودها هي حكومة غير عادية.

وفي ذات السياق  قال رئيس الحكومة ان بعض الامور لم نتجاوب معها بالشكل المطلوب، ونحن غير راضين على ذلك، لكن النية والعزم معقود ليصل الدعم الى الفقراء“.

وكما هي عادته، رمى رئيس الحكومة مرة أخرى باللوم على الحكومات السابقة، لما قال إن البعض يريد من هذه الحكومة ان تصلح اختلالات ستين سنة تراكمت منذ الاستقلال وهذا لا يمكن”، مضيفا “كنا نسمع الكثير من الوعود والآن جاءت الحكومة التي تعلق الجرس والباقي على الله.

الى دالك قال زعيم ال قال زعيم الحزب الأغلبي، ان حكومته أتت في ظرف دقيق، عرف توجسا كبيرا من المستقبل وشك في المؤسسات المنتخبة وفي هيبة الحكومة، مشيرا إلى أن المغرب، قبل وصول الإسلاميين إلى تدبير البلاد، كان يعيش ظروفا صعبة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، في الوقت الذي كان أعداء المملكة يستغلون ورقة حقوق الانسان من اجل  الاساءة للوحدة الترابية.

وفي مايلي يقدم برلمان.كوم لقرائه نسخة من العرض الكامل الذي استعرضه عبد الاله بنكيران، أمام مستشاري ونواب الأمة:

 

 

عرض السيد عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة

للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة

– الفصل 101 من الدستور –

(الثلاثاء 10 رمضان 1435هـ الموافق لـ 8 يوليوز 2014م)

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

 

السيد رئيس مجلس النواب المحترم،

السيد رئيس مجلس المستشارين المحترم،

السيدات والسادة الوزراء المحترمين،

السيدات والسادة النواب والمستشارين المحترمين،

انه لمن دواعي السرور أن أجدد اللقاء بكم وذلك في إطار عرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة تطبيقا لمقتضيات الفصل 101 من الدستور، وبسط آفاق العمل الحكومي للمرحلة المقبلة من هاته الولاية بحول الله وقوته، مؤكدا على ما ترسخه هذه المحطة المتميزة من تجاوب مستمر للحكومة مع البرلمان في إطار اضطلاعه بمهامه الرقابية ومن ربط للمسؤولية بالمحاسبة. وأود في هذا الصدد، أن أتوجه بشكري الجزيل الى مجلسيكم الموقرين لتعاونهما من أجل أن تكون هذه المناسبة لحظة ديمقراطية بامتياز، وكذا الاهتمام الكبير الذي تولونه لتتبع وتقييم ومراقبة السياسات الحكومية.

 

السيدات والسادة النواب والمستشارين المحترمين،

إن أي تقييم موضوعي للحصيلة المرحلية للعمل الحكومي يقتضي منا استحضار السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي جاءت في إطاره هذه الحكومة سواء على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، ورافقها خلال هذه المرحلة من عملها، وما بذلته من جهود ومكابدة استثنائية من أجل الحد من الآثار السلبية لهذا السياق المتقلب والصعب وإرساء دينامية جديدة من التعاون والتضامن بين مكونات الأغلبية الحكومية للتقدم في تطبيق مقتضيات الدستور ولتنزيل استحقاقات البرنامج الحكومي واسترجاع الطمأنينة وتعزيز الآمال في تسريع مسار الإصلاح ببلادنا وترسيخ الاستقرار السياسي و توطيد السلم الاجتماعي، مما ظهرت آثاره والحمد لله في ازدياد إشعاع المغرب على المستوى الدولي مما يدعم الثقة في تفعيل الإصلاحات والقدرة على كسب رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا.

فعلى الصعيد السياسي، لابد من التذكير بأن التجربة الحكومية الحالية جاءت في إطار سياق استثنائي وطنيا وإقليما ودوليا، اتسم بانبعاث حراك شعبي في بلدان المنطقة، عكس إرادة الشعوب في مناهضة الفساد والاستبداد والمطالبة بالكرامة والحرية والعدالة، وبروزه كتحول مستقبلي عميق تفاعلت معه الشعوب والدول بدرجات متفاوتة.

وبفضل الله تعالى تمكن المغرب في هذا السياق من اتخاذ مبادرة إرادية واستباقية عنوانها “الإصلاح في إطار الاستقرار” جسدها الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله في 9 مارس 2011، واعتماد دستور جديد في يوليوز 2011 وإجراء انتخابات تشريعية في 25 نونبر من نفس السنة، منحت بلادنا بمساهمة مختلف مكونات المجتمع المغربي تحت قيادة جلالة الملك مسارا متجددا ما يزال مستمرا وواعدا بحول الله، في ظل التشبت القوي بالثوابت الوطنية الجامعة والمتمثلة في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية المتعددة الروافد والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي، والقطع مع محاولات التحكم والإقصاء.

ونعتبر أن ربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي التذكير بالأوضاع الصعبة التي تشكلت في إطارها الحكومة، حيث عرفت البلاد حركة مستمرة للاحتجاج طيلة سنة 2011 وبداية سنة 2012، أنتج عند البعض حالة من التوجس  إزاء المستقبل وضعفا في الثقة في المؤسسات المنتخبة، وتشكيكا من قبل البعض في قدرة التجربة الحكومية الجديدة على استعادة المبادرة والمساهمة في صيانة هيبة الدولة وتدعيم الثقة في مسار  الإصلاح في إطار الاستقرار، خاصة في ظل تنامي حالات احتلال الملك العمومي وتوسع حركة الإضرابات القطاعية في مجالات حيوية للخدمات العمومية، مثل المستشفيات والمدارس والمحاكم والجماعات المحلية، وهي إضرابات أدت إلى تعطيل مرافق عمومية أساسية بعد أن أصبحت تلك الإضرابات متكررة، وإلى تأخير مصالح المواطنين بشكل حاد وإضعاف ثقة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.

وبالإضافة إلى ذلك زادت مخاطر الاستهداف الممنهج  لقضيتنا الوطنية الأولى وملف وحدتنا الترابية والوطنية، بعد الهزة التي عرفتها في أواخر سنة 2010 إثر أحداث إكديم إزيك الأليمة والتي كانت نتيجة موضوعية للفشل في معالجة الاختلالات، والتي استغلها خصوم وحدتنا الترابية للمس بمصداقية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، والاستغلال العدائي والتوظيف المغرض لحقوق الإنسان لضرب السيادة الوطنية و الترابية على الصحراء المغربية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، عرفت الوضعية اختلالا كبيرا و متزايدا للتوازنات الماكرو-اقتصادية مع نهاية 2011، خاصة ارتفاع عجز الميزانية الذي بلغ أكثر من 6% من الناتج الداخلي الخام          و تفاقم عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات الذي بلغ 8% من الناتج الداخلي الخام.

ويضاف إلى هذه الوضعية عدم قدرة النموذج التنموي المعتمد على مواصلة الصمود في مواجهة آثار الأزمة الاقتصادية الخارجية والارتفاع المستمر لأسعار البترول، وهو نموذج قائم على تعويض انحسار الطلب الخارجي ونتائجه بتقوية الطلب الداخلي، إلا أن طول الأزمة، والتأخر في إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية، كل ذلك جعل الحكومة الجديدة تواجه مخاطر تحديات اقتصادية ومالية صعبة.

وعلى الصعيد الاجتماعي، فإن المجهودات الكبيرة المبذولة والبرامج المتعددة مازالت آثارها ضعيفة على مستوى تحسن أوضاع المواطنات والمواطنين و تيسير ولوجهم للخدمات العمومية الأساسية وضمان جودتها والمساهمة في تقليص ملموس ومستدام للفوارق الاجتماعية والمجالية.

لقد كان النموذج الذي تقدمه بلادنا على محك الاختبار، بالنظر لهذه الاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن المحصلة اليوم و الحمد لله هي بروز هذا النموذج أكثر تميزا وإشعاعا بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي اضطلع بدور مفصلي في صيانة هذا النموذج وقيادة مسلسل الإصلاحات وحماية الوحدة والاستقرار، ثم بالثقة المتجددة في المؤسسات المنتخبة وفي التجربة الحكومية المستندة على شرعية ديمقراطية وتعددية سياسية، وعلى رصيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والحقوقية والثقافية والاجتماعية التي عرفتها المملكة على مدار العقود الأخيرة، مما انعكس إيجابا على جاذبية بلادنا وفتح آفاق الارتقاء الاجتماعي، وفق معادلة تجعل الإدارة  في خدمة الوطن والمواطن.

ونعتبر اليوم أن أحد أهم إنجازات التجربة الحكومية هو المساهمة في إخراج بلادنا من مرحلة سياسية واقتصادية حرجة إلى مرحلة جديدة جرى فيها تدعيم الثقة واستعادتها في المؤسسات     وزيادة اهتمام المواطن بتدبير الشأن العام، كما تم فيها صيانة قدرة المغرب كنموذج حضاري متميز باستقراره وقوي بوحدته أن يؤثر ايجابيا في محيطه.

إن عناصر النجاح والقوة التي مكنت بلادنا من تجاوز تحديات الربيع الديموقراطي، وازدادت قوة برصيد التجربة الحكومية، ساهمت كذلك في تجاوز ما سمي بالخريف العربي،  والهزات التي عرفتها بعض البلدان، مما كان له بالغ الأثر الإيجابي على مصداقية مسلسل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى الرفع من جاذبية وإشعاع النموذج المغربي.

وقد تأتى ذلك والحمد لله بفعل أمرين، الأول تمثل في سلسلة  من القرارات       لك محمد السادس حفظه الله  الشقيقةرجية جديدة..ه الله و نصره.  و التدابير و الإجراءات الصعبة والمسؤولة، سواء تعلق الأمر باستعادة مصداقية الحياة السياسية أو بتقوية تنافسية وفعالية النشاط الاقتصادي أو بتصحيح الاختلالات الاجتماعية، وهي مبادرات سنعرض لأهمها في هذه الحصيلة المرحلية، أما الأمر الثاني والذي لا يقل أهمية عن الأول إن لم يكن  يفوقه، فهو النجاح التدريجي في إرساء ثقافة سياسية جديدة رافضة للتحكم و الإقصاء وتقوم على التعاون بين المؤسسات عوض التنازع بينها، والعمل على تحمل المسؤولية في اتخاذ القرارات اللازمة عوض الارتهان أو الاستكانة إلى الانتظارية وللحسابات الضيقة والانتخابية، وكذا الوفاء بالالتزامات والعقود بديلا عن التسويف والإرجاء، واعتماد الحوار والمقاربات التشاركية، وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات، وهي سمات جديدة في منهجية تدبير الشأن العام وفي العلاقة مع مختلف الفاعلين في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية و مع الشركاء الوطنيين والدوليين.

السيدات والسادة النواب والمستشارين المحترمين،

قبل عرض مكونات الحصيلة المرحلية للعمل الحكومي، من المفيد  تقديم الإطار الناظم لمجموع الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة، وهو ما يتجسد في دينامية إصلاحات تم إطلاقها، تؤطر هذه الإجراءات وتعزز استدامتها، مما يجعل بلادنا في خضم حركية إصلاحات هيكلية وأوراش تنموية ومبادرات إشعاعية، وأخص بالذكر ما يتعلق بمنظومة العدالة و المالية العمومية والنظام المالي والمقاصة والتقاعد والجهوية والخدمات الصحية والتعليمية والسكن، والإصلاحات المتعلقة بالإعلام والمجتمع المدني والمرأة وحقوق الإنسان، بما يجعل المغرب بمثابة ورش إصلاحي كبير مؤطر بمقتضيات تنزيل الدستور، ويفرض على مختلف المكونات تحمل المسؤولية في ضمان إنجاز هذه الإصلاحات.

 

وسأكتفي في هذا الصدد بعرض أبرز معالم هذه الحصيلة دون الإغراق في تفاصيل انجازات مختلف القطاعات الحكومية.

السيدات والسادة النواب والمستشارين المحترمين،

على مستوى ملف وحدتنا الوطنية، تميزت هذه المرحلة بتعزيز موقف المغرب من خلال مصادقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرارات نوه فيها بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية إلى تسوية النزاع حول الصحراء المغربية، كما واصلت العديد من القوى الفاعلة على المستوى الدولي والعديد من الدول التعبير عن دعمها للمبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي، وذلك بفضل المجهودات والمساعي التي ما فتئ يبذلها جلالة الملك محمد السادس، أعزه الله.

وقد تمثل ذلك في النجاح الكبير للزيارة الملكية للولايات المتحدة الأمريكية و النتائج المهمة التي حققتها هذه الزيارة على مستوى تعميق العلاقات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية بين البلدين وتحقيق دعم أكبر للمقترح المغربي للحكم الذاتي والتنويه بمصداقيته وجديته.

والنتائج الايجابية على هذا الصعيد تؤكد أن تجاوز مخططات خصوم الوحدة الترابية يتطلب مضاعفة الجهود وتكثيف المبادرات وتحمل الجميع لمسؤوليته في الدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية، والعمل على تقوية الجبهة الداخلية والتقدم في تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجهوية المتقدمة وتطبيق النموذج الاقتصادي التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، وتكثيف التواصل والإشعاع  وتقوية الحضور المغربي سواء الحكومي أو البرلماني أو المدني في مختلف المنابر والمحافل الجهوية والقارية والدولية، واستثمار التراكمات الإيجابية التي تحققت هذه السنة.

من الواجب أيضا التوقف عند المنعطف الذي تعرفه القضية الفلسطينية عامة والقدس الشريف خاصة،حيث تتعرض فلسطين لتهديدات متصاعدة بسبب سياسات التهويد والاستيطان المستمرة والمتزايدة، في ظل اشتداد حالة الحصار الظالم والعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، ومواصلة استهداف المقدسات الإسلامية والوطنية، و حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، مما يتطلب مواصلة تعبئة الدعم للقضية الفلسطينية واليقظة اللازمة لمواجهة كل الاعتداءات التي تستهدف الشعب الفلسطيني و مخططات التهويد ومسخ الهوية العربية للقدس الشريف ومواجهة كل   محاولات التطبيع.

السيدات والسادة النواب والمستشارين المحترمين،

ونحن نقدم اليوم الحصيلة المرحلية علينا كذلك تقدير حجم الجهود التي بذلت لتدعيم دور البرلمان وإرساء مرحلة جديدة في العلاقة بين الحكومة والبرلمان و في مسائلته ومراقبته للعمل الحكومي، والتقدم الجماعي نحو تنزيل أحكام الدستور، ومن ذلك الحرص على تنظيم جلسة الأسئلة الشهرية وتجاوز الإكراهات والعراقيل، من أجل دعم العمل المشترك بين البرلمان والحكومة.

ومن جهة أخرى ووعيا منها بالطبيعة الخاصة للولاية التشريعية الحالية وللاستحقاقات الدستورية المرتبطة بها، أعدت الحكومة ولأول مرة مخططا تشريعيا مندمجا ومتكاملا. وفي هذا الإطار، عملت الحكومة على تسريع وتيرة الإنتاج التشريعي، فمن أصل 16 قانون تنظيميا مقررة في إطار المخطط التشريعي، تمت المصادقة على 06 مشاريع قوانين تنظيمية و إعداد 04 مشاريع أخرى في طور المصادقة  . كما قامت الحكومة باعتماد قانونين إطار و204 مشاريع قوانين عادية منها 08 قوانين تقضي بتنفيذ احكام الدستور و99 مشروع قانون تهم مختلف السياسات القطاعية،إضافة إلى 97 تقضي بالموافقة على اتفاقيات دولية وثنائية  .

ووعيا منها بما يكتسيه إصلاح منظومة العدالة من أهمية بالغة في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، عملت الحكومة على إنجاز ميثاق لإصلاح منظومة العدالة يروم توطيد استقلال السلطة القضائية، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وإنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، وتحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها. وقد تم إنجاز هذا الميثاق بعد استكمال مسلسل تشاوري واسع أشرفت عليه الهيئة العليا  للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة وتوج بإعلان الموافقة الملكية السامية على مضامينه في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك يوم 30 يوليوز 2013 بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لعيد العرش المجيد. ويتضمن هذا الميثاق الأهداف الإستراتيجية الكبرى لإصلاح منظومة العدالة.

كما عملت الحكومة على بلورة تصور متكامل لتنزيل مشروع الجهوية وتدعيم مسلسل اللامركزية، انطلق من الإعلان المبكر عن البرنامج الزمني للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بما يمكن الفاعلين السياسيين من الاستعداد اللازم لهذا الاستحقاق الهام. وفي نفس السياق، تحرص الحكومة على ترسيخ المقاربة التشاركية في إعداد القانون التنظيمي للجهة والقوانين المتعلقة باللوائح الانتخابية والتقطيع الترابي وترسيخ خيار الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة التي هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي و ضمان حياد السلطات العمومية والنهوض بمشاركة المواطنين والمواطنات بما يضمن انبثاق مجالس ديمقراطية وفعالة وذات مصداقية ويقطع نهائيا مع كل ما من شأنه التشكيك في شفافية ونزاهة الانتخابات.

وسعيا إلى تعزيز منظومة حقوق الإنسان ببلادنا، عملت الحكومة على استكمال إجراءات المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وعرض مشاريع القوانين الخاصة بالموافقة على البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والخاصة بتقديم الشكايات، والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة والخاص بتقديم البلاغات والشكايات، والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والخاص بزيارة أماكن الاعتقال. كما تفاعلت بلادنا مع مختلف الآليات الدولية المعنية باحترام حقوق الإنسان ومحاربة كل أشكال التمييز. وأتاحت لها زيارة مناطق عدة في المغرب، ولاحظت في الميدان الإنجازات التي تحققت في المجالات المندرجة في نطاق عملها خصوصا وفي مجال حقوق الإنسان عموما.

كما ضاعفت الحكومة من جهودها للنهوض بحرية الصحافة، سعيا إلى إرساء إعلام ديمقراطي وحر ومسؤول وتعددي. و قد تم بهذا الخصوص إعداد مشروع ﻣﺪﻭﻧﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ، ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ، ومشروع إحداث مجلس وطني مستقل للصحافة، بالإضافة إلى سلسلة من المقتضيات التي تهم توسيع ضمانات ممارسة الصحافة وتعزيز دور القضاء، ومراجعة منظومة الزجر والمتابعة في قضايا التشهير والقذف، وتحقيق الاعتراف القانوني لقطاع الصحافة الإلكترونية.

وفي إطار إقرار سياسة عمومية مندمجة للاهتمام بقضايا المرأة، تم اعتماد خطة لتنسيق جهود القطاعات الحكومية للنهوض بحقوق المرأة في عدة مجالات تهم أساسا تعميم ولوج الفتيات إلى جميع مستويات النظام التربوي ومحاربة الأمية لدى النساء، و تحسين الولوج المنصف والمتساوي للخدمات الصحية، وتطوير البنيات التحتية الأساسية لتحسين ظروف عيش النساء والفتيات، إضافة إلى التمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء، والولوج المتساوي لمناصب اتخاذ القرار الإداري والسياسي والاقتصادي، ومحاربة العنف ضد النساء والتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف.

وسعيا إلى النهوض بأدوار المجتمع المدني، سهرت الحكومة على تنظيم الحوار الوطني الأول حول “المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة”، الذي انطلق يوم 13 مارس 2013 واختتم يوم 15 ماي 2014 وعرف مشاركة أكثر من 10000 فاعلة وفاعل جمعوي وخبير وطني ودولي، تمخض عن مخرجات وتوصيات نوعية، تفاعل معها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الذي تفضل بإقرار 13 مارس من كل سنة يوما وطنيا للمجتمع المدني، يشكل مناسبة للاحتفاء بجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، وتثمين الجهود والأنشطة التي تقوم بها واستشراف آفاقها المستقبلية.

وقد أسفر هذا الحوار عن مقترحات تهم مشروع قانون تنظيمي حول الملتمسات التشريعية، ومشروع قانون تنظيمي حول العرائض، ومشروع قانون حول التشاور، ومشروع مدونة شاملة حول الحياة الجمعوية وميثاقا وطنيا للديمقراطية التشاركية.

وسعيا منها إلى إعادة الاعتبار للمرفق العمومي ولمعالجة الاختلالات المزمنة التي تتانفى مع مبادئ ومنطق الشفافية والتنافس الشريف وبذل الجهد والحرص على العمل عوض الريع والزبونية، حرصت الحكومة على ضمان إعادة الاعتبار للمرفق العمومي واستمرار الخدمة العمومية وإرساء تكافؤ الفرص والشفافية في التعيينات في المناصب العليا والمباريات وذلك من خلال:

–        إصدار القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الدستور، بهدف ضمان تكافؤ الفرص والاستحقاق، و ترسيخ مبادئ الشفافية والمحاسبة. وقد بلغ عدد التعيينات في المناصب السامية إلى غاية شهر يونيو الماضي، 404 منصبا ساميا، بعد التداول بشأنها في المجلس الحكومي، حوالي 13 في المائة خصصت للنساء.

–        إرساء مبدأ التوظيف عبر المباراة وإنهاء التوظيف المباشر في إطار الحرص على ضمان تكافؤ الفرص و المساواة في الولوج للوظيفة العمومية حيث تم إلى متم شهر يونيو الماضي، تنظيم 1.925 مباراة بالإدارات العمومية والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية، همت أزيد من 54 ألف منصب.

–        ضمان استمرارية الخدمات العمومية مع احترام الحق الدستوري في ممارسة الإضراب من خلال تكريس مبدأ الأجر مقابل العمل، ومحاربة التغيب غير المشروع عن العمل وإنهاء احتلال الأملاك العمومية، وذلك للقطع مع التعثر المستمر إن لم نقل التوقف المتكرر بفعل تتالي الإضرابات غير المبررة و غير المؤطرة في مجموعة من المرافق العمومية الحيوية وخاصة قطاعات الصحة والقضاء والتعليم والجماعات المحلية.

–        الحد من الجمع بين العمل في المدرسة العمومية والقطاع الخاص وبين العمل في القطاع العام والقطاع الخاص في قطاع الصحة، مع إخضاع الاستثناءات في هذا الإطار إلى شروط صارمة.

 

وترسيخا لقيم الشفافية وسعيا إلى إرساء الحكامة الجيدة، سعت الحكومة إلى الحد من الاحتكارات والاستثناءات والعمل على تعويض التراخيص والامتيازات الجاري بها العمل في قطاعات النقل والمقالع مثلا بدفاتر تحملات تحدد الشروط الموضوعية للاستفادة منها في إطار المساواة وتكافؤ الفرص.

وفي مجال مكافحة الفساد والرشوة، انكبت الحكومة على إعداد الاستراتيجية الوطنية للوقاية ومحاربة الرشوة بتشاور مع مختلف الأطراف المعنية بالظاهرة، والتي من المتوقع تنزيلها واعتماد ميثاق وطني لمحاربة الرشوة في غضون السنة الجارية بإذن الله.

كما اتخذت الحكومة اجراءات عملية للتفاعل مع التوصيات التي يصدرها المجلس الأعلى للحسابات، بالمبادرة إلى تتبع تنفيذ هذه التوصيات والاستفادة من مختلف الملاحظات الواردة في تقارير المجلس، و تحريك مساطر المتابعة القضائية متى كانت طبيعة هذه الاختلالات تستوجب ذلك.

السيدات والسادة النواب والمستشارين المحترمين،

وعلى المستوى الاقتصادي، كثفت الحكومة جهودها لتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني من خلال الحرص على ضبط التوازنات الماكرواقتصادية، والشروع في تنزيل الاصلاحات الهيكلية الكبرى ومباشرة الإصلاحات الضرورية على المستوى التشريعي والمؤسساتي والإجرائي بهدف تحسين مناخ الأعمال.

وبهذا الخصوص، نجحت بلادنا، في توقيف المنحدر السلبي على مستوى المالية العمومية وعلى مستوى التوازنات الخارجية، حيث استطعنا في ظرف سنة واحدة أن نقلص عجز الميزانية بما يقارب نقطتين من الناتج الداخلي الخام، من 7.3 في المائة سنة 2012 إلى 5.5 في المائة سنة 2013. وبنفس المستوى، استطعنا تقليص عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات من 9.7 في المائة سنة 2012 إلى 7.6 في المائة سنة 2013.

وستواصل الحكومة سعيها للتحكم أكثر في عجز الميزانية خلال السنوات المقبلة تماشيا مع مقتضيات الدستور الجديد، مما سيمكن من الحد من تفاقم الدين وانخراطه في خط تنازلي لينخفض مستواه نسبة إلى الناتج الداخلي الخام إلى أقل من %60.

وعلى مستوى النشاط الاقتصادي، تميزت سنة 2013 بتسارع النمو الاقتصادي حيث بلغ نسبة 4,4% مقابل 2,7% خلال سنة 2012. وبالرغم من الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة والسياق الإقليمي غير المستقر، فقد سجل قطاع السياحة مع نهاية سنة 2013 نمواً بنسبة 8% في عدد السياح الوافدين مقارنة مع سنة 2010. وبلغت مداخيل السياحة بالعملة الصعبة ما يناهز 58 مليار درهم، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 2% مقارنة مع سنة 2010.

وفي إطار حرص الحكومة على تحفيز النمو ودعم الاستثمار والمقاولة، ووعيا منها بضرورة إعطاء الأولوية للصناعة قامت الحكومة بإطلاقالمخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية للفترة 2014- 2020. ويهدف هذا المخطط إلى إحداث نصف مليون منصب شغل في أفق سنة 2020، وزيادة حصة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام بـ 9 نقاط، لينتقل من 14 إلى 23 في المائة في أفق 2020.

ومن أجل ذلك ستعمل الحكومة على تعبئة 1000 هكتار من الوعاء العقاري العمومي لإحداث مناطق صناعية مخصصة للكراء. كما ستقومبإحداث صندوق عمومي لمواكبة التطوير الصناعي، والذي سيخصص له غلاف مالي قدره 20 مليار درهم، وسيشكل دعامة للمقاولات والقطاعات التي تنتج قيمة مضافة عالية أو تطور العرض التصديري أو توفر فرصا للشغل أكثر.

كما تواصلت السياسة الإرادية للاستثمار العمومي حيث المجهود الاستثماري الإجمالي في القطاع العام بمختلف مكوناته ما يناهز  186 مليار درهم سنة 2014  و 165 مليار درهم سنة 2013      و 188 سنة 2012 مقابل ما يناهز 167 مليار درهم سنة 2011 و 163 مليار درهم برسم سنة 2010. كما حرصت الحكومة على تطبيق الأفضلية الوطنية من أجل تمكين المقاولات الوطنية من الصفقات العمومية وبالتالي الاستفادة من الإمكانيات المالية الكبيرة المتاحة في إطار الاستثمار العمومي.

وعلى صعيد آخر، أولت الحكومة عناية خاصة لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار الخاص، خاصة من خلال تعزيز الشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالتوقيع في 9 مارس 2012 على مذكرة تفاهم بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل التأسيس لحوار وتشاور دائمين مع الفاعلين الاقتصاديين، و تطوير عمل اللجنة الوطنية المكلفة بتحسين مناخ الأعمال وتسريع وتيرة اشتغالها.

وهكذا تم إصدار المرسوم المتعلق بالضابط العام للبناء المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق، وذلك بعد تعثر دام حوالي 20 سنة. وسيمكن هذا المرسوم، الذي ينص على إحداث الشباك الوحيد للتعمير على مستوى الجماعات التي تتعدى ساكنتها 50.000 نسمة، من تبسيط وتعزيز شفافية المساطر المتعلقة برخص البناء والسكن وكل ما يتعلق بالتعمير، وتيسير الولوج إلى المعلومة ومتابعة مراحل الترخيص، وكذا ضبط الآجال المحددة لمختلف المراحل المتعلقة بالترخيص بالبناء والترخيص بالسكن.

وقد حظيت المقاولات وخاصة الصغيرة والمتوسطة برعاية خاصة من طرف الحكومة، حيث تمت معالجة إشكاليات مزمنة ومطالب قديمة، وذلك من خلال عدة إجراءات تجلت أساسا فيما يلي :

–        تقليص نسبة الضريبة على الشركات ذات الأرباح أقل من 300 ألف درهم إلى 10%.

–        معالجة إشكالية “المصدم butoir” المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة والمتراكم منذ سنوات، وهو ما سيكلف الميزانية 1,5 مليار درهم هذه السنة.

–        إلغاء قاعدة الفاصل الزمني المتعلق بخصم الضريبة على القيمة المضافة، والمطبقة منذ سنوات،  بكلفة تجاوزت إلى حدود الآن مليار و100 مليون درهم.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. تقديم منتقى على مقاسك يا فدوى غفر الله لنا ولك… ومنه يستقى أنك من الباب خرجت مائلة… الله يعفو علينا وعليك…

  2. ابن كيران: الحصيلة المرحلية إيجابية ومطمئنة ترسخ صدقية التزام الحكومة بتنفيذ ما تعهدت به… موقع: pjd.ma

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى