اخبار المغربرأي في قضيةمستجدات

حينما يصبح الزواج ستارا للجريمة: قضاء متواطئ

الخط :
إستمع للمقال

قضية إيمان تكشف بوضوح أن الإشكال لا يقف عند حدود المغتصب كمجرم، بل يتجاوز ذلك إلى منظومة قضائية تسمح بالزواج كـ”حل” وتغضّ الطرف عن تحريك الدعوى العمومية. وهنا تصبح العدالة نفسها شريكة في الجريمة.

عندما يتنازل القضاة عن واجبهم في حماية الضحية وملاحقة المجرم، تحت ذريعة أن “الزواج أصلح”، فإنهم لا يمارسون العدالة بل يتواطؤون مع الجاني. هذا التواطؤ يرسل رسالة خطيرة: القانون يمكن أن يُجمَّد، والعدالة يمكن أن تُساوم، والضحايا يمكن أن يُضحّى بهنّ من أجل أعراف متجاوزة.

الجريمة تبقى جريمة، حتى لو حاولوا تغليفها بورقة زواج. المغتصب لا يتحول بقرار قضائي إلى زوج صالح، بل يظل معتديًا يفلت من العقاب. عدم تحريك الدعوى العمومية في هذه الحالات يعني ببساطة أن القضاء يساهم في شرعنة العنف الجنسي ضد النساء.

هذه الممارسات تعكس ذهنية ذكورية متجذرة داخل بعض أروقة المحاكم، حيث يُعتبر جسد المرأة وسيلة لـ”ترميم الشرف” وليس كيانًا له حقوق مستقلة. بهذا المنطق، تتحول المحاكم من حصن لحماية النساء إلى ساحة تُشرعن فيها جرائم ضدهن.

حتى لا يتكرر سيناريو إيمان، يجب القطع نهائيًا مع منطق الزواج كوسيلة لتسوية جرائم الاغتصاب، وفرض تحريك الدعوى العمومية بشكل تلقائي دون الالتفات إلى رغبات أو ضغوط عائلية. القضاء العادل هو الذي يحمي الضحية ويعاقب الجاني، لا الذي يغطي على الجريمة ويتركها بلا عقاب.

العدالة التي تسمح بزواج المغتصب من ضحيته، وتُوقف المتابعة الجنائية بحجة “الستر”، ليست عدالة، بل تواطؤ. ما لم يتحرر القضاء من هذه الممارسات، سيبقى جزءًا من المشكلة بدل أن يكون الحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى