الأخبارثقافة

شخصيات صنعت التاريخ.. “البرت” مكتشف فيتامين “سي”

الخط :
إستمع للمقال

عديدة هي الشخصيات التي بصمت على مسار متميز في حياتها المهنية والخاصة، ونجحت في تقديم أعمال رائدة أو تحقيق إنجازات مهمة، نقلتها إلى عالم الشهرة وأدخلتها في قلوب الناس جيلا بعد جيل.

عبر هذه السلسلة الرمضانية، “شخصيات صنعت التاريخ” يغوص “برلمان.كوم” بقرائه في عوالم شخصيات دونت اسمها في قائمة أفضل شخصيات العالم، وسنتوقف في حلقة اليوم عند شخصية “ألبرت ناجيرابولت”، الطبيب المجري عالم الفيزيولوجيا الذي توصل إلى اكتشاف فيتامين “سي” التي مكننه من الحصول على جائزة نوبل عام 1937 .

يعتبر فيتامين “سي” واحدا من أهم الفيتامينات المهمة والمفيدة لجسم الإنسان، فهو يقضي على أمراض الانفلونزا ونزلات البرد، كما أنه يشفى من معظم الأمراض الفيروسية ويساعد فى تخفيض نسبة الكولسترول، لذا كان من الصائب حقًا منح مكتشف هذا الفيتامين المهم للإنسان جائزة نوبل فى الطب.

خلال القرن الخامس عشر ، تسبب مرض “سكورفي” أو ما كان يطلق عليه أنذاك اسم ” الإسقربوط”  في موت عدد من البحارة البريطانيين، أثناء رحلاتهم البحرية الطويلة، حيث كانوا يقضون فترات طويلة في البحر ، وكان طعامهم يفتقر إلى الفاكهة والخضروات، ما تسبب لهم في مرض سوء التغذية الذي أدى إلى إصابتهم بمرض “سكورفي”، الذي لم يكن لديه علاج في ذلك الوقت.

جرب العديد من الباحثين في ذالك الوقت مجموعة من الوصفات للقضاء على المرض لكن لم تعطي أي نتيجة، حيث انتظر العالم حتى عام 1769 بعدما أجرى الفيزيائي “وليام ستارك” ، سلسلة من التجارب على الطعام والتغذية، واستخدم نفسه كأداة تجريبية وظل يستهلك الماء والخبز واللحم لمدة 31 يوما. تسبب ذلك الأكل في تورم لثته واحمرارها ونزيفها ، وبعد مرور سبعة أشهر توفي  متأثرا بمرض “سكورفي” نتيجة افتقار طعامه للخضروات والفاكهة.

بعد وفاة ستارك برز اسم الفيزيائي الاسكتلندي جيمس ليند، الذي كان يعمل كطبيب جراح في البحرية الأسكتلندية، اكتشف أن الفاكهة الحمضية وعصائرها، لها دور في الحد من مرض “سكورفي”،  ليقرر إلزام البحارة، بشرب عصائر الفاكهة الحمضية كل يوم، لمنع إصابتهم بذلك المرض حيث لم تكن له دراية بوجود فيتامين “سي” في تلك الفاكهة ، ودورها في علاج مرض الذي أودى بحياة العديد من البحارة أنذاك.

بعد سلسلة من الأبحاث والتجارب وفي عام 1930، برز اسم الباحث “ألبرت ناجيرابولت” والذي توصل بعد سلسلة من التجارب أن المادة التي توجد في الحمضيات خصوصا الليمون والبرتقال، أوقفت نزيف اللثة وتورمها ليتوصل إلى نتيجة مذهلة.

  ولد “ألبرت ناجيرابولت” في 16 شتنبر عام 1893، فى العاصمة المجرية بودابست، درس فى جامعة سيملويس عام 1911، كانت لديه ميول بحثية فأخذ يعكف على إجراء أبحاث طبية فى مختبر التشريح عائلي، ثم انقطع عن الدراسة في الجامعة عام 1914 ليلتحق بالجيش المجري كطبيب أثناء الحرب العالمية الأولى.

بعد الحرب بدأ مسيرته البحثية، وانتقل بين عدة جامعات للبحث والتدريس، لينتهى به المطاف أخيرا فى جامعة غرونينغن، وركز عمله فى كيمياء التنفس الخلوي، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج عام 1927، ثم انتقل إلى التدريس وإكمال الأبحاث فى جامعة أخرى عام 1930.

اشتغل ناجير في أحد البحوث مع زميل له في الجامعة الجديدة ووجد أن حامض “الهكسيد” ماهو فى الحقيقة إلا فيتامين “سي” كما كان أول من لاحظ نشاطه التفاعلي المضاد، وفي العام 1937، حصل على جائزة نوبل في الفيزيولوجيا لإكتشافه العلاقة بين عملية الإحتراق البيولوجية في إشارة خاصة إلى فيتامين C وحمض الفورميك المحفز، وبعدها بسنة بدأ العمل فى فيزياء حركة العضلات الحيوية حيث اكتشف أن العضلات تحتوى على الأكتين والتى تقترن مع البروتين وتدخل فى عمليات خاصة لتحرير الطاقة.

تميزت المرحلة التي عاشها ألبرت ناجير بسيطرة الفاشيين على السياسة فى المجر حيث تمكن من الفرار من البلاد بمساعدة بعض أصدقاءه اليهود، وخلال الحرب العالمية الثانية انضم إلى حركة المقاومة المجرية، التي كانت متحالفة مع المجر ودول المحور “ألمانيا وإيطاليا واليابان”.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبح ألبرت ناجير شخصية عامة وسياسيًا معروفًا فى بلاده، وانتخب عضوًا فى البرلمان المجري وساعد على إعادة تأسيس أكاديمية العلوم وأصبح رئيس قسم الكيمياء الحيوية فى جامعة بودابست، إلا أنه وبسبب سيطرة الحكم الشيوعي على الحياة فى المجر قرر ترك بلاده والهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1947.

وهناك تابع نشاطه البحثي والدراسي وانشأ معهدا للبحوث الطبية لدراسة فيزياء العضلات ومرض السرطان كما استمر في أبحاثه وقدم الكثيرمنها حتى وفاته في العام 1986 في أمريكا عن عمر يناهز 93 عاما  كانت مليئة بالحيوية والنشاط والعطاء العلمي والطبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى