دراسة تكشف الطريق لتخفيف آلام التهاب المفاصل والصداع النصفي بطريقة أكثر أمانا وذكاء

أفادت دراسة علمية حديثة أن مادة البروستاجلاندين – وهي مركب شبيه بالهرمونات تستهدفه مسكنات الألم الشائعة – يمكن أن تُسبب الألم بشكل مباشر دون أن ترتبط بالالتهاب، وتفتح هذه النتائج، المنشورة في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز، الباب أمام تطوير أدوية أكثر دقة لعلاج الألم مع تقليل الآثار الجانبية.
وفي هذا السياق، أوضح نايجل بونيت، مؤلف الدراسة وأستاذ علم الأمراض الجزيئية بكلية طب الأسنان في جامعة نيويورك وعضو مركز أبحاث الألم بالجامعة، أن “الاعتقاد السائد هو أن الالتهاب والألم مرتبطان دائما، لكن القدرة على وقف الألم مع الإبقاء على الالتهاب – الذي يعزز الشفاء – يمثل خطوة مهمة نحو تحسين علاج الألم”.
وحسب ذات المصدر، تُعتبر مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) من أكثر الأدوية استخداما عالميا، إذ يقدَّر استهلاكها بنحو 30 مليار جرعة سنويا في الولايات المتحدة وحدها، وتشمل أدوية متداولة مثل الإيبوبروفين والأسبرين، غير أن الاستخدام طويل الأمد لهذه العقاقير يرتبط بمخاطر جسيمة، من بينها تآكل بطانة المعدة، زيادة خطر النزيف، إضافة إلى مشكلات على مستوى القلب والكلى والكبد.
وتعمل هذه الأدوية عبر تثبيط الإنزيمات المسؤولة عن إنتاج البروستاجلاندين، مما يقلل الألم والالتهاب في آن واحد، لكن باحثين يشيرون إلى أن الالتهاب – باعتباره استجابة طبيعية للجهاز المناعي – يلعب دورا وقائيا ويساهم في إصلاح الأنسجة، وهنا يحذر بييرانجيلو جيبيتي، الأستاذ المساعد بمركز أبحاث الألم في جامعة نيويورك، من أن “تثبيط الالتهاب بشكل شامل قد يؤخر الشفاء، بينما الاستراتيجية الأفضل هي معالجة الألم بشكل انتقائي دون المساس بوظائف الالتهاب المفيدة”.
وركزت الدراسة على البروستاجلاندين E2 (PGE2) داخل خلايا شوان في الجهاز العصبي المحيطي، وهي خلايا تلعب دورا بارزا في حالات مثل الصداع النصفي، ولـPGE2 أربعة مستقبلات مختلفة، كانت الأبحاث السابقة تشير إلى أن مستقبل EP4 هو الأكثر ارتباطا بالألم الالتهابي، غير أن الدراسة الجديدة وجدت أن مستقبل EP2 هو المسؤول بشكل أساسي عن إحداث الألم.
وأظهرت التجارب على الفئران أن تعطيل مستقبل EP2 في خلايا شوان أزال الإحساس بالألم الناتج عن البروستاجلاندين، دون التأثير على مسار الالتهاب، ويقول جيبيتي: “بدهشة كبيرة، وجدنا أن حجب مستقبل EP2 يفصل الألم عن الالتهاب بشكل فعال، حيث تراجع الألم بينما استمر الالتهاب في أداء دوره الطبيعي”.