جمال بنعمر، الصفة مسؤول أممي والعقلية محرض نهجوي يبرئ الجزائر والبوليساريو ويبخِّس مكاسب المغرب الدولية: -2- قضية الصحراء والمنطق العدمي من داخل المنطقة الرمادية!!

قلنا في السابق إن جمال بنعمر سبق أن استعمل قضية الريف والمعتقلين على خلفية ما وقع فيه سنة 2017، في أخبث عملية تلفيق ضد المغرب عندما استعمل الورقة حجة ضد وحدة المغرب ومشروعه في حل النزاع عن طريق الحكم الذاتي. «وصرح لميديابارت»، السابق ذكره بالقول: «عندما يتم اعتقال المتظاهرين السلميين من حراك الريف والحكم عليهم بالسجن لمدة عشرين عاما، كيف يمكننا أن نأمل في إقناع جبهة البوليساريو بإلقاء سلاحها والانخراط في عملية سياسية تقوم على خطة الحكم الذاتي التي، علاوة على ذلك، لم يتم تطويرها أبدا بالتشاور مع الصحراويين أنفسهم، بما في ذلك أولئك المتحالفين مع الرباط»!!..
وهو تلفيق وترافع مقيت وخبيث لم يجرؤ عليه أي كان قبله.. اللهم بوبكر الجامعي كما كتبنا عن ذلك.
لقد أراد بنعمر أن يشكك في مقترح الحكم الذاتي، بعد أن صارت الدول الكبرى والتي لها وزن تدافع عنه وتعلن دعمها له في المحافل الدولية.
أولا: لم تكن هذه طريقته الوحيدة في ذلك، فالرجل كان مستشارا خاصا لبان كي مون بمستوى وكيل للأمين العام للأمم المتحدة في نونبر 2015 لشؤون منع النزاعات ولم نسمع له صوتا، عندما تجرأ هذا الأخير على المغرب ووصفه بـ«دولة الاحتلال» ولم نسمع لبنعمر صوتا عندما زار «بان كي مون» مخيمات تيندوف وتحدث عن «شعب صحراوي».. وإذا كنا نعرف بقايا الإيديولوجية الشيوعية التفكيكية، التي احتفظ بها منذ أيام «إلى الأمام»، وقد تخلى عنها مؤسسوها فإننا كنا ننتظر أن يكون على الأقل في مستوى وضعه الأممي أي التزام الحياد إزاء النزاع!
ثانيا: العكس هو الذي حدث، حيث سعى بنعمر، في نفس الحوار الذي أجرته معه ميديابارت إلى «تقزيم» مكتسبات المغرب عندما قال «لا ينبغي أن يقتصر تقييم تقدم المغرب في قضية الصحراء على عدد الدول التي تدعم خطته للحكم الذاتي. بل الأهم هو قياس مدى استعداد الصحراويين أنفسهم للعيش تحت سلطة المملكة»!!!، وهو كلام غريب بالفعل بالنسبة لشخص كان من مهامه العمل تحت مظلة الأمم المتحدة وباسمها كان يسعى إلى فرض سلطة القانون الدولي، كما أنه شخص كان على اطلاع على كيفية حل النزاعات من خلال القرارات الدولية…إلا في القضية الوطنية طبعا!!..
ثالثا: عندما يقول «استعداد الصحراويين» هل يتحدث باسم الصحراويين الذين يوجدون في المغرب، الأغلبية الساحقة، والذين غادروا مخيمات العار والتحقوا بالمغرب يبنون مع بلادهم الصحراء المزدهرة؟ أم يتحدث عن شرذمة ما زالت في المخيمات تسرق المساعدات الدولية وتحتجز المعارضين وتنتظر أوامر العسكر الجزائري؟
رابعا: لم يدخر بنعمر جهدا في التقليل من الدعم الدولي للحكم الذاتي، وفي «الغمز واللمز» ضد بلاده، (المفروض أنها كذلك عنده)، حيث نراه يجعل من كل دعم مبررا «للتقلاز من تحت الجلابة» كما يقول المغاربة، تارة يقول «الدعم الغربي (..) ينطوي في كثير من الأحيان على تنازلات مهمة، يُنظر إليها أحياناً على أنها تتعارض مع مصالح أو إرادة أغلبية المغاربة» وتارة يصرح بأن المغرب يعمل على «تشجيع بعض الدول الأفريقية على فتح بعثات قنصلية رمزية في العيون مقابل تعويضات غامضة..» والفاهم يفهم!
لا يقدم لنا الموظف الأممي السابق دليلا بأنه يعرف ماذا تريد «أغلبية المغاربة»، في قبول أو رفض الدعم الغربي! ولا من أين جاء بهذا التأكيد؟ وهل قام باستطلاع رأي كل المغاربة؟ وهل كان يتصرف بهذه الطريقة عندما كان يعالج نزاعات اليمن، فهل تحدث يوما ما عن أغلبية اليمنيين أو أقليتهم؟ وغير ذلك من الأسئلة التي نعرف جوابها ونعرف بأن الرجل ينطق عن هوى إيديولوجي ليس إلا!..
خامسا: إننا نتساءل عن مدى النزاهة الفكرية والأخلاقية للسيد بنعمر، عندما نقرأ قوله للموقع الفرنسي، في ذكرى عيد العرش: «إذا كانت المملكة تسعى إلى استبعاد خيار الاستفتاء نهائيًا، فذلك بلا شك لأنها تخشى ألا يؤيدها الصحراويون، بنسبة كبيرة». وهو موظف أممي، ويقدم نفسه كمفاوض على دراية بالملفات الأممية كيف يجهل بأن الأمم المتحدة هي التي أعلنت استحالة تنظيم الاستفتاء، بعد أن قبل به المغرب؟ والأمم المتحدة هي التي أعلنت سنة 2004 أن مهمة «بعثة المينورسو قد تعثرت بشكل كبير بسبب صعوبة إحصاء الناخبين»، وهي التي اقترحت إجراء «مفاوضات سياسية» لحل النزاع وأن المغرب تقدم بالحكم الذاتي بعد هاته الاستحالة؟؟؟
لا نريد الوقوف على كل تناقضات المبعوث الأممي، وكيف ضحى بصفته الأممية للدفاع المقَنَّع والخبيث عن مواقف الجزائر والانفصاليين..!
ـ فهو ولا مرة واحدة أشار إلى مواقف الجزائر وعملها على عرقلة البحث عن حل وعن نزع فتيل الأزمة!
ـ ولا مرة واحدة أنصف المغرب ودعواته المتكررة إلى «اليد الممدودة» وعندما اضطر إلى ذلك مرغما، بعد تكرار الدعوة في خطاب العرش الأخير سرعان ما هاجم الديبلوماسية المغربية واتهمها «بالإصرار على منطق المواجهة وتعبئة الفاعلين الدوليين لتأكيد الأمر الواقع»، و«تبنيها نهجا يتعارض مع روح الانفتاح والتهدئة..»! كما لو أن الديبلوماسية ليست مجالا محفوظا للتدبير الملكي..!
من حقنا أن نتساءل: هل يسير بنعمر على خطى المسؤولين الأمميين الذين طردهم المغرب من الملف، بعد أن ثبت بأنهم دعامات أساسية للجزائر والانفصال بـ«مقابل» لم يعد خاف على أحد؟
من حقنا أن نسأل: هل غيَّر قِبلته إلى الجزائر بعد أن دخلت دولة قطر في وضعية صعبة دولية، وقفز من السفينة قبل غرقها؟
من حقنا أن نطرح كل السيناريوهات لأن الرجل تجاوز كل الحدود والأعراف، حتى تلك التي رسمت له «بروفايلا» أمميا، لأجل الهجوم على المغرب في قضية هي من أقدس قضاياها..





