الأخبارمجتمعمستجدات

صدق المحامي زيان.. ماشي هو.. والله ما هو!

الخط :
إستمع للمقال

كم انتظرنا طويلا قبل أن يفرج الله كربتنا، ويبعث إلينا من يريح خاطرنا، ويطمئن بالنا، ويكشف لنا حقيقة الأمور، في ما يجري ويدور، بمحكمة البيضاء التي أوصدت في وجهنا المداخل، وجعلت التفرج على فيديوهات القرن أمرا محالا ولو من ثقبة الباب…

تشوقنا كثيرا لرؤية الأفلام المثيرة، وللتأكد بأمهات الأعين من حقيقة الاتهامات الكثيرة، وملامسة الأجوبة الدامغة عن الأسئلة المحيرة: هل فعلها حقا توفيق بوعشرين أم فعلت به؟ هل نال رغباته الجنسية بالهيمنة واستغلال النفوذ، وبالاغتصاب وممارسة الشذوذ، وبالوعد والوعيد، وبالاتجار والتهديد، أم أن الأمر مجرد افتراء وتشهير، وادعاء وتحقير لابن الصحافة المدلل، وعريسها المبجل، وفارسها المرجل :توفيق بوعشرين؟.

لم يطل الوقت كثيرا قبل أن يخرج علينا محمد زيان، صاحب الطلعة البهية والصوت الرنان، ليؤكد لنا أن الأفلام التي حجبتها عنا المحكمة علنا، ومررتها في جلسات سرية، هي أفلام مزورة ومركبة، وأن بطلها “الإباحي” ليس هو زميلنا توفيق بوعشرين…

لا يمكن إلا أن نصدق محمد زيان لأن توفيق بوعشرين الذي نعرفه هو صاحب الافتتاحيات الثورية، المدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمناهض للاستبداد والاستعباد، والواقف إلى جانب المظلوم والفقير، والمناصر لقضايا المرأة في افتتاحياته على صفحات جرائده.

نعم، والحمد لله، فقد ظهر الحق من تحت العباءة السوداء للمحامي محمد زيان، وزهق الباطل بفضل جرأته الفريدة، وجبهته العنيدة، وبذلك فقد نجت مهنة الصحافة من كل التهم والأقاويل التي قد تلطخ ببراءتها، ونبل رسالتها، بنجاة مدير جريدة “أخبار اليوم” وموقعها الساهر لأربع وعشرين ساعة كاملة في الطابق السابع عشر من عمارة أفلام منتصف الليل …ولم لا؟ فكل شيء ممكن، وقد يفاجئنا القاضي بين لحظة وأخرى بابتسامة مشرقة وهو يتوجه نحو توفيق بوعشرين ليقول له إن الأمر يتعلق بالكاميرا الخفية، أو يردد عليه ما تغنيه لنا “القناة الثانية” في كل مساء رمضاني:

وا مشيتي فيها ..والنية درتيها
ما تديتي ما جبتي، والحفرة طحتي فيها
يالله دابا عقتي ..ومن الغفلة فقتي
وحنا صورنا اشنو درتي ..وامشيتي مشيتي فيها
ياك شحال حظيتي..واليوم ليها جيتي
راها كانت كاينة ..وليك ما باينة …وااااامشيتي فيها ..

نعم، قد يفاجئنا القاضي بذلك، خاصة أن القنوات التلفزية في المغرب تتنافس خلال هذا الشهر الفضيل على تمرير مثل هذه السلسلات المموهة، فمن الأفخاخ المنصوبة في القناة الأمازيغية إلى الكاميرا الضاحكة في القناة الأولى، إلى “مشيتي فيها” في القناة الثانية وهلم جرا..

إن محمد زيان قد يكون أفقه وأنبه من الجميع، ولذلك تبين له ما لم يتبين للآخرين، فكأن الأمر يتعلق بفخ أو بمقلب ضاحك شاركت فيه ضحايا بوعشرين بمساعدة الفرقة الوطنية ورجال الشرطة، ثم الوكيل العام للملك، والنيابة العامة، وصولا إلى القاضي والمستشارين من القضاء الجالس، وباقي أعضاء القضاء الواقف فيما يشبه كاميرا خفية، وكل هؤلاء أبهرتهم نجومية بوعشرين فجاؤوا إليه فكهين ممازحين.

نعم، لقد لاحظ زيان أن الشخص الموجود في الفيديوهات ليس هو الصحفي بوعشرين..ودلائله كثيرة وحججه عديدة، ومنها الطول والقامة، والظهر والبطن، والمؤخرة والوزن، والوجه والقفا..فبأي آلاء زيان تكذبان؟ إنها ليست أعضاء بوعشرين، يا سادة يا كرام، وتلك الأفخاذ ليست أفخاذه ولا تلك الأرداف بأردافه، فمحمد زيان وحده أدرى بذلك وأعلم، وكأنه كان يتقاسم الطعام مع توفيق بينما يكون هذا الأخير عاريا، أو يرافقه إلى الحمام البلدي كي يساعده على تدليك عضلاته ..

إننا ووفقا لما كشف عنه المحامي زيان من حقائق ودلائل دامغة لا تقهر، نبشر كل أهل القلم، ممن تعاطف مع بوعشرين أو توجس مما قد حصل، ونبشر بنفس المناسبة حلفاءه في حزب “العدالة والتنمية”، الذين استأنسوا طويلا بقلمه الفياض، ومداده السيال، فلعل عودته إليهم لم تعد حلما من الأحلام، أو ضربا من الخيال، حسب تكهنات العارف بالأشياء “العراف” محمد زيان. لقد تمكن الجهبذ زيان بأجهزته الخارقة للقياس، أن يتفحص ويتقمص، ثم يقيس بالعرض والطول قامة ووزن مؤخرة الماثل في الفيديو ليستنتج في الأخير أن وزنها هو “طن ونصف”، وعرضها لا حد له.

“الآن حصحص الحق” كما جاء في البيان، وظهر الأمر وبانَ، ووَضَحت الحقيقة واستقرت ّعلى لسان صاحب الأعاجيب محمد زيان.. لكن الغريب في الأمر والذي لم نستطع فك طلاسمه لحد الآن، أن رئيس الجلسة لم يوقف المحاكمة، ولم يسلم المطرقة للمحامي زيان كي يعلن الحكم القاطع، ويجعله يشع كالبرق في السماء ..

أليست الفيديوهات مركبة بشكل تحتار فيه الأذهان؟ فالمكتب الظاهر في التصوير ليس هو مكتب بوعشرين، والبطل الماثل باختياله وساديته وشذوذه، هو أكثر عرضا، وأطول طولا، وأعلى قامة، وأثخن مؤخرة من زميلنا توفيق بوعشرين..

نعم، فلعل رئيس الجلسة لا يتفرج على مقالب الممثل المصري رامز جلال، الذي لم يترك بحرا ولا برا، ولا صحراء ولا جوا، إلا ونصب فيه الأفخاخ والمقالب لأصدقائه نجوم الرياضة والفن في مصر. وكأن رامز يرتدي كل مرة قناعا، ويبدو تارة غليظا، وتارة رقيقا أو شيخا أو عليلا، كي لا يعرفه أصدقاؤه أو يكتشفوا مقالبه ..

إن بوعشرين الذي قرر زيان تبرئته من كل هذه الأفعال طاهر طهارة الثلج في بياضه، فهو لا يقرب النساء أبدا، بل يتزهد في مكتبه بالطابق السابع عشر، من الفجر حتى مغرب الشمس ..والدليل على ذلك أنه اختار من كل الأحزاب حزبا واحدا ليدافع عنه، وهو ذاك الحزب الذي يلبس أعضاءه الجلابيب، ويطلقون اللحى ببياضها وسوادها، ويبكون كثيرا من شدة التأثر أمام الملأ في الخطب والاستجوابات، ويحذرون من عقاب الآخرة “إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما…”صدق الله العظيم.

وتوفيق بوعشرين الذي قرر زيان تبرئته قبل حكم المحكمة، يبدو لنا وكأنه يملك عشرين وجها وفقا لتسميته “بوعشرين”، فهو يتقمص الأدوار بدهاء وذكاء، فيمارس الصحافة مع الصحفيين، والثقافة مع المثقفين، والدين والسياسة مع المتدينين والمتحزبين، والنضال مع الحالمين بالثورة، وكأس الفودكا مع المولعين بها، والجنس بكل غرائبه وعجائبه مع من جعلهن مطية وسبيلا، والاغتصاب والقسوة والعنف مع ضحايا البؤس والفقر والبطالة..وهلم جرا.. نعم إنه بوعشرين الذي يملك أكثر من عشرين وجهها.. وبوعشرين صاحب أكثر من عشرين امرأة: منهن الراغبات، وفيهن المكرهات، وضحايا العنف والاغتصاب..

إنه بوعشرين يا سيد زيان مع احترامنا للممثل الكوميدي المصري الراحل “سيد زيان”، ونحن إذ نقرؤك السلام يا زيان ننبهك من عثرات اللسان.. ونتخوف عليك من الضعف والتأثر بالأفلام الإباحية التي عرضت على أنظارك ببهو المحكمة، فنقلتها بلسانك دون خجل أو حياء إلى مسامع الصحفيات والصحفيين.. وقد سمعناك تتفوه علنا أمامهم بكلام بذيء، يمس الحياء العام ويؤذي نفسية ضحايا بوعشرين، أما عورته فذاك أمر أنت أدرى به …

ولكي لا نتركك تتقلب في فراشك بين الوهم والترهات، نحيلك في الأخير إلى قول الشاعر العربي:

لـقـد هـزلـت -حـتــَّـى بدا من هـزالـهـا – كـلاها وحـتــَّـى سـامـهـا كـلُّ مـفـلـس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى