
صرح رئيس الحكومة ، عبد الاله بنكيران ، في المجلس الحكومي الذي انعقد اليوم الخميس 25 فبراير ، عن وقف الاتصال مع الاتحاد الأوروبي ، وعبر عن رفض المغرب للتلاعب بالعلاقات المغربية-الأوروبية.
وقال بنكيران ” تأسفنا أننا سنكون مضطرين لإيقاف الاتصالات مع الاتحاد الأوربي إلى أن يتم توضيح الأسباب التي جعلتهم في المرحلة الماضية لا يتعاونون معنا بالشكل المطلوب على مستوى مصالحهم القانونية، وتُعطى لنا الضمانات لكي نعامل في المستقبل كشريك رئيسي وأساسي وموضوع هذه الإجراءات القانونية التي تجري في منطقتهم”.
وأضاف رئيس الحكومة أنه بلغ سفير الاتحاد الأوروبي، لدى استقباله له بتعليمات من الملك، بالموقف المغربي الرافض للقرار الصادر ابتدائيا عن محكمة العدل الأوروبية القاضي بإلغاء الاتفاق المغربي الأوروبي بشأن المنتجات الفلاحية باعتباره قرارا يلحق مساسا خطيرا بالمغرب ومصالحه.
وقال بنكيران إن هذا القرار يتطلب من المغرب التعامل مع الاتحاد الأوربي في المستقبل فيما يتعلق بهذه القضية بالذات بطريقة مختلفة عن تلك التي اتبعت في الماضي، مؤكدا أن الصحراء المغربية بالنسبة للمغرب قضية وجود أو عدمه وليس قضية ثانوية .
وأضاف أنه “يجب أن تكون الأمور واضحة بالنسبة للأوربيين، نحن لا نطلب منهم أن يتدخلوا في عدالتهم ولكن يجب أن يحسنوا تقدير الأمور لأنها قضية جيو استراتيجية وليست لعبا ولا مزاحا وهي مهمة بالنسبة لنا وبالنسبة إليهم”. و”أن قضية الصحراء بالنسبة للمملكة المغربية ليست قضية تجارية، وليست قضية متعلقة ببضائع يمكن أن توضع عليها هذه التسمية أو أخرى، المملكة المغربية دولة صادقة وفي نفس الوقت وفية منذ خروج الاستعمار تعاملت مع أوربا بصفة عامة ومع الغرب بصفة أعم، كحلفاء وكجهة تبادلنا معها المصالح في إطار الوفاء”.
وأشار إلى أنه “إن كانت المملكة المغربية اليوم تنعم بفضل الله بالأمن والاستقرار في نفس الوقت الذي تحافظ فيه على الالتزام بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، فهذا يقتضي أن يتحمل الجيران الأوربيون مسؤوليتهم التاريخية في التعامل مع المغرب كدولة تمثل الأمل بالنسبة للشعوب العربية الأخرى الكثيرة في أفق توطيد هذا النموذج ونجاحه، باعتباره نموذجا غير إقصائي، نموذج يحترم الانسان، نموذج يسمح باستيعاب العلاقات المستقبلية بيننا وبين أوربا في إطار السلم والود الذي جمعنا مع كل الدول الأوربية بدون استثناء”.
وقد جاء تصريح رئيس الحكومة هذا ليعبر بصراحة عن أن المغرب لم يعد يطيق لعبة تجري في الكواليس الأوروبية تستهدف ليس فقط العلاقات والمبادلات المغربية-الأوروبية، بل تستهدف المغرب كوطن وكوحدة وطنية وترابية وكاستقرار ومصالح اقتصادية وغيرها مثلما استهدفت أوطانا أخرى بشكل يبين أن بعض الأوروبيين يريدون إحياء المنطق الاستعماري للقرن التاسع عشر في بداية الألفية الجديدة، وبالأخص بعض أطراف اليسار الأوروبي التي باتت تتحرك من منطلق الوصاية على البلدان والشعوب وتروج لكليشيهات تستر بها المأزق الإيديولوجي والسياسي الذي توجد فيه في مجتمعاتها التي تميل يمينا أكثر فأكثر في ظل شيخوخة الساكنة والأزمة الاقتصادية الطويلة الأمد.
وإذا كان النظام الجزائري يجد تجاوبا من طرف هؤلاء الذين باتوا يناصبون المغرب، كوطن وشعب، العداء بشكل سافر ومتكرر، ويستثمر في ذلك كلك التجاوب كل الجهد والإمكانيات ويحرك بيادقه كما يشاء، فإنه يكشف عن قصر نظر لا مثيل له. ذلك أنه من الواضح أن مناوراته لن تنال من مغرب موحد من أجل الدفاع عن وحدته الترابية ومصالحه الاستراتيجية وقادر على إفشال تلك المناورات ومن المؤكد أيضا أنه يلعب مع من يستهدفون الجزائر نفسها ويشجعهم في مسعاهم الفاشل إلى الآن في نقل الفوضى من الشرق إلى الغرب. فاليسار الذي يتحرك ضد المغرب هو غير اليسار الإيديولوجي والاجتماعي الذي كان قويا في أوروبا في الزمن الصناعي، بل هو يسار وليد الفردانية والاحساس بفقدان الأفق والجدوى في فضاء أوروبي تفتقد فيه الأوطان والدول الوطنية رصيدها بعدما ابتلعها السوق.
الطريقة التي عبر بها بنكيران عن رفض المغرب لقرار المحكمة الأوروبية هي نفس الطريقة التي يعبر كل المغاربة الذين باتوا يقولون جميعهم، بمختلف مواقعهم ومواقفهم، كفى تلاعبا بالعلاقات المغربية-الأوروبية وكفى سلوكات عدائية تجاه المغرب ومصالحه.