دعوة إلى “يوم وطني” للمحتجزين المغاربة بتندوف في ظل أوضاعهم المزرية على المستويين الإنساني والحقوقي

الأحداث الدامية التي شهدتها مخيمات تندوف القابعة فوق صحراء الجزائر، والتي أودت بحياة شخصين، وإصابة تسعة آخرين بجروح خطيرة، على يد القوات الجزائرية، جاءت لتحتل من جديد واجهة الأحداث العالمية، وتستحوذ على قدر متزايد من الاهتمام الإعلامي والسياسي الوطني والدولي، في ظل المآسي المتكررة التي يعيشها الصحراويون المغاربة المحتجزون في صحراء الجزائر، والمتطلعون بعد سنوات الانتظار الطويلة، إلى العودة إلى وطنهم وديارهم.
فالوقائع التي شهدتها مؤخرا دائرة العركوب بمخيم الداخلة، تجسد تطورا خطيرا في مسلسل الانتهاكات التي تستهدف الصحراويين بمخيمات تندوف، والتي فجرت موجة سخط واستنكار عارمين، وغليان غير مسبوق من قبل الصحراويين المغاربة، الذين طالبوا بفتح تحقيق في ملابسات الجريمة ومحاسبة المسئولين عنها.

وفي انتظار ذلك، تمضي الحياة بوتيرتها القاسية في مخيمات من صنع الطغمة العسكرية الجزائرية، التي أطلقت عليها مخيمات “اللاجئين الصحراويين”، علما منها بأنه من غير الممكن الحديث عن وجود حركة سياسية انفصالية، اسمها “البوليساريو”، من دون وجود مخيمات تأويهم فوق التراب الجزائري، حيث وجود هذه الجماعة، مرتبط ارتباطا عضويا بوجود مخيمات مفبركة، تضم الآلاف من الصحراويين المغاربة ممن تم اقتيادهم قسرا إليها، حتى يتم الإبقاء على الصراع مفتوحا في الصحراء لأطماع جزائرية مكشوفة.
الأوضاع المأساوية التي تشهدها بانتظام مخيمات العار بتندوف، تستدعي تحركا عاجلا وقويا من لدن السلطات المغربية، لدى المنتظم الدولي، وكافة المنظمات والهيئات العاملة في مجال حقوق الإنسان، ولدى محبي السلام والأمن في العالم، من أجل التدخل الفوري لوضع حد للممارسات الفظيعة من تعذيب وتقتيل وقمع وإهانة، تستهدف المغاربة الصحراويون، وإدانة التدخلات المتكررة للجيش الجزائري ضد سكان تلك المخيمات.
الوضع يستدعي منا نحن أيضا، التأسيس ل “يوم وطني” للمحتجزين المغاربة في تندوف، نُطلق فيه حملة وطنية ودولية، من أجل فك الحصار عنهم، وتمكينهم من العودة إلى أرض الوطن، هروبا من المظالم والمآسي التي يعيشونها في المخيمات، بينما قياديو “البوليساريو” ينعمون بالعيش الرغيد، الوافد من المساعدات الموجهة لهؤلاء السكان.
“يوم وطني” تحسيسي تؤطره على الصعيد الداخلي المنظمات الإنسانية والجمعيات الحقوقية المغربية، بتنسيق مع كافة الفعاليات ذات الصلة من سلطات، وجماعات محلية، ومؤسسات تعليمية وثقافية، بغرض تعبئة وتحسيس كل شرائح المجتمع، بفئاته العُمرية المختلفة، وخاصة الشباب، بالظروف المأساوية التي يعيشها إخوان لنا بصحراء تندوف، والمعاناة النفسية والإنسانية التي يكابدونها، في غياب أي مبرر أخلاقي وقانوني لاستمرار بقائهم بتلك المخيمات.
“يوم وطني” من أجل تحرير إخوان لنا من الانتهاكات اللاإنسانية التي ترتكبها جبهة الانفصاليين، بدعم علني مفتوح من الطغمة العسكرية الجزائرية، بهدف خنق موجات الغضب الشعبي في المخيمات، من جهة، وتعمُّد تسميم العلاقات العائلية، عن طريق تخوين الفارّين العائدين إلى أرض الوطن، وتحريض عائلاتهم ضدهم، في سعي خبيث إلى إحداث قطيعة بين أفراد الأسرة والواحدة، من جهة ثانية.
“يوم وطني” يرعاه ويؤطره على الصعيد الخارجي، مجلس الجالية المغربية بالخارج الموكلة له مهمة تنظيم تظاهرات احتجاجية عارمة ، من خلال مختلف فروعه بالعواصم الأوروبية، وفي العواصم الأخرى المتواجد بها، تنديدا بالممارسات البغيضة لجبهة “البوليساريو” بمخيمات صحراء تندوف، مع مطالبة المجتمع الولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية، بضرورة التدخل العاجل لوضع حد للممارسات الوحشية المرتكبة في حق إخواننا الصحراويين، وتحديد حاجياتهم الإنسانية والحمائية، وفق ما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بوضع اللاجئين.
تحرك مجلس الجالية المغربية بتنسيق مع الدوائر الدبلوماسية، والجمعيات الحقوقية بالخارج، يجب أن ينصب أيضا على إثارة انتباه المجتمع الدولي، حول اختيار منطقة تندوف لاحتجاز المغاربة، وهي منطقة أجرت فيها فرنسا بمباركة جزائرية رسمية عدة تجارب نووية، منذ ما يزيد عن ستين سنة، وخلّفت وما تزال، مواد مشعة مؤدية إلى الإصابة بعدد من الأمراض السرطانية، مثل سرطان الغدة الدرقية، وسرطان الرئة، وسرطان الدم…
وليس من قبيل الصُدفة أن يموت الزعيم السابق لما يسمى بجبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، بمرض السرطان، وبنفس المرض توفي كل من أحمد بخاري، ممثل البوليساريو بالأمم المتحدة، وباييه الشيعة، وزير التجارة، والقيادي في الجبهة الوهمية، امحمد خالد. ومن المرض الملعون نفسه يعاني إبراهيم غالي، زعيم المرتزقة، وعبد الله لحبيب وزير الأمن والتوثيق، وامحمد امبارك النعناع، وزير العدل، وعدد من قياديي البوليساريو، إلى جانب المئات من الصحراويين المحتجزين قسرا في تندوف. كل هؤلاء قضوا بنفس الوباء الذي انتشر بمخيمات تندوف.
وليس صُدفة أيضا، أن تقيم الجزائر مخيمات لاحتجاز الصحراويين فوق منطقة ما تزال تضم مواد مشعة تعيش، بحسب الأخصائيين، من 10 ثواني إلى ملايين السنين. والسؤال الذي يؤرق اليوم الكثير من المنظمات الحقوقية والجمعوية الفرنسية الدولية، وحتى بعض الفعاليات الجزائرية، هو: لماذا رخّص حكام الجزائر لفرنسا باستعمال جزائريين كفئران تجارب، أثناء قيامها بتجارب نووية بالصحراء الجزائرية في العهد الاستعماري، وإبان عهد الاستقلال (1960 ـ 1966)؟ وماذا جنى قادة جبهة التحرير الوطنية آنذاك، من هذه التجارب التي عصفت بأرواح ما يزيد عن 50 ألف جزائري؟ كيف تم ذلك؟ ومقابل ماذا؟ .. ثم لماذا هذا التكتم الرسمي الجزائري تجاه الوضعية، حيث لا دراسة حول الإشعاعات النووية وآثارها على المنطقة، ولا ميزانية خاصة للمناطق المتضررة، ولا حتى متابعة صحية منتظمة للسكان الضحايا.
ومن هنا يتوجب على الحكومة المغربية بتنسيق مع الجالية المغربية بالخارج، التحرك دوليا لفضح الجرائم البشعة المرتكبة في حق السكان الصحراويين، في منطقة نووية ملغومة، تعصف سنويا بأرواح المئات من المحتجزين قسرا لأغراض سياسوية ساقطة، علما أن الإشعاع النووي يعيش، بحسب الأخصائيين ملايين السنين، بمعنى أن حكام الجزائر بمباركتهم هذه التجارب في عهد الاستقلال، حكمت على الأرض بالفناء وحوّلتها من مساحات بيئية سليمة إلى مساحات للإبادة البشرية.