الأخبارسياسةمستجدات

تقرير بان كي مون حول الصحراء تسربت إليه مفاهيم السياسة الخارجية الجزائرية وعلى المغرب وضع شروط

الخط :
إستمع للمقال

في قراءة تحليلية لما سينتجه تقرير بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، خلال الساعات القادمة، حول مشروع قرار مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء المغربية، اعتبر عاطف بوكمزا الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في حديث لبرلمان.كوم أن أي قراءة متأنية لمضمون توصيات الأمين العام للأمم المتحدة من خلال تقريره الأخير، توضح بشكل جلي، انحيازا لأطروحة البوليساريو، وأيضا تسربا لمفاهيم السياسة الخارجية الجزائرية في التقرير، منها مفاهيم “الإستعمار” ومفاهيم  “الحل النهائي”.

واشار الباحث إلى بروز تغيير في خطاب الأمانة العامة التي التزمت على مدى عقود لمقاربات الموضوعية والحيادية، وبالتالي حضور طابع الإنحياز لأطروحات الجبهة، وتوظيف مفاهيم حقوق الإنسان للضغط على المغرب للقبول بالرجوع الى المفاوضات، والتي يرفضها في غياب الجزائر على اعتبارها طرفا مباشرا في النزاع حول الصحراء.

بوكمزا أوضح في حواره مع برلمان.كوم، أن مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا بخصوص عودة بعثة المينورسو يؤكد أن السياسة الخارجية الأمريكية متعددة المخارج ولايمكن دائما التنبؤ بسيناريوهات خرجاتها وقراراتها الخارجية خصوصا في ملفات مثل ملف الصحراء المغربية، مضيفا أن ردة فعلها لم تكن في حسبان راسمي السياسة الخارجية للمغرب، وعليه فلابد أن تتحرك المملكة من أجل تعديل القرار وضمان عدم إدخاله بالصيغة النهائية والتي تنص على “عودة المينورسو إلى قدرتها العملية بشكل فوري”، والتنصيص على مجموعة من الشروط لصالح المغرب.

ما هو تعليقكم على القرار الأمريكي الذي تم تقديمه إلى مجلس الأمن حول الصحراء؟

القرار الأمريكي الأخير الذي يدعو إلى “العودة الفورية” لنشاطات المينورسو، وعودة المكون المدني الذي قام المغرب بطرده، له دلالة قوية على أن السياسة الخارجية الأمريكية متعددة المخارج، ولا يمكن دائما التنبؤ بسيناريوهات خرجاتها وقراراتها الخارجية، خصوصا في ملفات مثل الصحراء، والقراءة الموضوعية في هذا الإطار، هو أن القرار يأتي بعد صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، وتنصيصه على طرد المغرب لأفراد من البعثة، وإيقاف نشاطاتهم، ورد الفعل هذا لم يكن في حسبان راسمي السياسة الخارجية المغربية، وهذا دليل على غياب استراتيجيات واضحة وفعالة في قراءة السيناريوهات المحتملة للأفعال الخارجية من قبل الدول الفاعلة في العلاقة الدولية.

وبالتالي فمن البديهي أن تأخذ الدول الكبرى في مجلس الأمن المبادرة لعودة البعثة إلى مزاولة أنشطتها، والملاحظ هنا أن السياسة الخارجية المغربية دائما ما تضع نفسها في موقف الدفاع الأخير، أو الدقائق الأخيرة والحرجة في إتخاذ القرارات، أمام غياب تعددية الإقتراح وتنوع زواياه ومنافذه، خصوصا في معالجة الملفات السياسية الساخنة والمصيرية.

وعلى المغرب أن يتحرك من أجل تعديل القرار وضمان عدم إدخاله بالصيغة النهائية والتي تنص على “عودة المينورسو إلى قدرتها العملية في شكل فوري”، والتنصيص على مجموعة من الشروط التي كان المغرب قد طالب بها من أجل عودة البعثة إلى إشتغالها، وأن إدخال القرار بهذه الصيغة يعتبر إنتكاسة للسياسة الخارجية المغربية. كما أن هناك تحفظ على مسودة القرار خصوصا من قبل فرنسا، وهو ما أدى إلى تأخر التصويت عليه إلى حين مناقشته بين الأعضاء، وهو فرصة للمغرب لإدخال تعديلات حول مضامينه التي تصب في صالح سياسته الخارجية.

وأود التأكيد في هذا الإطار، أن المغرب عليه أن يسعى إلى تنويع قنوات صنع السياسة الخارجية المغربية، منها القنوات الإقتراحية، خصوصا الأكاديمية والضليعة في المسائل الدبلوماسية والتحاورية، وأيضا قنوات الضغط والتوجيه على مسارات السياسة الخارجية لباقي الفاعلين الدوليين، والتي تتيح له فرص أكبر للمناورة في رسم وتنفيد سياسته الخارجية.

كيف تقييمون تصريحات بان كي مون حول ملف الصحراء؟

من وجهة نظر موضوعية، أعتقد أن بان كي مون بإعتباره أمينا عاما للأمم المتحدة، ومترأس للأمانة العامة، التي يفترض فيها أن تتبنى الحيادية المطلقة في نظرتها إلى الملفات الدولية والإقليمية الساخنة، خصوصا ملفات النزاعات ذات الطابع الحدودي والترابي، وعليه فإنه وبالإضافة إلى ان تصريحاته إبتعدت عن مقاربات الحيادية، فالجدير بالإشارة هنا إلى أن تصريحات الأمين العام تنم أيضا عن عدم إلمام صريح بمعطيات ملف الصحراء وبالأطراف المتنازعة حوله والأطراف التي تقف وراء إستمرار الصراع وتجذره، وأنه يتحدث من منطق عدم العارف لخبايا الصراع الدائر في المنطقة، والذي يعتبر متجذرا في القدم، وبالتالي فتصريحاته خلقت سلوكا جديدا في تعامل الأمانة العام مع ملف الصحراء، والذي كان أغلب الأمناء العامون السابقون قد دأبوا عليه، الذي يجانب طبعا الحيادية والموضوعية في النظر إلى الصراع، دون تغليب لأي وجهة نظر معينة.

ماهي قراءتكم لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة والرسائل التي يحملها؟

جاء تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بمجموعة من التوصيات والملاحظات، من أهمها أنه يدعو الأطراف إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بدون شروط مسبقة وبحسن نية، غير أن الملاحظ في هذا الإطار أن الأمم المتحدة تجانب توجه البوليساريو الذي يصر على القول أن أطراف المفاوضات هم المغرب وجبهة البوليساريو، والذي تذهب في اتجاهه أيضا الأمانة العامة للأمم المتحدة وتنص عليها في تقريرها الأخير الذي أصدره الأمين العام بان كي مون، وبالتالي اعتبار البوليساريو الممثل الشرعي للمفاوضات، على عكس المقاربة المغربية التي تصر على أن تكون الجزائر طرفا في المفاوضات بحكم تمويلها لجبهة البوليساريو ماليا وعسكريا وسياسيا.

إن اعتبار البوليساريو الطرف الرئيسي في المفاوضات يضعف مواقف المغرب وأيضا مبادرة الحكم الذاتي، على أساس أن البوليساريو تضع نفسها في موقف الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي، وهو ما يتوجب على الأمانة العامة للأمم المتحدة الحذر منه، وأن الحل النهائي للملف جدير بإشراك الجزائر في المفاوضات لأنها طرف مباشر في الصراع، بتمويلها وتوجيهها للقرار الخارجي للجبهة.

أما المعطى الثاني الذي جاء به تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، فيتمثل في مسألة حقوق الإنسان في الصحراء، بحيث أن التقرير حاول اللعب على ورقة حقوق الإنسان في وجه المغرب، وذلك بالتنصيص على إرساء “مراقبة دائمة محايدة ومستقلة لحقوق الإنسان في الصحراء وتندوف”، وهي رسالة على عدم ثقة الأمانة العامة في الآليات التي يعتمدها المغرب لمراقبة حقوق الإنسان، سواء عبر المقررين الأمميين أو عبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

في المقابل أكد بلاغ الديوان الملكي على ضرورة “الحفاظ على الإطار والآليات الحالية لانخراط منظمة الأمم المتحدة، وتجنب المقاربات المنحازة، أي أن المغرب يرفض رفضا باتا أي تغيير قد يطرأ على أدوار بعثة الأمم المتحدة.

وهنا لابد أن نذكر بأن مسألة حقوق الإنسان أصبحت متكررة في توصيات الأمين العام للأمم المتحدة، منذ تعيين كريستوف روس سنة 2009 كمبعوث أممي، وبالتالي فهذا التغير في الخطاب الأممي هو مسألة متجذرة منذ قدوم كريستوف روس إلى الصحراء، بحيث أصبحت ورقة حقوق الإنسان معمولا بها بقوة، خصوصا في وجه المغرب، والتي لا يتم توجيهها في وجه جبهة البوليساريو في غالب الأحيان.

وكما نعلم أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى المخيمات تمت وفق تنسيق وجدولة مسبقة من قبل الجبهة، ولم تتح له الفرصة التامة لزيارة باقي المخيمات والتي تعرف مجموعة من الممارسات التي لا تنضبط لأبسط شروط ومعايير حقوق الإنسان التي وضعتها الأمم المتحدة، كما أنها تسجل خروقات كثيرة، خصوصا وأن أغلب سكان هذه المخيمات من الصحراويين المعارضين لسلطة عبد العزيز المراكشي وسياساته الإقصائية لمجموعة من المكونات والقبائل الصحراوية.

وبالعودة إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير، والذي أثار حفيظة المغرب من خلال بلاغ الديوان الملكي، يظهر أن هناك فقرات أخرى فيها ما يفسر عبارة “المقاربات المنحازة” الواردة في بلاغ الديوان الملكي، منها ذكر الأمين العام للأمم المتحدة بأن ملف الصحراء هو “مشكل تصفية استعمار”، وهي تأكيد على أن تصريحه الأخير لم يكن يتعلق بزلة لسان، أو تأويل سياسي أخر كما صرح بذلك، بل هي مقاربة تم إعتمادها من قبل الأمين العام، وهي مقاربة منحازة إلى خطاب جبهة البوليساريو، ومن مفاهيم السياسة الخارجية الجزائرية، وأيضا تصريحه بأن الجهود الأممية “تكتسي أهمية بالغة إلى غاية تحديد الوضع النهائي للصحراء”، يعكس موقفه المنحاز للبوليساريو وللأطروحة الرسمية الجزائرية .

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. لمدا لا يذخل المغرب ممتلي الصحراويين الموجودون ذاخل المغرب كممثلين للشعب الصحراوي لكي لا يكون البوليزاريو ممثلا وحيدا للشعب الصحراوي

  2. الغريب في الأمر لماذا لم تطرح على فرنسا واسبانيا سؤال كيف وجدتم المغرب عندما استعمرتوه مند سنة 1912 وماهي الخريطة الجغرافية التي رسمتموها آنذاك هل وجدتم دولة البوليزاريو؟ لمادا بان كي مون لم يطرح هدا السؤال في مجلس الأمن؟ مع العلم فرنسا واسبانيا عضوين في مجلس الأمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى