في خضم الكوارث المناخية.. هل تبعث الطاقات المتجددة الأمل في السنوات القادمة؟

شهدت سنة 2023 عدة انعكاسات وتغيرات مناخية قاسية وحادة حتى بات يمكن وصفها بـ”الكارثية”. تغيرات حققت فيها 2023 أرقاما قياسية غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم، بدءاً بالفيضانات المدمّرة في الهند واليابان وليبيا، مروراً بحرائق الغابات الواسعة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، وانتهاءً بالعواصف المدارية غير المسبوقة في شرق أفريقيا ونيوزيلندا والبرازيل.
إلا أنه ومقابل كل مظاهر الاحتدام المناخي هذه؛ حقق قطاع الطاقة المتجددة خلال 2023 طفرة وتطورات هائلة بالأسواق الرئيسية المتنافسة على الريادة، خاصة الصين وأوروبا والولايات المتحدة، مع ظهور ملامح أخرى للنمو شهدتها الاقتصادات النامية والناشئة. وبدوره؛ حقق المغرب أيضا تقدما ملحوظا في هذا المجال مؤكدا في عدد من المناسبات على ضرورة الانخراط في إنتاج الطاقة النظيفة والتوجه نحو اعتماد الهيدروجين الأخضر.
وارتباطا بذلك؛ أكد محمد بنعبو، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، أن الطاقات المتجددة تشكل نقطة أمل وتفاؤل نحو السنوات المقبلة لكبح سرعة وحِدَّة التغيرات المناخية، معتبرا أنها “أكثر مما هي نقطة أمان وبصيص أمل فهي تقدم الحلول الاستراتيجية التي نستطيع أن نتجاوز بها هذه الأزمة”.
وأشار بنعبو، في تصريح لـ”برلمان.كوم”، إلى أنه “إذا عدنا بحوالي خمس سنوات تقريبا؛ نجد أن ما كان قد تحدث عنه المغرب وذكره بالبند العريض هو مسألة الانتقال الطاقي العادل والمستدام لكي نستطيع تجاوز هذه الظرفية المناخية التي يعيشها كوكب الأرض مجملا”.
وشدد الخبير على أن “الانتقال الطاقي اليوم يبقى هو السبيل الوحيد للتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة. ويجب أن نعتمد على بدائل للوسائل التي لا تلوث فقط وإنما تبخر الغلاف الجوي وتؤدي بنا- في حال استمر هذا الاحترار العالمي- إلى انبثاق مجموعة من الظواهر المناخية المتفرقة منها الاحترار الذي يصيب عددا من المناطق أو الجفاف أو الإجهاد المائي وحرائق الغابات، الفياضانات العارمة التي تصيب مجموعة من الدول”.
مؤكدا: “نتكلم عن انتقال طاقي عادل يوفر لنا طاقة كهربائية نظيفة كبديل لمثيلتها التي ننتج اليوم في المحطات الحرارية التي تعتمد الوقود الأحفوري والفحم الحجري (..) كما نحتاج اليوم أن نمر لنقل مستدام وفلاحة مستدامة والصناعة خالية من الكربون”.
وفي ذات السياق؛ أكد خبير المناخ أن “المغرب أصبح اليوم رائدا في هذا المجال، وهذا ما أتبثته تقارير دولية صنفت المغرب ضمن العشر دول الإطار التي تشتغل من أجل تنزيل سياسة طاقية مستدامة على المستوى الوطني، والتي تستقطب شراكات مع جميع الدول، خاصة دول الشمال. وهذا الاستثمار الكبير الذي يشتغل عليه المغرب اليوم يمكن أن يحقق لنا هذا الأمن الطاقي سواء على مستوى الوطني أو على مستوى الدول الصديقة للمملكة”.
كما أشار بنعبو إلى أنه “في قمة المناخ الأخيرة بدبي (كوب 28)، رأينا أن الاهتمامات كلها اليوم أصبحت تتكلم عن الانتقال الطاقي، وحتى الشركات التي هي منتجة للنفط أو منتجة للوقود الأحفوري هي الأخرى تكلمت ليس فقط عن تخفيف انبعاثات الدفيئة الناتجة عن إنتاج الغاز الطبيعي والوقود الأحفوري، بل عن تقنيات مبنية على البحث العلمي من أجل أن نكون في هذا الركب”.





