حوار هاديء مع بوبكر الجامعي: الصحراء تفضح كل النوايا الخبيثة.. ولن تكون الأول ولن تكون الأخير!

====
لقد حاول بوبكر الجامعي أن ينسب إلى نفسه الدفاع عن الحكم الذاتي إن لم نقل إنه صاحبه! بل جعل نفسه الوحيد الذي حمله من عند الأمريكيين إلى الانفصاليين وأن الدولة أو النظام جاء من بعده، ثم انتقل إلى التشكيك في جدية المغرب في طرح الحكم الذاتي، الذي يرى في تطبيقه ثورة تسقط المخزن..!
====
في جزء من حواره يسعى بوبكر الجامعي إلى التشكيك في جدية مقترح الحكم الذاتي، ويحاول أن يبني تشكيكه على درجة تقدم الديموقراطية في البلاد وتقدم الملف الحقوقي. وهو يعتبر بأن هناك تراجعا منذ سنة 2000!
وقبل الدخول في تفاصيل القاعدة السوريالية التي يعتمدها في تبخيس ما قدمه المغرب من أجل الدفاع عن مقترحه امام دول العالم، نبدأ بالحكاية التي يرويها هو نفسه عن مشاهداته عن أحداث يونيو 1981، والتي عرفتها الدار البيضاء.
ومعلوم أنها أحداث دموية، جاءت غداة الدعوة إلى إضراب عام في المغرب، في عز سياسة التقويم الهيكلي والصراع بين المعارضة والقصر، في عهد الراحل الحسن الثاني رحمه الله. وهي أحداث ما كان لنا أن نعرف حقيقة ما وقع فيها بالحجم الكبير، لولا قرار الملك محمد السادس، وإرادته الديموقراطية في خلق مصالحة وطنية شاملة لطي صفحة الماضي.
يقول بوبكر الجامعي إنه«وهو شارْف بالنسبة للجيل الحالي»، رأى بأم عينه «الطنوكا tank»، أي الدبابات، مما يعني أن التدخل كان عنيفا في تلك الأحداث وشرسا.. وبعدها يتحدث عن الحراك الذي وقع في فبراير 2011 وما عرفه من تظاهرات. ويتحدث عن المظاهرات التي وقعت في الدار البيضاء في حي «الولفا» وفي «درب السلطان» ويقول «إنه لم تتكسر ولا زجاجة واحدة» ولم يقع أي حادث يذكر..
وعوض أن يستنتج من الحادثة ما يستقيم مع منطق الاحداث، ويَنْسب الطابع السلمي إلى التعامل الناضج للـ«نظام» مع أحداث غير مسبوقة، فقد قال بأن النظام «تفعفع»… ولم يقع شيء!!!!
وهل يمكن أن نستخلص من جوابه هذا وطريقته في التعامل مع أوضاع عاشها المغاربة ويتذكرون تفاصيلها، أن الرجل منطقي ومنصف وله رأي موضوعي؟ أبدا، لا يمكن أن نحسن الظنون به وهو يلوي عنق الحقيقة فقط لكي يهاجم «النظام»، الذي يتركه يتحدث كما يريد بدون أن «يفعفعه» في أريكته الوثيرة!
نأتي إلى الصحراء، وما قاله عنها:
أولا: يدعي بوبكر الجامعي أنه الوحيد الذي حاور رئيس جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز. والحقيقة وللإنصاف فإنه لم يكن هو الصحافي الوحيد الذي حاور زعيم جبهة البوليزاريو بل كان الزميل منير الكتاوي بدوره قد قام بذلك! وصدر حواره مع محمد عبدالعزيز في أسبوعية «البيضاوي» التي ستصبح «الوطن» من بعد، تحت عنوان بالبند العريض: محمد عبد العزيز يكشف أسباب فشل اللقاءات السرية مع المغرب».
وكما قال الصحافي منير الكتاوي نفسه: الحوار ليس بطولة! سواء من هذا الطرف أو ذاك…
ثانيا: النقطة الموالية التي يوردها بوبكر الجامعي، ويحاول تضليل الرأي العام بها، هو قوله بأن«مسعد بولوس» ممثل الرئيس دونالد ترامب في قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحدث عن الدعم الأمريكي، وأنه أضاف كلمة «قنبلة..» وتهدد كل الموقف الأمريكي برمته من الحكم الذاتي!!!!
وهذه الكلمة هي«الصادق» أي أصبح العبارة هي «الحكم الذاتي الصادق» نطقها بالانجليزية (genuinity”) وهو موقف يثير الاستغراب لأن الحكم الذاتي، كما يرد في كل التعابير الأممية، منها القرارات التي تصدر عنه منذ 2020 على الأقل، عن مجلس الأمن والدول التي تساند سيادة المغرب تعتبره مقترحا «واقعيا ذا مصداقية».
بل إن تجديد الموقف الذي تم في رسالة ترامب في عيد العرش وقبلها في بلاغات الخارجية منذ 8 أبريل 2025، يساند مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، واصفا إياه بـ “الجدي والموثوق والواقعي”.
ثالثا: بولوس نفسه، في حديثه إلى الوطن الجزائرية الذي تزامن مع الزيارة «جدد التأكيد على موقف واشنطن الثابت والداعم لسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية».
وفي هذا الحوار شدد بولوس على أن «مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب تظل الإطار الوحيد الجاد والواقعي لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، داعيا الأطراف المعنية إلى الانخراط في مفاوضات فورية على هذا الأساس».كما نشرته الصحيفة الجزائرية. فهل نستخلص مما سبق أن الجريدة الجزائرية كانت أكثر حرصا على الحقيقة في نقل مواقف مسعد بولوس من بوبكر الجامعي؟
رابعا: يقول الجامعي، بأن بولوس «نوَّه بالجزائر»، والحال أننا قرأنا البلاغ الصادر عن الزيارة والذي قرأه بولوس نفسه، وليس فيه لا تنويه ولا شكر، ولا هم يحزنون بل كل ما فيه لغة ديبلوماسية فيها المصلحة والحسابات كما أي بلاغ آخر، ولم يعط للجزائريين ما كانوا ينتظرون، من مواقف، كما يتجلى ذلك في تصريحاته..
مقابل ذلك، يقول بوبكر الجامعي وهو يتحدث عن زيارة بولوس في علاقتها بالصحراء المغربية أنه «قيل له..» وأن «صديق لا يريد ذكر اسمه حكى لي».. بأن الجزائريين «ارْطابوا» ولكنهم سألوا بولوس «فين هو المشروع دْيال الحكم الذاتي»!!!!
والحال أن ما عرفناه هو أن وزير الخارجية الجزائري «أجرى لقاءً على انفراد مع السيّد مسعود بولوس، أعقبته جلسة مُحادثات مُوسعة بمشاركة وفدي البلدين».. كما هو مكتوب إلى حد الساعة في موقع الخارجية الجزائرية.!!!. فهل بولوس هو الذي قدم لبوبكر الجامعي تقريرا عن اللقاء، أم الوزير الجزائري أم هو عضو ما من أعضاء الوفدين؟
وإذا صدقنا ذلك، وفي كل الحالات هل طبيعة الحديث معه صحفية محضة أم مغايرة؟!
ثم هل هذه طريقة في الحديث عن مشروع دولة لحل نزاع إقليمي تم تدويله لمدة خمسين سنة؟؟
خامسا: يقول بوبكر الجامعي بأن الدولة ليست جدية في الحكم الذاتي. وهو كلام أكبر من صاحبه، لكنه يظهر نيته السيئة اتجاه بلاده!
ونحن نسأل: هل الدول التي ساندت الحكم الذاتي كلها تساند مقترحا غير جدي؟
ـ ويقول الجامعي إن مشروع الحكم الذاتي إذا كان حقيقيا، في نظره «سيسقط النظام الحالي» وقد غطى على هذا الموقف بعبارة «المخزن الحالي»..
ـ يعتبر بوبكر بأن «المغاربة إذا أرادوا أن يقولوا الصحراء غير مغربية من حقهم»، وهو موقف غريب لمن يدعي انتماءه لأسرة وطنية، ويدعي أنه يفهم المغرب وقضايا المغرب، وما تمثله الصحراء في الوجدان الوطني العام..
والحقيقة هو أنه يساير الطرح الانفصالي بطريقة مغلفة بتقرير المصير وما شاكله من بهلوانيات عند «رفاقه» في اليسار الراديكالي وعند موظفي «هيومان… شي حاجة»! ويظهر ذلك جليا عندما يتحدث عن«شعب صحراوي» في قوله «واش بغيتي نعطيك شعبنا تضربوا كيما تضرب ولادك»!!!
لقد حاول بوبكر الجامعي أن ينسب إلى نفسه الدفاع عن الحكم الذاتي إن لم نقل إنه صاحبه! بل جعل نفسه الوحيد الذي حمله من عند الأمريكيين إلى الانفصالييين وأن الدولة أو النظام جاء من بعده، ثم انتقل إلى التشكيك في جدية المغرب في طرح الحكم الذاتي، الذي يرى في تطبيقه ثورة تسقط المخزن..!



