علي لمرابط.. يَحتاج لدروس تَقوِية للتمييز بين أمن النظم والجريمة المعلوماتية

لماذا اختار علي لمرابط أن يكون مُجرد مستهلك وناقل ساذج للأخبار الزائفة والمضلِّلة التي تتناول قضايا المغرب والمغاربة؟ وهل مَردُّ ذلك إلى مجرد نَقص في البحث والتمحيص وقلة المصادر بسبب الانعزالية المشفوعة بترهُلات الحياة التي رَسمَتها على ملامح الرجل؟ أم أن ذلك راجع حقيقةً إلى أعراض الحِقد والتضليل الممنهَج الذي يَسكن نياط قلب علي لمرابط منذ زمن بعيد؟
فمن يتفرج (من الفرجة الاستعراضية) على مسرحيات و”مقامات” علي لمرابط المسكوبة في قالب اليوتيوب، تنتابه كل هذه الأسئلة وغيرها، بسبب شَعبوية الرجل المفرِطة، وسطحيته الموغلة في الابتذال، بل تساور القارئ أو المتفرج تساؤلات مشروعة حول مدى ومنسوب السلامة العقلية والنفسية لهذا الأخير.
ولحسن الحظ، أن قدر المتلقي أو القارئ أو المتفرج على ما ينشره علي لمرابط، ليس بنفس مستوى هذا الأخير من الجهل والشعبوية والعبث، ولا تتحكم فيه أيضا تلكم الإيديولوجيا المتعصبة التي وصف الفيلسوف اليساري الفرنسي Louis Pierre Althusser، أصحابها بقوله “الإيديولوجي يأتي إلى الواقع ليبحث فيه عن ما يدعم فرضية أتى بها معه، ويتجاهل فيه ما يزعج نظريته”.
لواء.. محل لواء
حاول علي لمرابط أن يَركب على حدث تعيين مدير عام جديد للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات، خلفا للمدير العام السابق اللواء مصطفى الربيعي الذي بلغ حد سن التقاعد، وأسَّس على ذلك الكثير من الاستيهامات والنظريات المثقلة بالتضليل والكذب والتحريف.
والمثير للاستغراب، أن علي لمرابط استغل صورة اللواء الجديد واعتبرها فتحا صحفيا غير مسبوق، وانبرى يُعطي من الصلاحيات والاختصاصات للمديرية العامة لأمن نُظم المعلومات ما لم يُقرره حتى الدستور والقوانين التنظيمية المؤَطرة لعمل هذا القطاع التقني.
ولو كلَّف علي لمرابط نفسه عَناء النقر في محركات البحث في الفضاء الرقمي، لوجد أن حتى المدير العام السابق لأمن نظم المعلومات مصطفى الربيعي كانت له صور منشورة بشكل عادي على مواقع التواصل الاجتماعي، بل له مَقاطع فيديو وهو يُوَقع على اتفاقيات قطاعية مع وزارات مغربية ومع أجهزة دول أجنبية في إطار التعاون السيبراني الدولي.
فنشر صورة لمسؤول عسكري يتم تعيينه في قطاع تقني، ليس سابقة ولا سبقا صحفيا، كما يتوهم علي لمرابط ويحاول أن يوهم بذلك المتلقي، بل هي صورة تعريفية مأخوذة من نشاط عام شارك فيه سابقا هذا المسؤول العسكري المعين حديثا.
أكثر من ذلك، فلو اجتهد علي لمرابط قليلا ونَفض عن مَناكبه ومَفاصله الخُمول والكَسل، لوجد أن اللواء الجديد هو نائب المدير العام السابق لأمن نظم المعلومات، وأن تعيينه هو حَدث عادي واعتيادي فَرضه مَبدأ استمرارية المرافق العامة، وأَملَته كذلك حتمية التداول على مناصب المسؤولية.
شطط في اختصاصات
من المؤسف أن يَتحول علي لمرابط إلى مجرد ماسورة مُهترِئة لتمرير كل التدفقات والمجاري الآسنة، بدون تفكير أو تحليل أو حتى تساؤل مبدئي مشروع.
فقد زَعم علي لمرابط، بكثير من الجهل القانوني والتنظيمي، أن المدير العام الجديد لأمن نظم المعلومات سوف يتولى البحث والتحقيق في الاختراقات السيبرانية وفي الخُروقات المزعومة لمسؤولين أمنيين! ولو راجع علي لمرابط القانون التنظيمي الخاص بالمديرية العامة لأمن نظم المعلومات لوجد أنها ليست جهة بحث ولا تحقيق، وأن القانون لا يَمنح أصلا لموظفيها الصفة الضبطية التي تُخوِّل لهم صلاحيات البحث القضائي!
والغريب في حالة علي لمرابط، أنه قَبِلَ على نفسه أن يَلوك هذه الترهات والخزعبلات بشكل إرادي وطوعي، مع أن القانون المنظم للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات مُتاح ومنشور على موقعها الرسمي على الأنترنت، ويُفصِل بالتدقيق هيكلتها التنظيمية وصلاحياتها الوظيفية، التي لا تَشمَل نهائيا التحقيق الجنائي والبحث القضائي! وهذا المعطى بمفرده يقوِّض كل مزاعم علي لمرابط ويَرمي بها إلى سلة المهملات، مثلما قذفت الصحافة بعلي لمرابط نفسه إلى مزبلة التاريخ.
فالقانون المنظم للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات، التابعة لإدارة الدفاع الوطني، تتكلف حصريا بتدبير مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية، وإعداد الاستراتيجية الوطنية في مجال أمن نظم المعلومات باتفاق مع باقي القطاعات الحكومية، واقتراح مشاريع النصوص القانونية والتنظيمية التي لها علاقة بأمن نظم المعلومات، ودراسة الملفات المتعلقة بالتصاريح ورُخص المنتوجات المقنَّنة وكذا المصادقة على أنظمة إحداث وفحص التوقيع الإلكتروني، علاوة على اقتراح توصيات ومرجعيات تقنية لتحسين مستوى أمن نظم المعلومات والقيام بافتحاص أمن نظم المعلومات والإدارات والمؤسسات العمومية.
وبمفهوم المخالفة، وعلى النقيض مما ذهب إليه علي لمرابط في مزاعمه وادعاءاته، فإن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات لا تَملِك صلاحيات البحث الجنائي ولا التحقيق القضائي في الجرائم المعلوماتية، ولا يُمكنها كذلك التحقيق مع الموظفين أو المسؤولين ولا حتى الأشخاص الذاتيين والطبيعيين، لأن ذلك يتجاوز صلاحياتها القانونية واختصاصاتها الوظيفية.
أمن النظم.. والجريمة المعلوماتية
من مثالب علي لمرابط أنه جاهل مُتعصِب، بمعنى أن يذهب بجهله إلى حدود التطرف الفكري. فالرجل لا يُفرِق بين تأمين النظم والبنية التحتية المعلوماتية، وهي من اختصاص المديرية العامة لأمن نظم المعلومات والأجهزة التقنية في الوزارات والقطاعات الخاصة، وبين البحث الجنائي في الجريمة السيبرانية التي تبقى من اختصاص الضابط القضائية، وتحديدا الفرق الأمنية المكلفة بالبحث في الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة.
ومن فضائح علي لمرابط أيضا أنه لا يميز بين التصدي الاستباقي للاختراق السيبراني، وهو من اختصاص الجهات المكلفة بأمن النظم المعلوماتية، وبين البحث والتحقيق الجنائي للكشف عن مرتكبي الاختراقات السيبرانية، وهي مسألة من صميم وظيفة الضابطة القضائية.
وبلغة “الخُشيبات” لئلا تَختلِط الأمور على علي لمرابط، فصلاحيات المديرية العامة لأمن نظم المعلومات تتمثل في منع حدوث أي اختراق سيبراني، من خلال التحسيس والتنسيق والرصد واليقظة المعلوماتية، ووضع القوانين واللوائح التنظيمية الضرورية، بينما تنتهي مهمتها عند حُصول أو تسجيل الاختراق، وَقتها تدخل الشرطة المعلوماتية على الخط للتحقيق والبحث الجنائي تحت إشراف النيابة العامة.
ومن المفارقات التي سَوف تَصدِم علي لمرابط في مَعرض الخَوض في هذا الحديث، أنه حتى الموقع الرسمي للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات يُحيل على مِنصة “إبلاغ” التفاعلية التي طورها خبراء ومهندسي المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، وذلك كلما تعلق الأمر بالتبليغ عن المحتويات الرقمية الإجرامية!
فلو تَحمَّل علي لمرابط، نزرا قليل من الجهد، وقام بالبحث في الموقع الرسمي للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، لوجدها هي نفسها تحترم الاختصاصات القانونية والتنظيمية وتحيل على مصالح الأمن الوطني في كل ما يتعلق بالتبليغ عن الجرائم السيبرانية.
فهل تَكفي كل هذه القرائن والإثباتات لرَفع الغشاوة من على أعين علي لمرابط، ودفع طلاسم الجهل والشعبوية من على عقله، أم أن هذا الأخير مريض ومَهووس بالمغرب فزاده الله مرضا على مرض.





