الأخبارثقافة

عن علم السرقة ومهارات تشتيت الانتباه

الخط :
إستمع للمقال

يستخدم لصوص الجيوب ما هو أكثر بكثير من مجرد خفة اليد، إنهم يهاجمون مناطق الضعف التي تعتري أذهاننا.

وحسب جراحي الأعصاب، فإن أدمغتنا في العادة محمية من الوقوع في الخديعة، بفضل أجهزة الانتباه والتصور. ولكن في الحقيقة المطلب الأساسي لنجاح عملية السرقة ليس خفة الأصابع، ولكن المعرفة العملية بالثغرات الموجودة في أدمغتنا.

وعلى رأس هذه الثغرات حقيقة أن أدمغتنا ليست مهيأة للتركيز على أكثر من مهمة واحدة في وقت واحد. في كثير من الأحيان هذا في حد ذاته شيء جيد، حيث يساعدنا ذلك على انتقاء أهم ما يدور حولنا في هذا العالم.

لكن طبيبة الأعصاب، سوزان مارتينز كوندي، التي ألفت كتاب (خداع العقل)، تقول إن مخادعاً ماهراً يمكنه استخدام هذه المزية للدماغ ضدك. ولا شك أنها لا تقول ما لا تعرف، فهي كباحثة في مختبر علوم الأعصاب البصرية في أريزونا، تعكف على دراسة كيف يقوم أبوللو روبنز، أحد الحواة في لاس فيغاس، بممارسة خدع النشل على المسرح.

تقول كوندي: “عندما يطلب روبنز من بعض الناس من بين الجمهور الصعود إلى المسرح، يجعلهم ينظرون إلى شيء ما بينما هو يتكلم معهم، ويلمس أجسادهم، ويقترب منهم كثيراً، ويخلق جواً من التجاوب العاطفي في الوقت الذي يدخل إلى فضائهم الشخصي…إنها مسألة تركيز شديد”.

وهكذا تكون خفة اليد عاملاً مساعداً، لكن الأهم هو إشغال انتباه وتركيز الشخص بالكامل عن طريق القيام بحركات أخرى. نشالو الشوارع أيضاً يستخدمون هذا الأسلوب باصطناع وضع يشتت نظام تركيزنا الدماغي.

ومن الخدع التقليدية التي يستخدمها النشالون في كل أنحاء العالم أن يمر أحدهم من أمام الضحية وفجأة يتوقف ليصطدم به الضحية. في هذه الأثناء يقوم عضو آخر في عصابة النشالين يكون قريباً من المكان بالاصطدام بالاثنين معاً ويشرع في مشاجرة متعمدة مع النشال الأول.

وفي خضم هذه الجلبة يقوم أحدهما بسرقة ما يستطيع ويعطيه لعضو ثالث في العصابة، والذي بدوره ينسل مبتعداً عن المكان بما تم سرقته.

ويقول جيمز براون، الحاوي والمنوم المغناطيسي المقيم في بريطانيا: “يظن الناس أن المسألة هي تشتيت انتباه الشخص المراد سرقته بدفعه للنظر بعيداً، لكن الحقيقة هي توجيه الذهن نحو شيء ما”.

ويضيف: “فإذا أردت أن أجعلك تتوقف عن النظر إلى شيء ما على الطاولة، فمن السهل أن أصطنع سبباً ما يدفعك للنظر إلى شيء آخر”.

ويتابع براون: “إذا أعطيتك شيئين أو ثلاثة أشياء، وكان الشيء الذي أريد أن أصرف انتباهك عنه ليس من بينها، فإن ذلك أسلوب أكثر إحكاما، لأنك في هذه الحالة ستكون واقعاً في خديعة الاختيار بين أكثر من شيء”.

ويستخدم النشالون أساليب نفسية أخرى. فهم يختارون الأماكن التي توجد فيها يافطات مكتوب عليها “احذر النشالين”، لأن أول شيء يفعله الناس بمجرد قراءتهم لهذه اليافطة هو تفقد ما يحملونه من أشياء ثمينة للتأكد من وجودها في أماكنها (كالجيب أو المحفظة) وبهذا يعطون- دون أن يقصدوا- إشارة للنشال عن المكان الذي توجد فيه الأشياء القيمة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى