الأخبارثقافةمستجدات

ريم البنا.. فراشة فلسطين التي صورت الموت كـ”فصل مزيف”

الخط :
إستمع للمقال

“يجب أن لا نستسلم، لا يجب أن نيأس فهناك فرصة أخرى قادمة، المهم أن نكون جاهزين أكثر ومتجاوزين للأخطاء التي كانت السبب في عدم نجاحنا أول مرة”، “أنا أقاوم ورمين خبيثين: الاحتلال في وطني والسرطان في جسدي”. كانت هذه أقوى العبارات التي تخلد حياة ريم البنا “فراشة فلسطين” كما يحلو للكثيرين تسميتها، بعدما قالت أيضا إن” الموت كالتاريخ فصل مزيف”، لكن شاء القدر لهذا الفصل أن يخطف وللأبد المناضلة الفلسطينية، التي نذرت حياتها قربانا، تناضل من أجل مناهضة المحتل الإسرائيلي، من خلال التوسل بالشعر والمقاربة الفنية للتعبير عن موقفها من مستوطني أراضيها وشعبها الفلسطيني.

لطالما تقاسمت ريم البنا مع جمهورها رغبتها الفذة في المقاومة المزذوجة، التي سخرتها وسيلة تقاوم من خلالها ورمين خبيثين، الأول استوطن أرضها فلسطين، والثاني أبى إلا أن يعلن حربا ضروسا، ترفض أن تضع أوزارها، إلا بعد أن ينخر الورم جسدها ويطرحها أرضا بل يرديها قتيلة تحت الأرض، إنه ورم السرطان.

سخرت ريم البنا الشعر وجل كتاباتها، قصد التعبير عن المعاناة التي طالتها خلال إصابتها بالسرطان، غير أنها وبإصرار كبير عقدت العزم على المقاومة، ورفض الخضوع والوهن، فضلا عن كونها ظلت إنسانة تتبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية، إصابتها بالسرطان لم تزدها إلا قوة وعزيمة وجرأة، فاختارت أن تعيش شامخة وتغادر العالم مغادرة الكبار الذين ينشدون الشموخ مبدأ في الحياة، وعنوانا يرسخونه بعدما يقرؤون الدنيا السلام ويغادرونها بهدوء.

إنها ريم البنا، الفنانة الفلسطينية التي غنّت لفلسطين وللحرية، وحملت على عاتقها هموم الإنسان الفلسطيني، وكذلك الإنسان العربي. شاءت لها الأقدار أن تغادر الحياة، فجر اليوم في برلين، بعد صراع مرير مع مرض السرطان الذي واجهته بشجاعة كبيرة مثلما واجهت سرطان الاحتلال الصهيوني.

كانت ولاتزال ريم المبدعة مثالا للفنانة، التي تلعب دور القاطرة مع الشعوب والحضارات، تنقل أوجاع الشعب الفلسطيني، وتنشر بذور الأمل وسط مرضى السرطان، الذي نال الألم منهم إلى درجة التأوه والأنين، تميزت ريم بالتفاعل مع الجميع مهما كانوا، معروفين أو غير ذلك، ورغم أعباء الاحتلال وسياساته العنصرية، وكذا بالرغم من مسؤوليتها الأسرية التي كانت تقوم من خلالها على أبنائها الثلاث، لم تتوقف عن الكتابة بل كانت دائمة العطاء والعمل.

اشتهرت ريم بأغانيها الوطنية التي حاولت فيها تقديم التراث الفلسطيني إلى العالم، كما عرفت بمساهمتها الكبيرة في الحفاظ على عدد كبير من الأغاني التراثية الفلسطينية، ولاسيما أغاني الأطفال، ولدت في مدينة الناصرة عام 1966، تخرجت من المعهد العالي للموسيقى في موسكو، واحترفت بعده الغناء. كانت ريم محبة للغناء منذ حداثة سنها، فكانت تحرص دائمًا على المشاركة في المهرجانات والمناسبات الوطنية التي كانت تقام في مسقط رأسها، بالإضافة طبعًا إلى المشاركة في الاحتفالات التي كانت تقام في المدرسة المعمدانية حيث تلقت تعليمها.

ازداد شغف ريم بالموسيقى مع مرور السنوات، وعندما تخرجت من المدرسة الثانوية، قررت احتراف الغناء فسافرت إلى موسكو للدراسة في المعهد العالي للموسيقى. “رحلت غزالتي البيضاء، خلعت عنها ثوب السقام، ورحلت، لكنها تركت لنا ابتسامتها، تضيء وجهها الجميل، تبدد حلكة الفراق”.

هكذا ونعت والدتها على حسابها على “فيسبوك”، بعدما توفيت ريم البنا، صباح الرابع والعشرين من مارس 2018 بعد صراع مع مرض السرطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى